ينتظر عم حسن كل يوم، تمر الأيام ثقيلة الوطء واللحظة لم تأت بعد!
أنظر إليه دبر كل صلاة، أود أن أبوح له بكلام كثير، أسترسل معه في حديث الفضفضة، المؤانسة، التسرية، الشجاعة تخذلني، تثبط عزمي، تكبح جماحي، ترديني سكوناَ مرتبكاَ، أخشى أن يظن بي التطفل، فربما المغالاة في التعاطف يُساء فهمها!
فأتراجع، أهرول هارباَ من المسجد وهواجسي، أأرثيه؟ أأتراجع ثانية؟
أتريث قليلاَ؛ فلم يمت له أحد حتى الآن.
تربكني الحيرة، أعود ثانية، وما بين الوصول والعودة تراودني الأفكار:
أأشد على يده؟
يا عم حسن تقًبل الله.
لماذا لم تصل بالأمس؟
صليت ولكن في مسجد غير المسجد.
هيئة الرجل تنم عن التعب والهدد، تؤكد أن التأرجح ما بين الأمل واليأس مزق نفسه، والخور ثقب وجدانه؛ أي نعم قبل كل صلاة تجده واقفاَ رافعاَ يديه لأعلى، يدعو، ثم يدعو؛ يجوب في مخيلته آفاق الكون، يلتمس من العلي القدير الأجابة، تتغمده الثقة في براءة ابنه الذي لا أعرفه ولا يعرفني، ككل أب لا يرى في فلذة كبده نقيصة، حفرت تضاريسه الندوب، علًتها البثور، كان لوقت قريب رائق البياض والاستواء، والآن أمسى ثوباَ مهترئاَ، تحتله رتوق أنامل مرتجفة لا تجيد الحياكة، فما أيشع آثار القهر والهوان!
اليوم وفي لحظة مجهولة النسب رن هاتفه، رجف فؤاده، يفقده النطق، قلبه يرهف، يضطرب، يختلج رهابه، ترشقه كلمات من قلب قاس:
تعال لتستلم جثة أبنك.
يتهاوى، ينتفض واقفاَ، يتلعثم، تنهمر دموعاَ علقمية، تذهب الدنيا وتجيء، أصوات مزعجة تنخر أذنيه؛ ربما شُبه له!
عصام الدين محمد أحمد
أنظر إليه دبر كل صلاة، أود أن أبوح له بكلام كثير، أسترسل معه في حديث الفضفضة، المؤانسة، التسرية، الشجاعة تخذلني، تثبط عزمي، تكبح جماحي، ترديني سكوناَ مرتبكاَ، أخشى أن يظن بي التطفل، فربما المغالاة في التعاطف يُساء فهمها!
فأتراجع، أهرول هارباَ من المسجد وهواجسي، أأرثيه؟ أأتراجع ثانية؟
أتريث قليلاَ؛ فلم يمت له أحد حتى الآن.
تربكني الحيرة، أعود ثانية، وما بين الوصول والعودة تراودني الأفكار:
أأشد على يده؟
يا عم حسن تقًبل الله.
لماذا لم تصل بالأمس؟
صليت ولكن في مسجد غير المسجد.
هيئة الرجل تنم عن التعب والهدد، تؤكد أن التأرجح ما بين الأمل واليأس مزق نفسه، والخور ثقب وجدانه؛ أي نعم قبل كل صلاة تجده واقفاَ رافعاَ يديه لأعلى، يدعو، ثم يدعو؛ يجوب في مخيلته آفاق الكون، يلتمس من العلي القدير الأجابة، تتغمده الثقة في براءة ابنه الذي لا أعرفه ولا يعرفني، ككل أب لا يرى في فلذة كبده نقيصة، حفرت تضاريسه الندوب، علًتها البثور، كان لوقت قريب رائق البياض والاستواء، والآن أمسى ثوباَ مهترئاَ، تحتله رتوق أنامل مرتجفة لا تجيد الحياكة، فما أيشع آثار القهر والهوان!
اليوم وفي لحظة مجهولة النسب رن هاتفه، رجف فؤاده، يفقده النطق، قلبه يرهف، يضطرب، يختلج رهابه، ترشقه كلمات من قلب قاس:
تعال لتستلم جثة أبنك.
يتهاوى، ينتفض واقفاَ، يتلعثم، تنهمر دموعاَ علقمية، تذهب الدنيا وتجيء، أصوات مزعجة تنخر أذنيه؛ ربما شُبه له!
عصام الدين محمد أحمد