محمد محمود غدية يرقص كالطير - يرقص كالطير

يراقب اسراب الطيور العائدة، وموت عصفور قتلته رصاصة طائشة، مثلما تفعل بالانسان، مركبة تسابق الريح فوق الأسفلت، يرسم ماينقشه الظل، يتسكع خلف أبواب المدن المنكوبة، ثم يهوى فى ليل الرماد الطويل، نقيا فى تواضعه، يعيش على موارد روحه، قبل أن تتوه روحه على ضفاف الوداعة، هل تمهله شمس أحلامه الغاربة بعض الوقت، للملمة أشيائه المبعثرة فوق نزف التذكارات، وهل يمكن للأشجار التوقف قليلا عن سكب مدامعها فوق أرصفة العمر المهجورة، ومتى تستفيق روحه من غشاوة الرؤى ؟
يتبع القوافل المهاجرة وراء حلمه البعيد، لا يقيم هنا ولا يغادر، رائحة ضفائرها موغلة بذاكرته، كتب لها رسائل كثيرة لها نكهة الشوق، أودعها فى زجاجات فارغة وألقى بها فى البحرالذى لفظها وألقى بها على الشاطئ، ضمن مخلفات عديدة،
يقرأ فى الصحيفة، ماكتبته زوجة أحد جنود الحرب العالمية على شاهد مقبرته :
لقد كان جنديا بالنسبة الى العالم وكان العالم كله بالنسبة لى، قطرات من الحياة بدأت تسرى فى حنايا قلبه، وهو يرى أن هناك حبا فى حجم الكون، وهو الذى كان يحسب نفسه النملة الوحيدة فى مملكة الحزن، لابد من غرز بذور التفاؤل فى الأرض الجدباء، طوح بعيدا حقائب الشجن، وسط سكون مطبق مقبض، قاوم زلزال كاد ان يشطره نصفين،
ألقى به أحدهم خارج حافلة الليل الموحش، ليجد نفسه فوق فراشه ينفض حلمه، عادت أسراب الطيور، وداعبته الشمس التى تسللت من شباكه، حين إستقبل هاتفه رسالة منها تقول فيها : أحبك
يسرج خيول عرباته عبر سهوب السماء، بعد أن غسلته رسالتها من الهموم، ممسكا بألوان الطيف محلقا وراقصا كالطير .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى