محمد محمود غدية - عازف الكمان العجوز

وجهها فى لون سنابل القمح، عيناها، فيهما بريق دافىء مضيء وباهر، لايصمد أمام بريقهما أعتى الجبابرة، روحها لا تعرف الذبول، نبيلة وطيبة وأصيلة، تتهادى بكل أناقة على أوتار المساء، عطرها ينتشر فى الأجواء، تعيد ترطيب طاولات الفرح، للفارس القادم تنتظره بباقات الورد، وتغزل له أثواب الصباح، طراوة روحها تحميها من الصدمات المفاجئة، المدهش أن هذا العالم بكل مافيه من مشكلات وإنقسامات وحروب، يظل جميلا فى عينيها، كن جميلا ترى الوجود جميلا، وأبدا لا يغيب وجهها الغارق فى الصفاء، ترقب السفن وحلمها البعيد، تبتسم لجرأة الحب الذى إقتحم قلاعها الحصينة، وأطلق أشرعته نحوها، وخدش مرآة قلبها الذى يعيش على ضفاف الوداعة، حبيبها أجهده الطيران فى ليل الرماد الطويل، ترى فى آى البلاد أفرغ حقائب الشجن ؟
مئات الحشرات الصغيرة تفترس روحها اللينة، جسدها الغض يوشك أن يغادر هيكله،
العازف الغير مبصر العجوز وآلته ممزقة الأوتار، مازال يعزف موسيقات الرحيل والغياب، يحمل الشموع الموقدة فى يده، حين سألوه ماحاجته للنور وهو الغير مبصر، أجاب إنها للمبصرين حتى لا يصطدموا بغير المبصر،
كتبت للغريب منذ سنوات بعيدة أن يعود، وهى المشوقة إليه شوق الظمآن للماء، ضل ساعى البريد العنوان،
حين طال الغياب وتمدد الوجع، إرتدت أوشحة الرحيل التى فى لون النهار وغابت،
تتعاقب الفصول وتطوى السنوات،
ويعود الغريب بعد أن كسرته الغربة،
وشح منه البصر، الغريب رغم إصطدامه المتكرر بعازف الكمان العجوز لا يراه، والعجوز أنكر معرفتة بالغريب، رغم صداقتهما والجوار .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى