محمد محمود غدية - وتحطمت المرآة

بعد ليل طويل، مزقت ستائر غرفتها الرمادية، بستائر الوانها مبهجة وردية، مودعة الليل المعتم، مرحبة باإشراقة الصباح بعد غياب، كان لا بد لها التطهر من كل المرارات التى تجرعتها، وغاصت بداخلها وحولها، كيف أصبحت امراة عاطلة من الفرح والشباب، والذكريات وكل شىء، وهى التى ذهبت اليه، بدافع حبها له، وهى أيضا من مدت له يدها، ليضع فيها الأصفاد، كانت تنتشى بالعذاب، وتمرر أكاذيبه، المرة تلو الأخرى، إنتظارا لمفاجئتها بصدق مشاعره وحبه لها، ولو مرة واحدة، نعيش دنيا لاتعطينا كل مانريد، حتى لو اوهمتنا أنها طوع إرادتنا، الحب سيل جارف، لايمر بشىء إلا إكتسحه إكتساحا، قاهر بطبعه، ماأشقى أن تبكى بلا دموع، وماأصعب أن تذهب بلا أمل فى رجوع، ماأقسى أن تشعر بالضيق، ورحابة المكان من حولك، تضيق بك، هى لا تستحق هجرك، فقط تستحق حبك كما أحبتك،
كيف مرت تلك السنوات، دون أن تنتبه لخلو مشاعرك من الحب، والتى تجرعتها رشفة رشفة، صدقت كل أكاذيبك، وكذبت مرآتها، حين رأت صورتها اقل جمالا وأقل بهجة، حتى القصائد التى كتبتها من أجلها، رأتها اليوم فى عيونك مطفئة، تراك وكانها ترى صورة رجل لا تعرفه،
لا تكرهه ولا تحبه، لا تدرى من رسم صورتك فى وسادتها، عبثا تلملم ملامح وجهك فى ذاكرتها، ماأقسى من يبطن عكس مايظهر، لم تعد امراة عاطلة،وقد صنعت من آلامها، قارب صغير أبحرت به وسط الأمواج والعواصف، حتى شواطىء
الأمان، وهناك إهتدت لنفسها الضائعة، إغتسلت بالصباح الجميل، الذى شاركها الشاى المنعنع، بعد ليل معتم طويل، مزقت فيه ثوب الوجع، وكسرت مرآتها القديمة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى