فاطمة مندي - الزهراء

في عَراءِ الكلمات تطوى احلامي لليلة أخرى.. كلما كان يحين اللقاء عبر المربع الصغير على شاشة الحاسوب ، أنظر لعينيها بشغف مفرط، أتوسل الصمت فتنطقني الحيرة بشفاة ذابلة ، أغتنم الفرصة تلو الأخرى، اتمنى أن تطلب مني شيئاً لا أرغب فيه ، فكل ما لديها لم أجده ، فى غيرها من الورود ، لقد عربدت مع الورود ، مستمتعاً بروائحها وجمالها ، لم اكتف قط بوردة واحدة ، فلكل وردة عبيرها ورونقها ، إلى أن صادفتها ، انوثتها الصارخة حد الصمت ، عقلها الذى يفوق الأذكياء من الرجال ، ثقافتها المتنوعة ، تقربت منها بحذر ، ولهفه ، وشوق ، كانت عيناها ربيع امسيتي وخريفها ، كلماتي التي ترغب باللجوء اليها ، كم أحببت الخصام معها ، فكلما خاصمتها ، كلما أثارت كبريائي. في ربيع قاحل ...كانت هناك وردة حمراء ، اقطفها فتذبل قبل أن اصل إليها ، كانت ترميها في النيل ، فيتحول لون الماء، لم تكن وحدها من ترميها في عرض النهر، بل كانت ترمي ،كل ما يذكرها بي أعلام كانت قد رفعتها من أجلي ؛ لقبول هذا الحب.. حسناً قلت لها هذا ذات مساء، فقالت لي ... ليس كل الورود لها عطر، وليس كل الأشجار تثمر الفاكهة ، ربما أخر ما سأقص أو ارويه إليك من الحكايات، فحبك لي كان مجرد وردة حمراء ، تريد أن تقنعني لكي اقص عليك حكايات الشتاء.. قلت لها.. لكنها كلمة واحدة.. احبك. قالت لي.. لا تقنعني ، فأنا اعرف عطر الورد، فمن الورود ما ينقع سماً. قلت لها.. ومن يقص علي الحكايات من بعدك.؟. لم تجب على سؤالي ، وقد أغلقت بابها الفضي عبر كاميرة الحاسوب، وراحت تهز برأسها ، وتدندن كما لو انها جنت ، رحت أنظر إليها ، علها تعود أو تهمس عبر المربع الأحمر الصغير علي شاشة الحاسوب أو تهمس لي بلقاء اّخر، تمنيت أن يتلون المربع بالضوء الأحمر ، لكنها باتت تتلاشى في الأفق البعيد ، فقد عبرت البحار والوديان والجبال والسهول والهضاب ، وأنا أنظر إليها حتى اصبحت وردة حمراء تقطر من جراحها دماء ، وتلاشت كغبار سجائرى فى الهواء ، انزويت تجلدنى حكاياتى مع الورود الكثيرة التى كنت اقطفها واشم عبيرها ، صفعنى كبريائها ، قتلت غرورى وايقظت خافقى ، بعد رحيلها الذى لن يعود ؛ بعد جلد مشاعرى بسياط كبريائها ، حقاً هى تستحق لقب الزهراء..
فاطمةمندي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى