حصاد القمح من الأعمال الشاقة لأنه يكون في شهر اللهيب وسنابل القمح لها غشاء مدبب لو لمس صفحة الوجه يعمل بها ما يعمل الموسي الحاد ، واليوم طويل من شروق الشمس لمغربها .
فكرت وتدبرت ، لماذا لا يكون الحصاد ليلا ؟
أقنعت أخي الأصغر بأن نعود للبيت لنلتقط أنفاسنا ونتناول الفطور ونأتي لنحصد حتى السحور .
حين عدنا قابلتنا موجةمن السخرية كسخرية الشعب من الجنود بعد الانسحاب من سيناء إبان النكسة ، ارتفعت السخرية إلى سقف عال وزايد الجميع ؛ فغلى الدم بعروقي وخبطت الطبلية بيدي : كل واحد يلزم حدوده انتو ليكم الأرض تتحصد ومن غير قلة ادب .
تناولنا الفطور كرجال محترمين وشربنا الشاي كشيوخ مكرمين و صلينا المغرب وسمعنا الدرس الديني بين المغرب والعشاء وصلينا العشاء خاشعين وصلينا التراويح مبتهلين ثم عدنا للبيت و برزت الكنافة وتناولنا ما شئنا وركبنا الحمار عاقدين العزم على الانتهاء من الحصاد لنكون حكايةالبلد وقواد ثورة الابتكار .
الطريق للحقل طويل وأنا أبث في قلب أخي الطمأنينة وألا يخاف من هذا الظلام الموحش بينما الرعب يتسرب من قلبي كماء يتسرب من مواسير زهر قديمة أكلها الصدأ .فاختلاط النقيق بالنباح بالصرير يصنع كوكتيلا من معزوفة رعب .
ما أن اقتربنا من أرضنا حتى وجدنا كل جيراننا يحصدون قمحهم فهتفت مفتخرا : شفت يا أحمد الناس اتسرب ليهم فكرتي وكلهم جم .. شايف علمناهم الشحاتة سبقونا على الأبواب . دب الأمان في قلب الصبي و ألقى السلام على الجيران فهللوا مرحبين و أصوات المناجل كقعقعة السيوف في ميدان معركة حامية الوطيس و الحمير حولهم بشكل لم نعهده ، فمن عادتنا ربط الحمير على رأس الأرض !
ولكني طمانت الفتى بأننا ليلا وقد خشوا ان يتركوها بعيدا فتسرق . اطمأن لتحليلي و بدانا الحصاد بحماس وفرحنا باعواد القمح الرطبة ليلا ولم نستمر في جديتنا طويلا حتى جاء أحد الجيران ووقف وراءنا وظل يطول يطول يطول حتى صار عملاقا ، أحمد يراه جيدا ولكنه يخشى إصدار أي رد فعل وأنا أراه جيدا ولكني اود أن أثبت لاخي أني غير عابىء .
الرعب الصامت يمسك بتلابيب قلوبنا حتى كادت أن تتوقف ينتظر كل منا أن الأخر كي يبدأ بالصراخ ، و فجاة وجدت حمارهم يقترب منا ويقترب حتى صار ت راسه أمامي والرعب يقتلع كلي اقتلاعا نظرت نحو أخي محذرا إياه بحدة : إياك أن تخاف نحن في رمضان والشياطين تصفد في رمضان . لم ينطق بل هز رأسه موافقا .
الحمار يقترب وصارت رأسه ملاصقة لجسدي ولون عينيه يتغير من الاسود للأخضر الأحمر ، صحت مرعوبا إجري يا أحمااااااد وظللنا نجري والله لا نعلم كيف ولا اعلم هل أخي خلفي أم أمامي ، وما إن ظهرت أنوار القرية حتى هدأ روعنا وبدأنا نلتقط أنفاسنا حتى وصلنا البيت .
نظر أخي الأكبر نحونا بدهشة : رجعتوا ليه ؟ خلصتوا ؟
قلت بثقة : الحوشة كلها في الغيط و شغالين وتقريبا هيخلصوا عالصبح .
سألني: مين يعني ؟
كلهم الجح إبراهيم و عم منصور وعم زكريا .
ياراجل معقول ؟
اي والله
وفين الحمار ؟
ما انا قلت نسيبه ياكل ونتمشى عشان نهضم .
في الصباح كنا بالطريق للحقل مطأطئي الرؤوس بعد فشلنا وما إن وصلنا حتى أصابنا الذهول فلم يكن عود قمح قد قطع من مكانه و وجدنا جيراننا يعملون ، يا إبراهيم يا منصور يا زكريا انتم مش كنتم هنا بالليل وشغالين ؟
نظروا نحونا بدهشة وسخرية وظلوا يتندرون علينا وظلت فضيحتنا قصة الحوشة حتى رحمنا الله وجاءت قصة جديدة تنسيهم قصتنا .
فكرت وتدبرت ، لماذا لا يكون الحصاد ليلا ؟
أقنعت أخي الأصغر بأن نعود للبيت لنلتقط أنفاسنا ونتناول الفطور ونأتي لنحصد حتى السحور .
حين عدنا قابلتنا موجةمن السخرية كسخرية الشعب من الجنود بعد الانسحاب من سيناء إبان النكسة ، ارتفعت السخرية إلى سقف عال وزايد الجميع ؛ فغلى الدم بعروقي وخبطت الطبلية بيدي : كل واحد يلزم حدوده انتو ليكم الأرض تتحصد ومن غير قلة ادب .
تناولنا الفطور كرجال محترمين وشربنا الشاي كشيوخ مكرمين و صلينا المغرب وسمعنا الدرس الديني بين المغرب والعشاء وصلينا العشاء خاشعين وصلينا التراويح مبتهلين ثم عدنا للبيت و برزت الكنافة وتناولنا ما شئنا وركبنا الحمار عاقدين العزم على الانتهاء من الحصاد لنكون حكايةالبلد وقواد ثورة الابتكار .
الطريق للحقل طويل وأنا أبث في قلب أخي الطمأنينة وألا يخاف من هذا الظلام الموحش بينما الرعب يتسرب من قلبي كماء يتسرب من مواسير زهر قديمة أكلها الصدأ .فاختلاط النقيق بالنباح بالصرير يصنع كوكتيلا من معزوفة رعب .
ما أن اقتربنا من أرضنا حتى وجدنا كل جيراننا يحصدون قمحهم فهتفت مفتخرا : شفت يا أحمد الناس اتسرب ليهم فكرتي وكلهم جم .. شايف علمناهم الشحاتة سبقونا على الأبواب . دب الأمان في قلب الصبي و ألقى السلام على الجيران فهللوا مرحبين و أصوات المناجل كقعقعة السيوف في ميدان معركة حامية الوطيس و الحمير حولهم بشكل لم نعهده ، فمن عادتنا ربط الحمير على رأس الأرض !
ولكني طمانت الفتى بأننا ليلا وقد خشوا ان يتركوها بعيدا فتسرق . اطمأن لتحليلي و بدانا الحصاد بحماس وفرحنا باعواد القمح الرطبة ليلا ولم نستمر في جديتنا طويلا حتى جاء أحد الجيران ووقف وراءنا وظل يطول يطول يطول حتى صار عملاقا ، أحمد يراه جيدا ولكنه يخشى إصدار أي رد فعل وأنا أراه جيدا ولكني اود أن أثبت لاخي أني غير عابىء .
الرعب الصامت يمسك بتلابيب قلوبنا حتى كادت أن تتوقف ينتظر كل منا أن الأخر كي يبدأ بالصراخ ، و فجاة وجدت حمارهم يقترب منا ويقترب حتى صار ت راسه أمامي والرعب يقتلع كلي اقتلاعا نظرت نحو أخي محذرا إياه بحدة : إياك أن تخاف نحن في رمضان والشياطين تصفد في رمضان . لم ينطق بل هز رأسه موافقا .
الحمار يقترب وصارت رأسه ملاصقة لجسدي ولون عينيه يتغير من الاسود للأخضر الأحمر ، صحت مرعوبا إجري يا أحمااااااد وظللنا نجري والله لا نعلم كيف ولا اعلم هل أخي خلفي أم أمامي ، وما إن ظهرت أنوار القرية حتى هدأ روعنا وبدأنا نلتقط أنفاسنا حتى وصلنا البيت .
نظر أخي الأكبر نحونا بدهشة : رجعتوا ليه ؟ خلصتوا ؟
قلت بثقة : الحوشة كلها في الغيط و شغالين وتقريبا هيخلصوا عالصبح .
سألني: مين يعني ؟
كلهم الجح إبراهيم و عم منصور وعم زكريا .
ياراجل معقول ؟
اي والله
وفين الحمار ؟
ما انا قلت نسيبه ياكل ونتمشى عشان نهضم .
في الصباح كنا بالطريق للحقل مطأطئي الرؤوس بعد فشلنا وما إن وصلنا حتى أصابنا الذهول فلم يكن عود قمح قد قطع من مكانه و وجدنا جيراننا يعملون ، يا إبراهيم يا منصور يا زكريا انتم مش كنتم هنا بالليل وشغالين ؟
نظروا نحونا بدهشة وسخرية وظلوا يتندرون علينا وظلت فضيحتنا قصة الحوشة حتى رحمنا الله وجاءت قصة جديدة تنسيهم قصتنا .