المقاهي بشير خلف - بِئْستْ بعْضُ المقاهي

عندما تقودك قدماك إلى إحدى المقاهي، فأنت تـنْشُدُ لحظاتِ نشْوة، واسترخاء مع صديق..أصدقاء.. مع نفسك، لحظات تعايش فيها واقع حياتك، يومياتك، ذكرياتك.. لحظات أُنْسٍ مع أصدقاء، مع زملاء عملٍ.
.. وأنت تـدْلُـفُ المقهى، وتقترب.. تُفاجأُ بعامل عابس الوجه، قد يكون منفوخ الحنْـكِ، مُخزِّنًا كتلة من الشّمّة، ينظر إليك وكأنّك متسوّلٌ، لا يبادرك بدبلوماسية حُسْن الاستقبال، لا يكلّمكْ، لا يستوضحك عن طلباتك، إنْ لم تُسارعْ بها أنت، قد تطلب قهوة، وفي مخيالك قهوة والدتك المُعدّة تقليديا في الجزوة، أو في" الإبريق" ممزوجة بنبات الشيح، وطحين القهوة، والسكّر معًا، أو في مخيالك القهوة التي تعدّها لك زوجتك، أو تعدّها بنفسك..
عامل المقهى يُضيفُ إلى عبوسه الضّغـط على ذراع الآلة، وكأنه يُمسك بذراع إقْلاع طائرة... فتتقاطر دمْعات القهوة في " كُويْس" بلاستيكيٍّ، يُوقــفُ نزولها في المُنْــصَفِ، ويضعُها أمامك، وكأنّها هديّةٌ ثمينةٌ منه، ويفْتَــكُّ منك أربعين دينارًا بالتمام، والكمال.. تتساءل في داخلك:
ــــ الماء.. الغاز.. الكهرباء.. حبات القهوة.. السكر.. أسعارها لم ترْتـفِعْ، خدمات المقهى بئيسة.. الكراسي حديدية، مُتْعِبةٌ... تطْـلب كاْسَ ماءً تُجاب بالنفْي، المرحاض مُغْـلقٌ، لا تدخُلُه مهما كانت حاجتُكَ إليه، حينها أنت مُضطرٌّ إلى التذلُّل إلى ذلك العامل، الفرعون..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى