كعادتها تقضي نهار رمضان في إعداد مأدبة إفطار تعج بما لذ وطاب من صنوف الطعام، تعمل جاهدة على تلبية طلبات الجميع، تؤمن أن الطعام يختلف مذاقه إذا كان الحب والاهتمام من مقاديره الأساسية، لذا كانت تبث طعامها كل طاقة الحب الكامنة داخلها لأسرتها الصغيرة، تطيل الوقوف في المطبخ، في صحبة الراديو الصغير الذي يؤنسها طوال اليوم، تتفنن في تجربة وصفات جديدة إلى جانب أطباقهم المفضلة، المحاشي والأرز المعمر وأسياخ المشاوي بخلطة "أم أحمد" الخاصة، وطبق الفول.. الذي تحرص على تحضيره يوميا رغم عزوف الجميع عنه، فما أن يرتفع آذان المغرب حتى تتسابق الأيدي تغترف من تلك الأطباق الشهية، بينما يبقى وحيدا في الأطراف لا يلفت انتباه أحد، تقف على رأس المائدة توزع الأنصبة من اللحوم والديك الرومي المتربع وسط الوليمة، يتمازحون ويتخطفون الطعام، يمدحون نفسها في الطبخ الذي لا يضاهيها فيه أحد، حتى أطلقوا عليها "الشيف أم أحمد" .
تزدحم المائدة كل يوم بأشكال وألوان من الأطباق اللذيذة، التي تفوح رائحتها في البناية كلها، وبينها طبق الفول وحيدا بلا صخب، لا تمتد إليه يد، ولا تحث هي أحدا على الاقتراب منه، وكأنه ينتظر آكله الذي لا يأتي أبدا، يتساءلون عن سر إصرارها على إعداده يوميا واقحامه في منافسة غير متكافئة مع رفاقه على المائدة، تجيبهم بابتسامة صامتة، تشعر بالشبع والرضا بينما تراهم مقبلين على الطعام مستمتعين به.
تستمر "أم أحمد" في ممارسة طقوس الحب اليومية لأسرتها على طريقتها، حتى إذا أتى الليل ادخرت لنفسها وقتا تختلي فيه إلى ربها، تبثه دعواتها وما تحمله بين طيات صدرها، وذات ليلة غفت عيناها بينما تنتظر آذان الفجر، فرأته مضئ الوجه، باسم الثغر في ثيابه البيضاء، يتناول طبق الفول قائلا:
" سلمت يداك يا أمي"
كان أحمد..
نرمين دميس
تزدحم المائدة كل يوم بأشكال وألوان من الأطباق اللذيذة، التي تفوح رائحتها في البناية كلها، وبينها طبق الفول وحيدا بلا صخب، لا تمتد إليه يد، ولا تحث هي أحدا على الاقتراب منه، وكأنه ينتظر آكله الذي لا يأتي أبدا، يتساءلون عن سر إصرارها على إعداده يوميا واقحامه في منافسة غير متكافئة مع رفاقه على المائدة، تجيبهم بابتسامة صامتة، تشعر بالشبع والرضا بينما تراهم مقبلين على الطعام مستمتعين به.
تستمر "أم أحمد" في ممارسة طقوس الحب اليومية لأسرتها على طريقتها، حتى إذا أتى الليل ادخرت لنفسها وقتا تختلي فيه إلى ربها، تبثه دعواتها وما تحمله بين طيات صدرها، وذات ليلة غفت عيناها بينما تنتظر آذان الفجر، فرأته مضئ الوجه، باسم الثغر في ثيابه البيضاء، يتناول طبق الفول قائلا:
" سلمت يداك يا أمي"
كان أحمد..
نرمين دميس