عامر الطيّب - آن الأوان لأسحب كتاباً

آن الأوان لأسحب كتاباً
مركوناً على الرف
أفتح صفحته الأولى
لأكتب لك إهداءً بلهجة قاتل
نادم:
إلى وطني الصغير كنهاية
حياة امرأة
لا بد لي أن أغادر
وقد علمت
أن الكلاب لن تسكت فجرا
وحده الإنسان يصمت
إزاء خسارة عتمته الوحيدة "
أجدك تتلمسين الغلاف،
تعتقدين أنه إهداء وطني
و تعيدين الكتاب
إلى الرف !

أعيرُ الحقولَ اهتماماً
لأسمع عبرها صوتَ من أحب،
أعيرُ الخطوات
التي أمشيها الاهتمام ذاته
عندئذ أستطيع الاحتفاظ بك قدر الإمكان.
حين يقف المرء يفقد شيئاً لافتاً
من حبه ،
لكن اليوم ليس كاليوم الذي قبله
لقد آمنتُ بقدميَّ هذه المرة
فتحسستُ جراء الحب الذي لن أبلغه
المزيد من الحصى!

لم يلاحظ أحد أنني أريد أن أبكي
فقط كنت أنتظر الكلمة
المناسبة
لأذرف الدموع
الكلمة التي تجيء وقت
ما تبدو الكلمات صلبة مثل الفقاعات
أيا ما كانت الفقاعات مرئية
فإنها لامعة بفعل الحجر!

أحتضنك الآن ثم أتوقف عن التفكير
و عن الرمي أيضاً
ألقي حزمة السهام
و أقرر أن أبدأ حياة جديدة.
قل لي أيها الأرنب البري
هل فهمتَ كيف
ستمرُّ سليماً ؟
لا تختبئ
أنت أخي في الأضحوكة العاطفية
لإيهام الصياد !

أقلعتُ عن التدخين منذ أيام
ولا أود أن أعود
لكني ما أن أتذكر كيف جلسنا
على طاولة في مقهى حديث الطلاء
حتى يوحشني
الخشب
و الدخان
و ملامح النادل
وهو يحثنا بابتسامة خفية
على أن يغدو وقتنا أطول.
أتوق الى سيجارة فحسب
تقولين هل هذه هي السيجارة الأخيرة
فأجيبُ:
لقد اعتقدت أنها الأولى!

الملوك يشربون حد نسيان
أنّ لهم مدنا يملكونها ،
القتلة فجأة يشعرون
بوخزات إنسانية ،
اللصوص يأسفون
العشاق من أقصى بقاع الأرض
حتى عندما يعودون أطفالاَ
يدركون أن من ينفخ
البالون زيادة عن اللزوم
يعرضه للأذى!

الآن أنتمي كليا لأي أحد
يقول كلمة شاسعة
لامرأة أو يكتبها
وفياً أو مخادعاً
مبالياً أو واهماً
لأي أحد يلقي رأسه على كتف
حبيبته
أنني أشعر بالامتنان لما يفعله
هؤلاء العشاق الغرباء
و أتحسس رأسي !

أطمح للحب الذي يبقيني
في الرواق المعتم ،
أقع دون بصيرة
ثم أحاول النهوض
بطريقة لا تصدق
مثل الأبطال.
أريد أن أحافظ على حبي
مشياً من مكان إلى آخر
كما يحافظ طفل
بكسرة زجاج
صغيرة
في باطن القدم!

القاتل لمؤلف الرواية :
لم جعلتني قاتلاً؟
المؤلف:
لقد احتجت لقاتل فحسب هذا سبب كاف
القاتل:
لم لم تهدها لي؟
المؤلف :
قد يزعج ذلك حتى القتلة أنفسهم
القاتل :
ينبغي أن تنتهز الفرصة الوحيدة
لإيذاء القراء !

نشأتُ في البيت الخانق
حيث تؤلم أبي كلمة
أكثر مما تفعل سيجارة
خبأت كل شيء ولم ألعب دور
من تتسرع
لتخبر الجميع
لكن في الليلة التي لا تنسى
قلت لأهلي
لدي قصة حب بحجم قصاصة ورق
ثم غادرت بعدها
أنا الآن على الطريق العام
أوهم المارة بطريقتي
لكن الناس في مدينتنا
يعرفون من مؤخراتنا المتواطئة
أننا نخبئ المزيد من الورق !

أنني أتعب من التليفون
في الفترة الأخيرة، ألمس
الشاشة فيظهر
وجهك كشيء عالق
ثم سرعان ما ألمس الشاشة
فيزول دون علامات
أية قصص حب تلك التي
تجف أبشع من شجرة؟
أية شفاه تلك التي ألمسها
فتختفي؟!

طلبت مني قصيدة وها أنا أكتب
كلمة واحدة
ستظهر كالقصيدة الأصغر
في العالم فيما بعد
أضعها بين يدي
و أطبقهما جيداً
أنها ليست كلمة سرية
بقدر ما أحاول أن أصرخ عبرها
خلف أي شيء أود أن يعود
بسرعة خارقة
أنها ليست كلمة مألوفة
أتحسسها لأعرف
كم تبدو باردة للغاية
ثم أصافحك مصافحة حارة
كي أخفيها !

ليتني الآن أنحني
لأمسح الأرضية ،
ثم أقول لك لقد انتهى الأمر
نظفت كل شيء
هل أبدو كرجل يساعدك ؟
تقولين
لكن خدماتك تنطوي على ألم ما
لقد نجحت على نحو اللامبالاة
بأن تمحو آثاري !

أزعم أن حبنا لن يتوقف
لأي سبب كان
إذ أنني كمشردة و حالمة
أستطيع أن أبقي عينيك
مفتوحتين
حتى عندما تكون قد متّ
من أيام ،
يا إلهي الصغير على حين غرة
إنه لمن الأفضل أن يلوح لك الأطفال
بألعابهم
معتقدين أنك ترى !

عامر الطيّب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى