علي تيراب - لن أعيش في جلباب جدي

هكذا بدأت قصتي مع عدم البكاء
منذ نصيحة جدي ..
"الرجل الشرقي ذو الشارب الكبير"
حين قال لي:
ربما، يبكي طفل ..
ربما، تبكي طفلة ..
ربما، وبدرجة كبيرة أن تبكي امرأة متزوجة ..
وغالبا ما يبكي الرجل الذي "لا يملك شاربا" ..
ولكن كيف يبكي رجل يمتلك شاربا؟!
ولسوء حظي..
صرت وريث جدي الشرعي
ورثت نصيحتهُ لي
وشاربه الكث ..
و أرتالا من الأحزان ..
بدأ الأمر حين رحلت أمي..
أردت البكاء .. ولكنيّ تذكرت نصيحة جدي
حملت القلم..
كتبت لها على رسالة قصيرة ..
أحبك يا أمي
هل ستعودين بعد الظهر كعادتك!
إن كنت تنتظرين أن أبكي لكي تعودي..
فلا تتعبي مقلتيكِ عبثا
فأنا أملك شاربا،
وكما تعلمين لا يحق لي البكاء!
وحين قفزنا وصديقي المقرب في النهر ..
كنا نلعب، لعبة "من يخرج أولا يدفع ثمن الغداء"
خرجت وحدي لاهثا،
أتنفس بصعوبة بالغة..
خرج صديقي بعد عدة أيام بلا حراك "جنازةً"..
حُمل الجثمان إلى المقابر
سرت بجانبه
خطوة بخطوة
وأهلت عليه التراب
وحين انتهينا
عدت وحملت القلم مرة أخرى
وكتبت على الورقة
لمَ قد يبتلعك النهر ..
وانت الذي لا صديق لي غيرك ،
كيف يبتلعك النهر أيها النحيل
كنت لأدفع عنك ثمن الغداء!
لم أبك، فأنا ذو شارب كما يقول جدي..
حين رحل جدي
جدي،
الشامخ كالشجرة
القاسي كمشرط طبيب
الضاحك، كالخالد
"جدي البدوي البسيط ذو الشارب الكث"
حلقت حكمتهِ...
وقفت أمام المرآة
حملت الشيفرات ثم قمت بحلق الشارب اللعين
دخلت في نوبة من البكاء الطويل
بكيتُ...
أمي التي تأخرت في العودة،
بكيتٌ...
صديقي الذي أعجب جسده النحيل النهر
أكثر...
من بكيتهُ جدي..
وحكمتهُ الحمقاء.
شفرة حلاقة واحدة
وخلعت جلبابهُ عن كتفي!

علي المجينين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى