محمد مصطفى العمراني - مؤامرة حمار !

في نهاية مرحلة الطفولة ودخولي مرحلة المراهقة عدت من المدينة حيث كنت أدرس هناك ، عدت إلى قريتنا كما يعود رائد الفضاء إلى كوكب الأرض يروي مشاهداته وانطباعاته بفخر وإعجاب مفرط بالذات ، تحلق حولي أطفال القرية أروي لهم عجائب المدينة وغرائبها وهم فاغري أفواههم دهشة لما يسمعون من الأشياء العجيبة والغريبة التي لم يشاهدوها بعد .
كنا في الوادي بعد الحصاد والناس يرعون مواشيهم في الحقول بعد حصاد الذرة وأنا مثل الطاووس مزهوا بنفسي وقد أراد أحد الفتيان وقد استبد به الحسد أن يجعلني أضحوكة فزعم أن المدينة قد أفسدتني ولم أعد قادرا على ركوب الحمار ، وتحداني أن نتسابق وإياه على الحمير وقبلت التحدي ، ولو كنت أعلم بما سيحدث لي ما قبلت هذه المغامرة ولكن كيف انسحب والفتيان حولي والبنات يرمقنني بنظراتهن ؟!
لقد أردت أن أتباهى أمام البنات وأفوز باعجابهن وأظهر أنني ابن المدينة وبطل الريف أيضا .!
وبالفعل قربوا لي أحد الحمير وامتطى الولد الآخر حمارا وبدأنا السباق وكان الولد ماهرا في ركوب الحمار فسبقني ولكني لم استسلم وقد ضربت حماري بعصا غليظة فأسرع وكدت اسبقه وكانت نتيجة الشوط الأول أننا تعادلنا فاستبشرت خيرا وعقدت العزم على أن اسبقه في الشوط الثاني .
وصفر الأطفال فانطلقنا كالفرسان على ظهور الحمير وكنا على توازي ، ولدى العودة وعندما كنا في موازاة الفتيات يبدو أن حماري مل من هذه المسرحية السخيفة التي نمثلها فألقاني أرضا ثم عاد ورفسني بقدميه عدة مرات وبحقد حتى مزق بذلتي الجديدة التي عدت بها من المدينة وتركني أنزف دما وتحول مهرجان السباق في المرعى إلى كارثة فقد غبت عن الوعي وحملوني وانا في الرمق الأخير إلى البيت لتلقي الإسعافات الأولية وبقيت لأسابيع أتوجع وأتألم وأتوعد الحمار بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وعقد العزم على قتله فقد مسح بكرامتي الأرض وجعلني أضحوكة للأطفال والبنات وبعد أسابيع بدأت أمشي على عكاز باحثا عن الحمار لانتقم لكبريائي فلم أجده ومرت أشهر وسنوات وبقي في ذهني سؤال:
طالما قد القاني أرضا لماذا عاد ورفسني ودعسني لمرات وبكل ذلك الحقد والغل ؟!
يبدو أنها مؤامرة قد حيكت ضدي وأن ذلك الحمار المجرم قد تآمر مع ذلك الولد الحاسد .!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى