أ. د. مصطفى الشليح - قمر الفلك الأخير

قالتِ الغابة للأرض: يدي
منكِ إذا ما اشتعلتْ أشجارُها
كمْ مضغة أحملها، واشتعلتْ أشجارُها ؟
كمْ أنا أشتارُها. تلكَ يدي
وأنا أشتارُها منسوجة منْ زبد
كمْ إذا أنهارُها قاربُها قلتُ: أنا أنهارُها؛
قمرٌ يطلعُ منْ أخبارها
يجمعُ منْ ماءٍ التماهي سمكا
يتلعُ جيدا، ولا يسمعُ أصداءً لها أخبارُها؛
سمكٌ يصنعُ بي فلكا أخيرا
ثم .. لا يمنعُ أفلاكا من التَّحديق:
ما تصنعُ ؟ قالتْ. شركٌ للأرض. ما أسرارُها ؟
قالَ: ها أرفعُ بي أعمدة
ها، وقدْ أرفعُ، لا أدفعُ أحجارَها
لا أدعُ الرِّيحَ على أقدارها إلا سعتْ أقدارُها؛
ها أنا أطَّلعُ، الآن، على اليمِّ
وباليمِّ أتيتُ الصٌُورة الأولى لأسفار
إذا تمشي، ففي صورتي الأولى تُرى أستارُها؛
ها أنا. قالتْ برؤيا الشجرة
عاجمة أعوادَها منْ لغة للسَّحرة
لولا أنا منْ شفة الماء لما كانتْ إليكَ الشجرة؛
لولا قرأتُ الفجرَ في تأويله
لولايَ هلْ كانَ إلى الفجر ما تأويلُه
بعضُ يدي لمْ يكتملْ، منِّي يدا، للسَّحرة؛
لولا توضَّأتُ إلى تأميله
بالغيب، مقروءً، على حافة جرح
ثمَّ أنشأتُ يدا ثانية للضٌَوء أعلى الشجرة؛
قلتُ: فهذي صورة شعرية
أدمنتُها حتَّى إذا ما أدمنتني لغة
قالتْ: ألا صورة شعرية ثانية أطيارُها ؟
قلتُ لها: طارَ ثغاءُ الورد فجرا
آخذا .. ما نسيَ الليلُ على شرفته
وامرأة تنظرُ .. كيفَ الليلَ تغشى نارُها؛
كيفَ يعشى ريشه المبتلُّ
بالحلم إنْ أفشى إلى سيرتها
ما كانَ أفشى، أنثويا، والذي يشتارُها؛
قالتْ: فهزَّ النخلة الأولى
به يسَّاقطِ الشَّهدُ كأنْ لمْ ترهُ
عينٌ، وما إنْ سمعتْ أذنٌ بما يختارُها؛
وهْيَ التي قالتْ: أنا وحدي
تهيَّأتُ. أنا لي. مرَّ درويشُ .. قريبا
فتهيَّأتُ، فألقاه، فأبقاه إلى غربته تسيارُها؛
تمضغ هذي الرِّيحُ عمدا
عرباتٍ تنبغُ الآنجمُ منْ أوتارها
كمْ عرباتٍ، تلثغُ الأنجمُ، فيها، بحَّة أوتارُها
كمْ غابة
أشجارُها
إذ تنحني
ليستْ لها أشجارُها؛
قالتْ لها الأرضُ
أنا لي
ليسَ تعنو حطَّة
أقدارُها؛
والأرضُ
إنْ قالتْ أسرَّتْ
خوفَ ألا
يبتدي إسرارُها؛
هلْ تتهجَّى الأرضُ
لي: إنَّكَ لي
مهما تلكَّأتَ فلي
قولكَ. لي
منْ لغةٍ أطيارُها؛
طرْ
فها أنتَ، ولي
طارَ الذي ما لمْ يكنْ
أنتَ، فخذْ لي
شرفة منْ شرفةٍ أقمارُها؛
خذ غابة
منكَ إلى أرضكَ بي
واقفة أشجارُها؛
إنَّكَ لي
أرضكَ لي
أحجارُها

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى