محمد محمود غدية - حقبة عمر

منحته الشمس أشعتها فى مودة حارة ودفء غير متناهى، لم يغير من طقوسه منذ رحيل زوجته المفاجئ دون مرض،
المقهى القديم ونفس المقعد والطاولة وحل الكلمات المتقاطعة، يعيش دونها حياة جافة معلبة، لا شئ سوى أصص الزرع فى شرفته، يبادلها الحكايات، حتى لا يلتهم الجفاف روحه اللينة، هضيم الوجه، أسمر البشرة كطين النيل الرائق، واسع العينين شرديهما حالك الشعر، مع آخر رشفة من فنجان قهوته تستكين كآبته، صدره حقيبة مغلقة، يمضغ أحزانه فى ترفع وشموخ، رآها وهو يسقى الزرع بنافذته، بعد غياب سنوات كانت حبه الأول والآخير، فرق الأهل بينهما، وعاش كل منهما،
زواج الضرورة الخالى من الحب، يتأمل الشموس والأقمار التى مازالتا تنيران وجهها النضر، حدثته عن الإستغاثة التى أودعتها فى زجاجة وألقت بها فى البحر، كلاهما شرب من معين الوجع،
هى مطلقة وهو أرمل، لم تكن امرأة وتمر وإنما حقبة عمر، فى عينيهما أشواق لا توصف بكلام، تفيض بنزق حلو، يبتلعهما الطريق الممتد دون نهايات، وهما يتكآن على سطور الحلم .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى