المقاهي الدكتور خالد محمد عبدالغني - المقهى كفضاء سيكودرامي وملتقى للثورة في حب عتيق

عندنا أشهر رواية عربية تناولت المقهى وهي رواية الكرنك للعظيم نجيب محفوظ وزاد من شهرتها الرؤية السينمائية التي قدمها علي بدرخان الذي قال بتواضع أن العبقرية كانت للنص الروائي وذلك خلال مقابلة أجريتها معه 2019، وقد دارت أحداثها في مقهى الكرنك حيث يجتمع أبطال الرواية وهم مجموعة من رواد المقهى الدائمين . وهذا التشابه مع رواية "حب عتيق" لعلي لفتة سعيد([1]) موضع آخر للمناقشة غير هذا .
في المقهى يجلس عبيس وستار ونعيم ومحمود ونعمان وسعد مكونين مجموعة الرواد الأساسيين للمقهى والتي ستدور جلساتهم لتحقيق العلاج النفسي والتمهيد للثورة ، وهنا كان لكل واحد منهم قصته ومأساته في حبه العتيق ، وقد حكاها لنا وتعرفنا على تفاصيلها بدقة بجلسات السيكودراما داخل المقهي حيث الفضاء والأرض والديكور وحركة الممثلين القائمين بالأدوار والمخرج وهو الرواي أو – المؤلف - علي لفتة سعيد، والسيكودرما فنية علاجية جماعية لها جذور عربية قديمة أيام الدولة العباسية ، ولها جذور مصرية فرعونية أيضاوالسيكودراما كأداة تلقائية / إسقاطية فريدة، مكافئة للتداعي الطليق، لا في يد المشتغل بالتحليل النفسي على إختلاف تياراته فحسب، بل لكل معالج نفسي وطبيب نفسي وهي تقوم على التلقائية أي دون وجود نص سابق على الموقف التمثيلي وهذا ما قامت به مجموعة الأعضاء في هذه الرواية في ص 142: الظهيرة في المقهى ساكنة في مثل هذه الأوقات ، لكنها على غير العادة تعجّ بالروّاد كأن يوم الجمعة تناسل في الحياة وأضحى الفراغ متسيّدًا، فيلتهي الناس بلعب الدومينو والطاولي الذي عرف محمود اسمه باللغة النرد، حتى لو كان من أجل من يدفع حساب استكانات الشاي فلا يحسبون الأمر قمارًا. نهض الثلاثة من مكانهم ليجلسوا في عمق المقهى أمام الفتحة المطلّة على الساحة، كان العامل إبراهيم قد رشّ الأرضية ليأتي الهواء منعشًا بعض الشيء، وتتصاعد الرطوبة التي تعطي الريح الهابّة الخفيفة إنعاشًا جيدًا للجالسين بين أركان المقهى. سمعوا لغطًا يبديه الروّاد بين حديثٍ وضربات قطع الدومينو والمشاركين في التفرّج، وكلّ يتحدّث فيكون اللغط علامة من علامات اللامفهوم في الكلام، والذي يعبّر عن حنق الإنسان من واقعه، فلا يجيد الإصغاء، حتى لكأن المقهى يشبه حمّام نسوان مثلما قالها نعيّم مع دخوله ليستجدي، دائرًا بين الأرائك فلا يحصل على شيء، وقد ملّ الناس منه ومن طريقته في الاستجداء.
فالمقهى ملتقى قد يكون لتزجية وقت الفراغ أو لقضاء مصلحة ما، لكنه المكان، حيث الفراغ ولذا كان المقهى كفضاء سيكودرامي يصلح للعلاج النفسي بوجه عام لكل الناس في رواية "حب عتيق" لعلي لفتة سعيد وملتقى ثقافي يمهد للثورة العراقية في ص 132: ما أن قرعت ساعة الصباح من يوم الجمعة حتى التقى الناس مع بعضهم في المقاهي، لا أريكةً فارغةً وأغلب الروّاد يلعبون الدومينو أو الطاولي فيما راح بعضهم يلعب الورق وأشهر لعبة فيها ( الكونكان ). من يمرّ من أمام أيّ مقهى يسمع اللّغط والعناد والعتب والصراخ في بعض الأحيان بين اللاعبين. تبدأ مجموعات متراهنة للعب،لا لعبة بلا مراهنةٍ لدى البعض من الروّاد الذين أصبحوا معروفين في المدينة، ويشير لهم نعمان بأصابع الاتّهام، كونهم غير مسؤولين عن احترام الذات. يزعم نضاله من أجل حرية الفرد أمام أيّ شيءٍ يريده، ويقتنع به ما دام لا يؤذي الآخرين، لكن القمار كما سمعه محمود يؤذي اللاعب والعائلة. كانت الفلوس بعد انتهاء أيّة جولةٍ من الألعاب الثلاثة تنتقل من تحت طاولة اللاعبين أنفسهم فيصيح الرابح منتشيًا على صاحب المقهى:
- ( هات شايات حامضْ حَليبْ ).
فقد جاء زمان برزت فيه قلة من المقاهي حيث كانت تعج بحياة أدبية ونقدية بل ومعارضة سياسية وتمهيد حقيقي لفعل التغيير في ص 185 : لكنه أبقى عينه على يسار الطريق حيث مقهى أبي كاظم وحلقة نديم الحدّاد وجعفر العايد وعبد شمخي وهم ينسقّون أمورهم في كيفية التحرّك لمواجهة تنامي أفكار الحزب الشيوعي، مثلما يبتكرون طرق التخلّص من مطاردة الشرطة. فعملهم صار مفضوحًا وصوتهم ارتفع في إسقاط الحكم الملكي، وصاروا يشاركوا في تظاهرات ضد نوري السعيد وشعارتهم تداخلت معها الأحكام الاسلامية والآيات القرآنية.
ومثلما كان عندنا في مصر مقهى المسيرى بمدينة دمنهور قرب الإسكندرية، حيث تعقد اللقاءات لقراءة الأعمال القصصية والأشعار وما إليها، ومن عباءتها خرج العديد من كتاب القصة والشعراء، بل وفناني المسرح. وقد واكبت ظهورها وربما سبقتها "قهوة عبد الله بميدان الجيزة،. وهناك تجربة معاصرة في نهاية الستينات بمقهى "المختلط" بميدان العتبة (وهي على بعد خطوات من مقر المسرح القومي – مسرح حديقة الأزبكية الذي أسسه جوق أولاد عكاشة)، وكانت تجاورها – وأمام المسرح مباشرة – مقهى "متاتيا" التي كانت ملتقى لفناني المسرح ورواده وكبار الأدباء والفنانين منذ مطلع القرن 20 حيث قدم جزء من فضائها مسرحية "الخطاب" التي كتبها ناجي جورج ومثلها عبد الرحمن أبو زهرة، فقد كانت المقهى تغص بجمهور المشاهدين، وهناك مقهى "أسترا"، واشتهر فيها عبد الرحمن عرنوس ومن هذه المقاهي خرج اللحن الجنائزي الشهير صبيحة وفاة عبد الناصر "الوداع ... ياحبيب الملايين ... الوداع" يظهر في الرواية مقاهي أبي كاظم ومقهى عواد 211: والمقهى يعد واحدًا من المقاهي الكبيرة التي تقع على شارع البصرة حيث يمرّ من أمامه أغلب سكان المدينة. كان يقلب الأرائك ويغلق النوافذ بعد بدء صوت أذان الظهر من جامع الإسماعيلية الكبير، ويترك بابًا واحدًا. فيما يرى الناس ذات الوجوه في الداخل. أخبرهم بخطورة الوضع وأسئلة الناس ومعرفتهم بما يعقد من اجتماعات في الظهيرة التموزية. قرّروا ألّا يطول الاجتماع أكثر من ساعةٍ لاستلام التبليغات والتعليمات ومن ثم بالإمكان توصيل التبليغات كلّ في منطقته من قبل الأعضاء، حتى لا يبدو الأمر وكأن تنظيمًا حزبيًا يعصي أوامر الحكومة بعدم عقد الاجتماعات أو التجمعات سواء منها الحزبية أو غيرها.، و في مقهى عواد كان الزمن شبه متوقّفٍ على هيكليةٍ واحدةٍ. عواد يصغي بانتباهٍ الى أسئلة الناس وأجوبتهم وحواراتهم، فيجد في أغلبها ما يعين على جمع أفكارٍ وملاحظاتٍ وردود أفعالٍ وترقّب لما يأتي به التغيير إن كان سيكون مهمًّا، خازنًا في مفكّرته عدم إدراك الغالبية لما سيحصل بشكلٍ كاملٍ، وهو أمرٌ طبيعي ينتاب حتى المنظمّين الى الحزب والذين تأتيهم التعليمات لا يعرفون شيئًا مؤكّدًا، غير تلك الأخبار التي تشير الى وضع بغداد في غاية الخطورة منذ أن تمّ تغيير رئيس الوزراء الجديد، وربما عدّوه بدايةً لتغييراتٍ قد تحصل في البلاد وتقف وراءها دول كبرى.
. وفي ص 180 يعرض المؤلف لمقهى ابي كاظم : كان تفكير نعمان متوجّهًا الى مقهى أبي كاظم المطلّة على النهر، حيث يجتمع البعض لتنوير الناس بأحقيّة الفقراء. فيما كان هو ومجموعة أخرى يجلسون في مقهى عواد السيّد يتحدّثون عن ذات الأمر، وما يقلقه تنامي تلك المجموعة واتّساع شعبيتها رغم مطاردة الشرطة لهم في الآونة الأخيرة.المقاهي في المدينة صارت مكانًا للتجاذب الحزبي، وهو ما أرّق بعض الباحثين عن الهدوء والعيش بلا سياسة، مع تصاعد ظاهرة الحراك الحزبي، فهم يرون إن كلّ التحرّكات لا نفع منها، فتجارب العالم تفضي الى هكذا نتائج، وهو ما قاله رسول في إحدى النقاشات من أن الثورات جميعها تفشل، لأن الصراع على السلطة يكون مثل الذئاب، وذكّرهم بالمقولة التي تقول إن الثورات تأكل ابناءها. ولذا نبّه سعد من مثل هكذا أفكار تجعل الناس تنكمش ولا تتحرّك، ذاكرًا لهم إن الكثير من الأحزاب انبثقت من هذه المدن، وتأسّست ثم تحوّلت في تاريخها الى مدنٍ أخرى وشخصيات أخرى، كاشفًا من أن حزب البعث تأسّس في جنوب المدينة وهو الأمر الذي وسّع مريديه الى كلّ مدن الوسط والجنوب، مثلما كانت قبله أحزاب الاستقلال والأحرار والشعب والإصلاح وغيرها. وقد أسرى لهم بما سمعه اليوم أثناء تبضّعه الصباحي إن هذه الأحزاب تبحث عن السلطة وليس همّهم التغيير نحو الأحسن. وعلّمهم التاريخ أن أيّة جماعةٍ تؤسّس حزبًا تبحث عن كبش الفداء ليضحّي بدلًا عنهم ولا يتحمّلون هم سوى السجون.
سعد يضحك وهو ينقل ما دار من هذا حوار بينه وبين صاحب الرأي في الصباح، ومنها قوله الذي أطلقه بطريقة المزاح:
- ( يا ناس نريد نعيش ).
ولم يكن الأمر يخلوا من مخاطرة الإقناع بضرورة الاهتمام بالسياسة، وعدم القبول بما تفعله الحكومة وإن هذا خنوعًا، كان يردّ:
- (عشْنا وشفْنا وراح نشوف.. نحن وأولادنا وأحفادنا، والوضع هوَ هو ).
وهناك مقهى غضبان الذي دار فيه المشهد التالي ص 214الذي ينكشف فيه التغيير والعلاج النفسي الذي تحقق لبعض أبطال الرواية : كان نعمان لحظتها متّجهًا نحو مقهى غضبان للقاء صاحبيه سعد ومحمود، حيث وعدهم بتكملة الحكاية التي يريد نفثها ويرتاح، وربما يحوّلها الى قصّةٍ يربطها مع قصة هذا النضال في كتابٍ مستقلٍّ وضع له عنوانًا مؤقّتًا (رحلة العمر).حين سقط نظره على نعيّم وراح يتابعه باندهاشٍ وهو يمشي باستقامةٍ تثير الاستغراب. لم يكلّمه أوّل الأمر، ولم يكلّم عبيّس حينها حتى يتأكّد مما يراه بشكلٍ قطعيٍّ، حتى لكأن ما حصل في المقهى حين اقتحموه لم يكن كافيًا لمعرفة هذا التغيّر في تصرفات الثلاثة بشكلٍ عام ونعيّم بشكلٍ خاص. يتذكّر نعمان وفق مفهومه العلمي واطلاعه إن التغيّر أو التغيير يأتي بمعية حصول شيءٍ مفاجئ ليغيّر تركيبة العقل أو ما حصل له في سلوكٍ سابق، منها ما هو ثقافي ومنها ما يتّصل بتقدّم العمر أو حصول علاجٍ بمساعدة معالجٍ ليؤثّر على سلوكه. ولذا تساءل مع صاحبيه إن كان قد حصل شيءٌ لنعيّم داخل السجن أو لعبيّس فقد تغيّرت نبرتا صوتيهما وصارا أكثر هدوءًا، بينما ظلّ ستار على حاله فهو بطبيعته هادئًا خائفًا من كلّ شيء. فراح سعد يحلّل الأمر ويعتقد بحصول التغيير في السجن، لان نعيّم لم يكن وليد فقرٍ أو تربية أبناء الشوارع أو القاع الذي يفرّخ مثل هكذا أناسٍ يكونون أما متسوّلين أو يعملون في أماكن لا تحتاج الى أسوياء. كان محمود ينصت بشدّةٍ لهذه المعلومات التي يطلقها الاثنان عن شخصية نعيّم التي يزيدها سعد في تحليله بحصول ارتطامٍ بين واقعه الحالي وماضيه، وبين تصرّفاته المريضة، وما يريده من انعتاق يخلصه من هذه التصرفات، والواقع برمّته وربما تم ضربه على رأسه أو تعرض لتعذيبٍ ثم تهديدٍه بعدم البوح بما جرى له داخل السجن مقابل إطلاق السراح، ليؤكّد إن هذه أساليب السجون وحكومات العالم الثالث التي لا تحترم الإنسان
فلا غرابة في أن نعتبر أن الفضاء بذاته جزء من مكونات العمل الفني، الأمر الذي يوضحه دور عملية الإدراك الاجتماعي للفن حيث المناسبة والمكان (الفضاء) لهما اليد المعلاة للدلالة علي الفن في رباط وثيق لا يمكن فصمه، فإحدي الفرق التجريبية التي قامت بتقديم مشاهد درامية في المطاعم، وذلك عندمل تظاهر الممثلون بأنهم من مرتادي هذا المطعم أو ذاك، وتقوم بين زوجين منهم – على سبيل المثال - مشاجرة، وكان الهدف من ذلك كله دراسة تأثير العلاقة ما بين المكان والحدث، وهو ما يقدم مثالاً آخر لمشهد منودرامي لواحد من الممثلين المهمشين في "مسرح مترو الأنفاق" بلندن، والذي يلعب دور أحد المسافرين، وينقسم المشاهدون هنا إلى مجموعتين، تلكم الجماعة التي أتت لتشاهد العرض بشكل قصدي، وأولئك المسافرون الذين فاجأهم العرض ولم يكن هدفهم أن يشاهدوا من قبل. وهناك عروض تمت "في حلبة أو في سوق للجمال أو نواصي الشوارع أو مراكز التجمع أو المتاحف أو حتي حديقة للحيوان .....".
وهذا مشهد سيكودرامي يكشف عن التلقائية حيث الحضور للمقهى وليس في الذهب أفكار مسبقة ص 104 : جلس محمود بجوار سعد على الأريكة في مقهى عواد السيد، ووجههما باتجاه شارع البصرة يتطلّعان الى شيءٍ ما، يتقاسمان الصمت ريثما يأتي نعمانومن معه حيث ستنبثق من الجلسة فكرةٌ ما. لم يتوقّف محمود عن التفكير منذ إبلاغه بالموعد قبل ليلة. قال له سيكون لنا رأيٌ في جلسةٍ نعقدها ظهرًا في هذا المقهى تحديدًا، وقد انقضت ساعة ولم يأت نعمان ولا شيء في الرأسين سوى تضارب الأفكار. كلّ الى مسعاه في الهذيان.
ومثال آخر حين يتحقق التفريغ الانفعالي في ص 83 : في الظهيرة يعود عْبيّس وستار ليلتقيا أمام مقهى أبي كاظم فيلحقهما نعيّم حيث تكون حركة السوق راكدةً مع بدء صلاة الظهر. فتبدأ رهانات الثلاثة في الحديث عن بعض المصلّين وهم يشيرون بضحكٍ كبيرٍ لفلان المرابي، والآخر شارب الخمر ليلًا وذاك ناكح العاهرات ويصلّي مثل إمام جامعٍ، وذاك مختلسٍ وآخر ضرب أمه. ينتقدون من يتحدّث عنهم على إنهم كفرة لشربهم الخمر. مرّة ردّ ستار على أحد منتقديهم ونادرًا ما يردّ، لكنه وجد في كلام المنتقد إساءة لإيمانهم:
- ( أنا أكثر إيمانًا منّك لأن ما أسرق ولا أبوگ..وانْتَ تْصلّي وتْصوم وعينكْ على نسْوان الجيران وتْكذّب.. خلّيني أشوف* الله من اللي راح يدخله بالنار أنا المسكين أم أنْت الكذّاب؟).
ضحك عْبيّس حينها وطلب منه ألّا يتحدّث عن الأيمان أمامهم، لأن الجميع مفضوحون، وعليه اللّحاق بالصلاة بإمامة السيد يوسف. سمعهم جاجو الذي قال من داخل محله:
- ( ظلّوا أضحكوا على العالم بعبادتكم.. ولكن اعرفوا أن الله ما ينضحك عليه).
أراد محمود ممازحة جاجو فسأله أين يصلّي؟ فأجابه بجملةٍ لم يتوقّع أن يسمعها:
- ( مثل ما تصّلون بجوامعكم نحن نصلّي بكنيسْنَا.. طرق العبادة تختلف ).
وبعد تحقق الشفاء كانت المقهى مصدر متابعة الشفاء والدعم النفسي من خلال العمل النافع والمفيد والمؤدي للتغيير او الثورة ص 223 : استفسر ستار وهو يمسك عبيّس من عضلة يده اليسرى إذا ما كان بالإمكان العمل ليكون لهم صوتٌ داخل الاجتماعات في المقاهي؟ فعصبتهم لا تكفي. فأعجبت نعيّم الفكرة وزاد عليها بتوزيع المهام، عبيّس مع اجتماعات مقهى عواد وستار مع اجتماعات مقهى أبي كاظم. وسأله ستار:
- ( وِأنت أين يا فهيم العصر راح تكون في هذه المعادلة؟ ).
ولابد من الاستعداد للتغير وكان القرار داخل مقهى غضبان وفي جلسة سيكودراما من ممثل واحد هو نعيم ص 247 : وجد نفسه يعود أدراجه الى مقهى غضبان لينام على إحدى الأرائك، يلفّ ذراعه خلف رأسه لجعلها وسادةً تجعله يصفن في وجه السماء ليحسب النجوم. متذكّرًا تلك الليالي التي كان فيها يكلّم بدرية. رأى نفسه أصغر من الاحترام وكذلك رأى في العمر بقيّةً من توازنٍ هشٍّ، وثمة شيءٌ يحتاجه لكي يحصل التغيير بسلام. قال مع نفسه إن هناك أمرًا سيحصل وعليه التهيّؤ ليكون جزءًا منه، حينها يكون تغييره مقبولًا.
لم يشأ التفكير أكثر فقد أتعبته الأسئلة القافزة في رأسه، وحالته لن تهديه إجاباتٍ مقنعة.
وقف أمام الحائط تبوّل طويلًا ثم عاد الى الأريكة.

([1]) علي لفتة سعيد : حب عتيق . الهيئة المصرية العامة للكتاب . القاهرة . 2019.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى