يبدو أن مزيدا من الوقت يكفي لأخبركم بتلك الأزمة التي تناقل الناس أسبابها؛ ففي تلك النواحي لايمكن لأمر مثل هذا أن يمضي دون أن تتلقفه الآذان، يكتفون بكسرات خبز تعاركت مع الأيام ومن ثم يمضغون هذه الأقاويل؛ تعلمون أنني بعيد عن هذه الترهات منذ زمن، أسكن في بيت ناء، تمر بنا باعة الصحف مطلع كل شمس.
أرتشف بعضا من قطرات الشاي ممزوجة بقطع من خبز أمي، أتسمع الإذاعة في فقراتها الصباحية؛ أملأ رئتي من الهواء المندى؛ رغم أن تلوث المدينة لم يترك مكانا إلا وأسدل عليه السحب السوداء.
مثل إنسان آلي أجيء وأروح لاتفارق خطواتي عقارب الساعة.
أمتنع عن المشاركة في نقاش؛ أتحسس لساني دائما؛ فعملي في تلك البناية العتيقة يوجب علي التحفظ في كلامي ويستدعي التأنق في ملابسي؛ كانت أمي تردد دائما أمامي: إنني رجل السلطة ولايحق لرجالها أن يتناولوها بسوء؛ إن تكلمت- وهذا نادرا ما حدث- أثني على جهودها في توفير الخبز لتلك الملايين.
أتحسس حافظة نقودي فأجدها ترفع يديها إلى الله.
أتصفح عناوين الأخبار؛ أختلس قراءة الإعلانات المبوبة؛ أطالع صفحة الفن؛ يبدو أن هؤلاء النسوة يسكن في أماكن بعيدة عن باب الخلق.
في جهة من تلك المدينة تقبع تلك البناية العتيقة؛ تدق الساعة الثامنة وأنا أوقع بقلمي في دفتر الحضور والانصراف، قبل أن أدلف من بوابته أكون قد مررت برحلتي اليومية؛ ففي باب الخلق ذلك الميدان الذي شاخ وتآكلت أطرافه؛ مر عليه قوم وراء قوم؛ من بلاد شتى، والآن ينطوي مثل عجوز يودع آخر أيامه،
تربض عربة الفول في جانب من الرصيف؛ يتجمع حولها عمال اليومية والموظفون وطلبة الجامعات، إنهم يلتهمون حبات ممزوجة بالزيت الحار مع شيء من ماء قليل؛ وجبة الصباح تلك يعتمد عليها سكان المدن.
يلتهمونها بأرغفة الخبز الشهية- التي تختلس من وجبات الدعم- أعواد من الخضروات قطع من الطماطم؛ تدور حولهم قطط سمان؛ بعضها يختفي وراء النظارات السوداء.
نسيت أن أخبركم عن هذه الأزمة الطارئة التي تناقلها الناس" رجل من القطط السمان يمتلك نصف عربات الفول"
جهة الرقابة أثبتت أن تلاعبا في البورصة جرى بشأن استيراد شحنات الفول!
تم التحفظ على حساباته السرية؛ ترى هل سيجد كل هؤلاء المارين بباب الخلق وجبتهم الصباحية؟
ما البديل لهذه الحبات؟
بعضهم يقترح طبق حساء العدس؛ برامج الرغي المسائية تستضيف خبراء يناقشون تأثير تلك الأزمة؛ حبات البازلاء هل تصلح لأن تكون عوضا عنها؟
حمدت الله أنني امتنعت منذ ما يقارب الأسبوع عن تعاطي تلك الحبوب؛ بدأت الأحلام تزروني في منامي؛ اتسعت خزانة أوراقي المالية؛ لم تعد تلك الهلاوس تجتاحني ليلا؛ أقوم عند منتصف الليل وأجد حذائي بالقرب من مدخل الباب، اختفى الفأر الأسود الذي طاردني ذات ليلة؛ لقد تبين لي أن وراء تلك الوجبة حالة من الوخم تسيطر على الناس في باب الخلق.
ثمة تحذير بأن حبات الفول تلك لاتصلح للاستخدام الآدمي؛ تكمن خطورتها بأنها تترك طبقة من البلاهة في عقول متعاطيها؛ تجعلهم يرون الأشياء ثلاثية الأبعاد؛ الأشجار تتراقص؛ والنسوة تتدلى في صخب سيرك ليلي؛ يخلطون ماء النهر بالليمون المعطر؛ تتحرك العصافير على أربعة أرجل؛ ينبت للرجال شعر كثيف أسفل أجفانهم يبدون مثل كائنات متوحشة تسكن كهوف قبائل الأقزام في أدغال إفريقية.
تحذير وراء آخر يخوف الناس من تلك الحبات باهتة اللون.
أحد الذين طالت لحاهم كثيرا يراها ذتبا يجب الامتناع عنه.
كثير من الزوجات لم تنمن بما فيه الكفاية؛ كيف لهن إطعام أطفالهن وسد جوعهم؟
عراك ليلي كان ضحيته الأزواج الذين عجزوا عن اقتناص بضعة حبات، إنهم كسالى لدرجة أن القطط السمان اختزنت منها كميات وفيرة.
يتناقل التجار حبات الفول خلسة؛ لم تجد جهة الرقابة مفرا من أن تتولى هي توزيع حبات الفول المدعومة؛ لجأت إلى حيلة ماكرة؛ أن تكون الحبة ذات شطرين، بذلك تضمن أن يظل الناس في باب الخلق يرون الأشياء ثلاثية الأبعاد؛ ومن ثم تتفرغ هي للعب مع القطط السمان ويجري بعضهم وراء بعض في الأماكن السرية.
أخبرتكم أنني كما قالت أمي أمتلك رابطة عنق ونظارة سوداء؛ لذلك اعتبرني الجيران الذين يعتاشون على صحن الفول أحد الوجهاء الذين ينبغي أن يحتازوا كمية منه تزيد عن نصيبهم؛ لأن الناس كما تعلمون درجات!
صباح اليوم صدر من غير توقع مني نهيق؛ تلفت كل مكان فلم أجد أحدا غيري يجوب ميدان باب الخلق!
أرتشف بعضا من قطرات الشاي ممزوجة بقطع من خبز أمي، أتسمع الإذاعة في فقراتها الصباحية؛ أملأ رئتي من الهواء المندى؛ رغم أن تلوث المدينة لم يترك مكانا إلا وأسدل عليه السحب السوداء.
مثل إنسان آلي أجيء وأروح لاتفارق خطواتي عقارب الساعة.
أمتنع عن المشاركة في نقاش؛ أتحسس لساني دائما؛ فعملي في تلك البناية العتيقة يوجب علي التحفظ في كلامي ويستدعي التأنق في ملابسي؛ كانت أمي تردد دائما أمامي: إنني رجل السلطة ولايحق لرجالها أن يتناولوها بسوء؛ إن تكلمت- وهذا نادرا ما حدث- أثني على جهودها في توفير الخبز لتلك الملايين.
أتحسس حافظة نقودي فأجدها ترفع يديها إلى الله.
أتصفح عناوين الأخبار؛ أختلس قراءة الإعلانات المبوبة؛ أطالع صفحة الفن؛ يبدو أن هؤلاء النسوة يسكن في أماكن بعيدة عن باب الخلق.
في جهة من تلك المدينة تقبع تلك البناية العتيقة؛ تدق الساعة الثامنة وأنا أوقع بقلمي في دفتر الحضور والانصراف، قبل أن أدلف من بوابته أكون قد مررت برحلتي اليومية؛ ففي باب الخلق ذلك الميدان الذي شاخ وتآكلت أطرافه؛ مر عليه قوم وراء قوم؛ من بلاد شتى، والآن ينطوي مثل عجوز يودع آخر أيامه،
تربض عربة الفول في جانب من الرصيف؛ يتجمع حولها عمال اليومية والموظفون وطلبة الجامعات، إنهم يلتهمون حبات ممزوجة بالزيت الحار مع شيء من ماء قليل؛ وجبة الصباح تلك يعتمد عليها سكان المدن.
يلتهمونها بأرغفة الخبز الشهية- التي تختلس من وجبات الدعم- أعواد من الخضروات قطع من الطماطم؛ تدور حولهم قطط سمان؛ بعضها يختفي وراء النظارات السوداء.
نسيت أن أخبركم عن هذه الأزمة الطارئة التي تناقلها الناس" رجل من القطط السمان يمتلك نصف عربات الفول"
جهة الرقابة أثبتت أن تلاعبا في البورصة جرى بشأن استيراد شحنات الفول!
تم التحفظ على حساباته السرية؛ ترى هل سيجد كل هؤلاء المارين بباب الخلق وجبتهم الصباحية؟
ما البديل لهذه الحبات؟
بعضهم يقترح طبق حساء العدس؛ برامج الرغي المسائية تستضيف خبراء يناقشون تأثير تلك الأزمة؛ حبات البازلاء هل تصلح لأن تكون عوضا عنها؟
حمدت الله أنني امتنعت منذ ما يقارب الأسبوع عن تعاطي تلك الحبوب؛ بدأت الأحلام تزروني في منامي؛ اتسعت خزانة أوراقي المالية؛ لم تعد تلك الهلاوس تجتاحني ليلا؛ أقوم عند منتصف الليل وأجد حذائي بالقرب من مدخل الباب، اختفى الفأر الأسود الذي طاردني ذات ليلة؛ لقد تبين لي أن وراء تلك الوجبة حالة من الوخم تسيطر على الناس في باب الخلق.
ثمة تحذير بأن حبات الفول تلك لاتصلح للاستخدام الآدمي؛ تكمن خطورتها بأنها تترك طبقة من البلاهة في عقول متعاطيها؛ تجعلهم يرون الأشياء ثلاثية الأبعاد؛ الأشجار تتراقص؛ والنسوة تتدلى في صخب سيرك ليلي؛ يخلطون ماء النهر بالليمون المعطر؛ تتحرك العصافير على أربعة أرجل؛ ينبت للرجال شعر كثيف أسفل أجفانهم يبدون مثل كائنات متوحشة تسكن كهوف قبائل الأقزام في أدغال إفريقية.
تحذير وراء آخر يخوف الناس من تلك الحبات باهتة اللون.
أحد الذين طالت لحاهم كثيرا يراها ذتبا يجب الامتناع عنه.
كثير من الزوجات لم تنمن بما فيه الكفاية؛ كيف لهن إطعام أطفالهن وسد جوعهم؟
عراك ليلي كان ضحيته الأزواج الذين عجزوا عن اقتناص بضعة حبات، إنهم كسالى لدرجة أن القطط السمان اختزنت منها كميات وفيرة.
يتناقل التجار حبات الفول خلسة؛ لم تجد جهة الرقابة مفرا من أن تتولى هي توزيع حبات الفول المدعومة؛ لجأت إلى حيلة ماكرة؛ أن تكون الحبة ذات شطرين، بذلك تضمن أن يظل الناس في باب الخلق يرون الأشياء ثلاثية الأبعاد؛ ومن ثم تتفرغ هي للعب مع القطط السمان ويجري بعضهم وراء بعض في الأماكن السرية.
أخبرتكم أنني كما قالت أمي أمتلك رابطة عنق ونظارة سوداء؛ لذلك اعتبرني الجيران الذين يعتاشون على صحن الفول أحد الوجهاء الذين ينبغي أن يحتازوا كمية منه تزيد عن نصيبهم؛ لأن الناس كما تعلمون درجات!
صباح اليوم صدر من غير توقع مني نهيق؛ تلفت كل مكان فلم أجد أحدا غيري يجوب ميدان باب الخلق!