د. سيد شعبان - المتخفي!

يربض في مغارة تحفها أشجار كثيفة، يخرج منتصف الليل عند الدقيقة العاشرة؛ يفتح كتابا أصفر بليت حواشيه؛ يمسك بسبع حصوات ويتمتم بكلمات غريبة؛ يلقي بها في النهر؛ يدفع الموج بسمكة لا رأس لها، عند الضفة الأخرى عنزة مشقوقة الأذن اليسرى؛ قطة خضراء أعلى النخلة العجوز؛ تأتيه السمكة التي بلا رأس فيمد يده في جوفها فيمسك بكيس مملوء ذهبا؛ ينتشي طربا؛ يسرع به إلى مغارته؛ يكدس الذهب؛ يقضم شطيرة خبز محشو بلحم قنفذ؛ تبدو أسنانه كما أسنان منشار عتيق علاها الصدأ؛ يتغطى بجلد ثور؛ يحتسي كوبا من الماء؛ تنتفخ بطنه فيتمايل يمينا ويسارا؛ يتدحرج أشبه بالكرة يتقاذفها الصغار!
يتسلل من مغارته حاملا كيسا؛ ينعطف ناحية الطريق المؤدى إلى السكة الحديد؛ في غفلة من الركاب ينزوي إلى المقعد الأخير في القطار؛ يتناوم حتى لايطالبه محصل التذاكر؛ يختلس النظر إلى كيسه؛ يحتضنه في وله!
سيشتري بناية في قلب المدينة تعلوها أضواء الزينة؛ مؤكد أنه سيرتدي ثيابا لامثيل لها؛ لن يكرر ما يفعله منتصف كل ليلة عند الدقيقة العاشرة؛ لن يعرف أحد بأنه ساحر!
في المدينة كل منشغل بحاله؛ يهرون وراء الحافلات كما لو أن القيامة على موعد!
شدما يثير شهيته تلك الأطعمة؛ هؤلاء نسوة يجعلنه في خدر؛ سيشتري منهن الكثير؛ واحدة تداعبه وأخرى تطعمه وثالثة تساكنه؛ استعاذ بالله من شيطانه!
لايعرف له غاية!
لا لن يفعل!
يكفيه حمار يجوب به الكفور؛ يملأ جواله أرغفة من كل باب واحد؛ سيكون في يوم حديث الناس في كفر المنسي أبوقتب ذلك العائش في الحكايات يرددونها في زاوية شحاته الكيال تحت جميزة أوقمر!
نبحت وراءه كلبة ضالة؛ استلبت عقله؛ فالجوع قاتل سيما للجسد شهوات!
لامكان يأوي إليه سحبته إلى مغارته؛ سقته ماء الحياة؛ حين أفاق من سكرته؛ عبثا يبحث عن ذهبه؛ فغراب الشؤم كان قد زاره!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى