ميشال سعادة - عَاشِقَانِ

‏وَالنَّهرُ يَجرِي
عَاشِقَانِ _
‏يَغلِفُنَا ضَبَابٌ خَفِيفْ
‏غَابَةٌ تُسَوِّرُ مَلقَانَا
‏وَمَسَاءٌ عَتِيقٌ .. عَتِيقْ
‏صَفصَافٌ تَتَرَاقَصُ أَورَاقُهُ وَحَفِيفْ
‏يُصَفِّقُ لِرِيحٍ تَحمِلُنَا صَوبَ نَهرٍ
‏لا زَالَ يَجرِي
‏يَغسِلُ أَقدَامَ شَجَرٍ
‏يَصطَفُّ احتِفَاءً بِشَمسٍ خَجُولْ
عَاشِقَانِ نَحنُ _
‏عَطَفنَا إِلى نَهرٍ
‏عَلَى جَنَاحِ عَاطِفَةٍ عَاصِفَهْ
‏تَهِبُّ تَدفَعُنَا
‏نَتَمَاهَى مَعَ الحَورِ
‏عَلَى مِعطَفَينَا رَذَاذٌ وَنِثَارْ
‏عَلَى شَفَتَيهَا بَقَايَا مَطَرٍ
‏يَحمِلُنِي إِلَيهَا
‏نَغِيبُ مَعًا فِي اخضِرَارٍ
‏يُومِئُ إِلَينَا
‏أَنِ استَفِيدَا مِن شَوقٍ قَدِيمْ
‏أَشبِعَا جُوعًا دَفِينْ ..
كَانَتِ الرِّيحُ لنَا مَلعَبًا
‏وَالنَّهرُ مِرآةً
‏وَصُوَرًا تَتَرَقرَقُ عَلَى المِيَاهْ
‏كَانَت شَفَتَاهَا بُرعُمًا رَطبًا
‏وَالشَّجَرُ الشَّاهِدُ يَنَامُ فِي مَاءِ عَينَيهَا
‏نَذُوبُ مَعًا كَنَسِيمٍ يَغسِلُ اللَّيلَ
‏يُوَشِّحُ الصَّخرَ بِالنَّدَى
‏يُنعِشُ الحَجَرْ ..
عَاشِقَينِ _
‏ كُنَّا
لا زِلنَا
‏وَالأُفقُ مَدَانَا
‏يَتَألَّقُ لِمْ يَرَانَا
‏لِمْ يَرَانِي بَينَ نَهرَينِ هَائِجَينِ
‏كَشَوقِ يَدَينَا إِلى اكتِشَافِ
‏ما خَفِيَ عَلَيهَا
‏وَبَانَ عَلَيَّ ..
عَاشِقَانِ _
‏هَادِئَانِ تَارَةً
‏مُشَاغِبَانِ طَورًا
‏كَعُصفُورَينِ يَنزَوِيَانِ
‏يَكتَشِفَانِ الحُبَّ لأَوَّلِ مَرَّهْ
‏وَمِن ثَمَّ _
‏يَطِيرَانِ عَلَى جَنَاحِ التَّسبِيحِ
‏والغِنَاءْ
‏يَتَحَدِّثَانِ عَنَّا
‏للرِّيحِ .. للقَصَبْ
‏لاخضِرَارٍ مَشحُونٍ بِعَافِيَةِ النَّمَاءْ
‏لِزَهرٍ سَقَاهُ البَاري وَاستَرَاحَ
‏عَلَى مَرأَى البَهَاءْ
‏لِشَذًى يَتَدَفَّقُ
‏عَاطِرًا بِدِفئِنَا وَنَجوَانَا ..
عَاشِقَانِ _
‏والنَّهرُ صَدِيقٌ رَقِيقْ
‏والطَّرِيقُ
‏اعشَوشَبَ الطَّرِيقْ
‏مَتَى نُشعِلُ النَّارَ بَينَنَا
‏وُيَزهُو اشتِعَالُنَا المُرجَأُ ؟
‏مَتَى أحلامُنَا _
‏عَن وَجهِهَا تَكشَحُ الرَّمَادْ ؟
‏مَتَى لِجُرحٍ يَلتَئِمُ
‏لِوَردٍ يَنمُو دُونَ رَصَاصٍ وَغُبَارْ
‏مَتَى لامرَأَةٍ تَجِيءُ بِثَوبِهَا المُزَكَشِ
المُوَشَّى ؟
أَنَا الذي عَلَى انتِظَارٍ دَائِمٍ
‏مَا كانَ عِندِي _
‏لَن يَكُونَ سِوَى حُلُمٍ
‏يَحمِلُنَا عَلَى رَاحَتَيهِ
‏يُوقِظُنَا مِن نَومٍ عَمِيقْ
يَا امرَأَةً _
‏شَمَمتُ أَرِيجَهَا المُتَنَاثِرَ
‏في بَيرُوتَ
‏وَعَلَى جَنَبَاتِ الطَّرِيقْ
‏بِاللَّهِ عَلَيكِ _
‏هَل نَحنُ في وَطَنٍ جَرِيحٍ
‏يَندَثِرُ .. يَضِيعْ
‏أَم فِي أُمَّةٍ مُنكَسِرَةٍ مُمَزَّقَهْ ؟
‏مَتَى يَضحَكُ الحَجَرْ
‏وَلا يَئِنُّ البَشَرْ ؟
‏مَتَى ؟..
‏ثُمَّ مَتَى يَعُودُ اليَمَامُ
‏إِلى سَاحَاتٍ تَضِجُّ بِالتَّرَانِيمِ
‏فَلا كِتَابَةَ تَبكِي
‏أَو تَنُوحُ
‏وَلا غَيمَ يَحمِلُ الدَّمَ وَالهَمّْ ؟
مَتَى يا امرَأَة _
‏يَلُفُّنَا وِشَاحُكِ وَشَذَى جَسَدٍ مٍعَطَّرٍ
‏مَبلُولٍ بِقَصِيدةٍ تَشَبَّعَتْ
‏مِن رَوَائِحِ الشَّجَرِ العَارِي ؟
‏مَتَى تَطرُقِينَ بَابِي
‏يَلِينُ صَخرٌ
‏يَستَفِيقُ نَهرٌ
‏يَنحَنِي بَدرٌ
‏إِحتِفاءً بِشَظَايَا مَاضٍ جَرِيحْ
‏ما كانَ إِلَّا حَاضِرًا عَلَى ثَغرِ وَردَهْ
‏يَجتَاحُنِي ..
‏يُحَرِّرُنِي مِن أوهَامٍ
‏يَحمِلُنِي إِلى خُطَى امرَأَةٍ
‏بَينَ الشَّجَرْ
‏تَحتَ المَطَرْ
‏ضَوَّأَتْ حُرُوفِي
‏بِلا قَندِيلٍ
‏بِلا نَجمٍ
‏بِلا مَنَارَهْ
‏وَلَم تَكتَمِلَ القَصِيدَهّ
‏شَأنُهَا شَأنُ هَذِي القَصِيدَهْ

ميشال سعادة
‏السبت 16/4/2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى