د. علي خليفة - بدايات المسرح العربي في العصر الحديث

العرب لم يعرفوا المسرح بشكله المتعارف عليه إلا في العصر الحديث، وأول مسرحية عربية مثلها العرب ألفها مارون النقاش التاجر اللبناني الجوال – وهى بعنوان البخيل – وأخرجها ومثلها مع بعض أفراد من أسرته وعرضها في بيته بعد أن هيأه ليكون كالمسرح، وكان ذلك سنة 1847م، وألف بعد ذلك مسرحيتين أخريين هما أبو الحسن المغفل، والحسود السليط، ومثلهما أيضًا بنفس الإمكانات البسيطة، وكان يحاول أن يحمس الناس في لبنان لهذا الفن الجديد الوافد بملء مسرحياته بالحكم والمواعظ؛ ليدرك الناس أنه فن هادف، وكذلك جمع في مسرحياته هذه بين التمثيل والغناء محاولاً استدراج الجمهور، ومع ذلك شعر بعد ذلك بيأس من استنبات هذا النوع من الفن في العالم العربي الذي تعود على القصائد الغنائية.
ومسرحيات مارون النقاش تجمع بين التأليف والتعريب لاسيما من بعض مسرحيات موليير كمسرحية البخيل.
واستلم راية المسرح بعده ابن أخيه سليم النقاش الذي سافر لمصر ومعه مسرحيات عمه، وترجم أديب إسحق مسرحيات أخرى، وعرضاها، ثم انتابهما يأس هما أيضًا من رواج المسرح عند العرب، فتركاه، واهتما بالكتابة بالصحافة.
ثم بدأت تظهر الفرق المسرحية بعد ذلك مثل فرقة أبي خليل القباني الذي كان يؤلف مسرحياته بطريقة قريبة من أسلوب النقاش في مسرحياته من الجمع بين التمثيل والغناء، وإن كان القباني قد ألف معظم مسرحياته التي مثلتها فرقته من حكايات ألف ليلة وليلة.
ومن أهم الفرق المسرحية بعد ذلك فرقة جورج أبيض التي اهتمت بتقديم بعض التراجيديات لشكسبير وراسين وغيرهما، ولاقت فرقة الشيخ سلامة حجازي نجاحًا كبيرًا في عروضها، لأنها أدركت الذوق المصري آنذاك في اهتمامها بالغناء على حساب التمثيل.
وظهرت فرقة علي الكسار التي اهتمت بالارتجال والتداخل مع الجمهور لا سيما من بطلها علي الكسار، وكانت الطفرة في المسرح المصري بإنشاء نجيب الريحاني مسرحه، واتجاهه في المرحلة الأخيرة من حياته لتقديم مسرحيات اجتماعية ساخرة مقتبسة معظمها من المسرح الفرنسي، كمسرحية السكرتير الفني المأخوذة عن مسرحية توباز للكاتب الفرنسي مارسيل بانول، ومن أروع ما قدمته فرقة الريحاني مااجتمع على تمصيره من مسرحيات الريحاني وبديع خيري ولحنه سيد درويش.



1661702822684.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى