محمد محمود غدية - مرجان والجان

هناك عوالم شاسعة من الأحلام والخيالات، روضة مليئة بالأسفار والحكايات، عن أناس وأوطان وعهود غابرات،
كانت الشمس قد بدأت فى حزم أمتعتها والإنسحاب تدريجياً من على طاولات المقهى، الذى بدا متخففاً من رواده، إلا من ذلك الرجل المنطوى على نفسه، والذى كان يبتلع قهوته ويرتشفها دون تلذذ، وكأن أحزانه تضافرت على الفتك به، إقترب منه ذلك الخمسيني الذى لا يغادر المقهى إلا حال إغلاقه، مستأذناً أن يشاركه طاولته، بعد أن لمح دموعه المكابرة التى تأبى السقوط أمام أبخرة الضعف قائلا :
أنه لا فكاك من الهم الذى يطاردنا حتى الموت، فقط يمكننا زحزحته قليلاً،
تكلم بعد أن أنس لمحدثه قائلاً :
أن المصائر لا يصنعها أحد بإرادته، متزوج منذ ثلاث سنوات، صارت بهما مركب الحياة هادئة، حتى برز لهما القدر من مكمنه، معترضاً طريقهما، وكأن الشمس إنطفأت
أو غربت، كلما إقترب من زوجته، صرخت ودفعته بعيدا عنها، ويتكرر الصراخ ولم تفلح ملاطفته لها !
طاف الألم بالبيت وعشش فى أركانه، وألقى بظله الكئيب على الأشياء، معللة أن مابها، سببه جان يسكنها، يحول بينها وبين زوجها،
أشار عليه البعض بمرجان الذى يفك السحر، ويخرج الجان الذى تلبسها،
مازالت قارة العقل الشاسعة، مجهولة في جزء كبير منها !
إستعان الزوج بمرجان، الذي قرأ التعاويذ والكلمات المبهمة، بين إشارات غير مفهومة وإطلاق البخور، إختار مرجان وقت غير معلوم، دون إخطار الزوجة، لمفاجئة الجان والسيطرة عليه، بعد أن طلب من الزوج إحضار حفنة من تراب مندى من مقبرة طفل لم يبلغ الحلم،
فى مفاجأة وبعد مراقبة الزوجة، وفى غياب الزوج همس مرجان فى أذن الزوجة : أنه رأى الأنسى العاشق مختبىء تحت السرير، يمكنها إخراجه الآن، على وعد بعدم إخبار الزوج، وأعطته من المال، ما سال له لعابه، لإسكاته.
بعد نثر التراب المندى على عتبات الدار، أخبر مرجان الزوج : باإستقام الحال وخروج الجان،
في صفعة موجعة، نقل أحد الأصدقاء، ما قاله مرجان عن خيانة الزوجة،
التي لم يستمع الزوج لتوسلاتها وإعتذاراتها وطلقها،
مغالبا دمعاته، بعد أن نشب الوجع مخالبه الجارحة بروحه، وراح يستند إلى ما تبقى وغاب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى