في اِحتفاليّة صامتة أَشْعَلَ شمعة، سَنَّدَ بها إلى حَائِطُ الشُّرْفَةُ وجلس على كرسيه "الخيزرانى"، ينظر في صمت صَّوْبُ الشارع الفارغ، إلا من قطة في الوسط وقفت تداعب حركة ظل الشمعة المهتز، يخلق منها الهواء عشرات الشموع المتباينة الأحجام والأطوال. تبدأ من نُقطةِ صَغيرةِ.. لا تَلَبَّثَ في تمددها أن تَتخَصَّرَ وتنقسم لتتلاشى، ومن نفس النُقطة تتشكل عريضة لا تَلَبَّثَ أن تنحَسَر تَدْريجِيّاً حتى حجم فتيلةُ، والقَطَّةُ بيدها تحاول أن تكشف "كُنة" تلك التغيرات، الرجل الصامت لازال جالساً، ينظر صَّوْبُ الشارع، وبعمق يتفحص أوراق الشجرة الواقعةُ أسفل الكوبرى المقابل للشرفة.. في مشهدُ يتكرر منذ زمن..!
الشجرة.. الشمعة.. والرجل
تظَنًه نائماً اَثر الجلوس صامتاً.. بوجهه العبوس ذو التجاعيد وشعر رأسه الأبيض الكثيف، مُسدَل الأَهَداب وعيناه الترابيتن الفاقدتين لبريق الحياة تُساَنَد عكاز خطوه البطيء، عاد على مهل يحمل كوب الشاى، وجلس ونظرته وصمته ليكتمل المشهد بعفويته وتكراره.
***
تمر الساعات بطيئة.. تتساقط الثواني تتبعها الدقائق، والصامت على جلسته.
دُوَّامات من أَتْرِبَة، يصنعها الهَوَاء أعلى الكوبرى الخاَلي، إلا من سيارات قليلة خرجت تَقَضَّي حالة طارئة – ربما إغاثة مريض، أو سيدةُ تَلِد طفلاً يأتي لتلك الحياة المائجة دائما بصرخة، فمتى يصرخ هو ليعلن عن وجوده...؟
***
أدمن الجلوس في الشرفة تراه يتابع عن كثب حركة يد الطفل القابضةُ على رشاش المياه يروي الشجرة.. سيارةُ تأتى من بعيد – قطرات الماءَ الساقطة من الصُنبورِ تتزايد – السيارة تقترب – يراها بعينه مسرعةً نحو الطفل – صوت " تكتكات " ماء الصُنبور المصطدمة بقاع الحُوض العميق ترتفع، تحول دون ما تركيز، تُجبرُه أن يدخل من الشرفةِ، ماراً بالغرفةِ، متخيطاً بَلاط الصالة العاري وصولاً للصُنبور، يضَغَط عليه ويعود، من نفس الغرفةِ، ولنفس الشرفةِ يجلسُ، في نفسِ المَشْهَد المفصول عن الوجود.
***
الشجرة.. الطفل.. الرجل
حَفِيفُ أوراق الشجرة ينتهك سُكُون الليل، وفتيلُ الشمعةِ يسقط فجأة غارقاً في دموعها المتوحدة وحائط الشرفة، يتركها ويخطو نحو الداخل.
خيوط دخانية تتصاعد، وعلى صورة عائليه تتكاثف، تمحو ملامح كل الوجوه المثبتة والإطار المخنوق، ينهار دون أزالتها فتندمج وأرضية الغرفة، تنتج الخيوط، خيوطاً تتزاوج مكونة جسداً صامداً كجبل يعجز عن صعوده..
تلفظه الأدخنة بقوة، يصطدم بمكتبه، تتبعثركتبه وأوراقه كلاً منها يتشكل شبحاً يطارده.
***
يستجمع قدراته محاولاً الهروب من ذاته، يتَحَامَل بجسده على قدميه "المتسمرتين"بأرضية الغرفة.. يخطو فتنغرس الخطوة في أكوام لحم عار وأشلاء وجوه كان يعرفها! تتثاقل دقات قلبه التي أوشكت أن تقف أثناء حركته جهة الباب المغلق، تتعثر يده بجاكت علق في شماعته الخلفية، لم يرتده منذ عودته الأخيرة من عمله، يفتح الباب على الصالة الواسعة، تبتلعه، للخلف يخطو والأشباح أمامه، يحاول فتح باب الشقة المغلق، لكن الصدأ أقوى من أن تهزمه يد مهزوزة فتنهار قواه، ينظرُ للشرفة التي تَفَتَّحَ على مِصْرَاعَيْها.. ينطلق نحوها.. .. ..
بقايا شمعة.. وجثة هامدة غطتها أوراق الشجرة المتساقطة.
الشجرة.. الشمعة.. والرجل
تظَنًه نائماً اَثر الجلوس صامتاً.. بوجهه العبوس ذو التجاعيد وشعر رأسه الأبيض الكثيف، مُسدَل الأَهَداب وعيناه الترابيتن الفاقدتين لبريق الحياة تُساَنَد عكاز خطوه البطيء، عاد على مهل يحمل كوب الشاى، وجلس ونظرته وصمته ليكتمل المشهد بعفويته وتكراره.
***
تمر الساعات بطيئة.. تتساقط الثواني تتبعها الدقائق، والصامت على جلسته.
دُوَّامات من أَتْرِبَة، يصنعها الهَوَاء أعلى الكوبرى الخاَلي، إلا من سيارات قليلة خرجت تَقَضَّي حالة طارئة – ربما إغاثة مريض، أو سيدةُ تَلِد طفلاً يأتي لتلك الحياة المائجة دائما بصرخة، فمتى يصرخ هو ليعلن عن وجوده...؟
***
أدمن الجلوس في الشرفة تراه يتابع عن كثب حركة يد الطفل القابضةُ على رشاش المياه يروي الشجرة.. سيارةُ تأتى من بعيد – قطرات الماءَ الساقطة من الصُنبورِ تتزايد – السيارة تقترب – يراها بعينه مسرعةً نحو الطفل – صوت " تكتكات " ماء الصُنبور المصطدمة بقاع الحُوض العميق ترتفع، تحول دون ما تركيز، تُجبرُه أن يدخل من الشرفةِ، ماراً بالغرفةِ، متخيطاً بَلاط الصالة العاري وصولاً للصُنبور، يضَغَط عليه ويعود، من نفس الغرفةِ، ولنفس الشرفةِ يجلسُ، في نفسِ المَشْهَد المفصول عن الوجود.
***
الشجرة.. الطفل.. الرجل
حَفِيفُ أوراق الشجرة ينتهك سُكُون الليل، وفتيلُ الشمعةِ يسقط فجأة غارقاً في دموعها المتوحدة وحائط الشرفة، يتركها ويخطو نحو الداخل.
خيوط دخانية تتصاعد، وعلى صورة عائليه تتكاثف، تمحو ملامح كل الوجوه المثبتة والإطار المخنوق، ينهار دون أزالتها فتندمج وأرضية الغرفة، تنتج الخيوط، خيوطاً تتزاوج مكونة جسداً صامداً كجبل يعجز عن صعوده..
تلفظه الأدخنة بقوة، يصطدم بمكتبه، تتبعثركتبه وأوراقه كلاً منها يتشكل شبحاً يطارده.
***
يستجمع قدراته محاولاً الهروب من ذاته، يتَحَامَل بجسده على قدميه "المتسمرتين"بأرضية الغرفة.. يخطو فتنغرس الخطوة في أكوام لحم عار وأشلاء وجوه كان يعرفها! تتثاقل دقات قلبه التي أوشكت أن تقف أثناء حركته جهة الباب المغلق، تتعثر يده بجاكت علق في شماعته الخلفية، لم يرتده منذ عودته الأخيرة من عمله، يفتح الباب على الصالة الواسعة، تبتلعه، للخلف يخطو والأشباح أمامه، يحاول فتح باب الشقة المغلق، لكن الصدأ أقوى من أن تهزمه يد مهزوزة فتنهار قواه، ينظرُ للشرفة التي تَفَتَّحَ على مِصْرَاعَيْها.. ينطلق نحوها.. .. ..
بقايا شمعة.. وجثة هامدة غطتها أوراق الشجرة المتساقطة.