مصطفى معروفي - هبوب المرايا

طفل مليء بالرؤى
بالقرب من نافذة يجلس
خلفه سرير صامت
ويوسع الباب بتحديقاته
أمامه أصٌّ يحب الأقحوانَ
أغلبَ الأوقاتِ
من قائمة الماء مضى
يختار أسماء الضفاف
كي يقيس بالرمال نجما عاطلا
في خمّه طيلة أيام الخريف
ذاك الطفل أمسى للمدى ركيزةً
عيناه نجمتان تذهبان كل مذهبٍ
كفاه سقفان من الغيم الذي في وجهه
ينمو أحلى زنبقٍ
سرّح فجأة يديه لطيور تستحم
في الفضاء بالريح التي تأتي
من المساء للمساء
في قبضتها الغواية المثلى
وحفنة من الغفران للنهار إن
هو ارتضى النوم ابتداءاً
للمرايا شهقة الأيام
لا يداخل الشك هبوبها الرشيق
لا ترى لطائر جدارةً
إن لم يرقه شاطئ يقضي الحياة
نابضا بالسهرات
ها هو الطفل الذي جاء إلى انكساره معلَّقا
بين رهانين قديمين
رأى الشمس تريد الاختباء في ثيابه
ولكن لم يئد دهشته
بل إنه قام بتشطير لهاث العشب
تحت غيمة عابرة
معجزة الله التي جاءت إليه
هكذا ضربةَ لازبٍ
أضرمت في قلبه شوق الروابي
فاحتواه هودج الأرض
ودارَ حوله دورته الأجملَ
حاك جبةً لليلِ
ثم قال للأقمار :
"هذا جسد الليل خذيه
واجعلي منه مطيةً"
هنا التقى الإغواء بالإغواء
من ذكرى الوغى
لم يبق عند الفارس الأشمِّ
إلا خنجران باردان يسبحان في الصدآْ.
ـــــــــ
مسك الختام:
عاد العصفور إلى العش
فأطعم كل الأبناء
وبات قرير العين
لقد أصبح للعش غدا من يرثهْ.










تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى