على الحرافيش أن يقفوا اليوم صفا واحدا؛ فالحارة يتهددها العجز والموات. ثمة أخطار تأتي من بلاد بعيدة.
عاشور الناجي الكبير يترك حرافيشه بعدما علمهم أن الحفاظ على الحارة متماسكة بعده كان شغله الشاغل، روض من سيأتي بعده أن يتحمل المكاره، الحارة تقف على شفا جرف هار، الأسود يتربص بها المكر، عصا الناجي غدت رمزا لعهد فتونةلم يمسها سوء، منقوعة في الزيت والخل.
تراصت حول سيدي الجبالي البيوت، لكنها تناثرت في غير انتظام، حياة تعج بقوم غرباء جمعتهم محبته، كلما عزف الناي انساب اللحن في تتابع آسر، طافت بذهنه ذكريات السنين التي سرقها الوهم، يرتفع فوق تلة جادو التي قيلت حولها حكايات ورويت عنها أساطير، الجبالي نفسه لغز محير؛ لا توجد في ناحيتنا عائلة تحمل هذا الاسم، ولسنا بطبيعة الموضع قريبين من الصحراء، هل كان وليا أتعبه السير وأضناه الهوى فمال بخطوه وانتظر هنا حتى يكمل مسيره؟
لعله قد وجد حاجته، البعض يقول جاءته رؤيا أن ابق هنا!
بعض بناء متهدم يلوح كنقش عبثت به يد الصغار.
حين تسرد سيرته تنتابني حالة غريبة، ينطلق بي الخيال مثل جواد فارس عربي هام وراء عبلة، المسكوت عنه أن ثمة امرأة سلبت لبه، حين جاء يحمل خرجه كانت الفتوة تضج بجسده، إنها نزوة القرى التى تتطاحن على الزرع والضرع، تشتعل المعارك حول دور الري، عالم يضع عرفا ثم يبتلعه عند الحاجة، الحجج الواهية تقف دفاعا عن القوي بل ليست به حاجة إلا لعصاه يطوحها في الهواء، ساعتها ينزوي في جوار بيته المتهدم كل من طمحت به نفسه أن يخرق قانون السادة.
إنها تحتاجه فتوة يحمي بابها ولا يمنع أن يروي أرضها المهددة بالملوحة مع كثرة الطامعين.
تقف بينه حواجز يعجزه عبورها، غريب لا أهل يستند عليهم ولا نسب يمده إن أعوزته المفاخرة، إنهم يقدسون آباءهم سيما لو دارت حولهم أقاصيص من سيرة يتداولونها ليالي العتمة التي تلف الزمام، من ثقب بالباب اقتحم خلوتها، تهدل شعرها سيلا من سنبلات صفراء، الخد مورد كأنما حبات التفاح وزعت قطعا لأجلها، بعض العيون تتبع الجمال وبعضها ثملات بخدر لذيذ، أخذها هاجس خفي دب إليها حين تتبعك عين يتخللك شعور برقيب يتبعك، لحظة من صمت يضربها في غير هوادة، تحسست كل ظنونها، أيكون وراء الباب؟
هبت في لهفة حرمان آن له أن يأتي بعد هذا الجفاف الذي ضرب أخضر عمرها، مضت سنوات لم تعد تذكرها، لقد سئمت الانتظار، العمر يتسرب مثل قطرات الماء، أمسكت عن هذا الخاطر، في مثل هذه الأيام نحتاج حرفوشا يعتلي كنبة الحارة ويصد الفتوات بعصاه يلمع الشعر في صدره.
عاشور الناجي الكبير يترك حرافيشه بعدما علمهم أن الحفاظ على الحارة متماسكة بعده كان شغله الشاغل، روض من سيأتي بعده أن يتحمل المكاره، الحارة تقف على شفا جرف هار، الأسود يتربص بها المكر، عصا الناجي غدت رمزا لعهد فتونةلم يمسها سوء، منقوعة في الزيت والخل.
تراصت حول سيدي الجبالي البيوت، لكنها تناثرت في غير انتظام، حياة تعج بقوم غرباء جمعتهم محبته، كلما عزف الناي انساب اللحن في تتابع آسر، طافت بذهنه ذكريات السنين التي سرقها الوهم، يرتفع فوق تلة جادو التي قيلت حولها حكايات ورويت عنها أساطير، الجبالي نفسه لغز محير؛ لا توجد في ناحيتنا عائلة تحمل هذا الاسم، ولسنا بطبيعة الموضع قريبين من الصحراء، هل كان وليا أتعبه السير وأضناه الهوى فمال بخطوه وانتظر هنا حتى يكمل مسيره؟
لعله قد وجد حاجته، البعض يقول جاءته رؤيا أن ابق هنا!
بعض بناء متهدم يلوح كنقش عبثت به يد الصغار.
حين تسرد سيرته تنتابني حالة غريبة، ينطلق بي الخيال مثل جواد فارس عربي هام وراء عبلة، المسكوت عنه أن ثمة امرأة سلبت لبه، حين جاء يحمل خرجه كانت الفتوة تضج بجسده، إنها نزوة القرى التى تتطاحن على الزرع والضرع، تشتعل المعارك حول دور الري، عالم يضع عرفا ثم يبتلعه عند الحاجة، الحجج الواهية تقف دفاعا عن القوي بل ليست به حاجة إلا لعصاه يطوحها في الهواء، ساعتها ينزوي في جوار بيته المتهدم كل من طمحت به نفسه أن يخرق قانون السادة.
إنها تحتاجه فتوة يحمي بابها ولا يمنع أن يروي أرضها المهددة بالملوحة مع كثرة الطامعين.
تقف بينه حواجز يعجزه عبورها، غريب لا أهل يستند عليهم ولا نسب يمده إن أعوزته المفاخرة، إنهم يقدسون آباءهم سيما لو دارت حولهم أقاصيص من سيرة يتداولونها ليالي العتمة التي تلف الزمام، من ثقب بالباب اقتحم خلوتها، تهدل شعرها سيلا من سنبلات صفراء، الخد مورد كأنما حبات التفاح وزعت قطعا لأجلها، بعض العيون تتبع الجمال وبعضها ثملات بخدر لذيذ، أخذها هاجس خفي دب إليها حين تتبعك عين يتخللك شعور برقيب يتبعك، لحظة من صمت يضربها في غير هوادة، تحسست كل ظنونها، أيكون وراء الباب؟
هبت في لهفة حرمان آن له أن يأتي بعد هذا الجفاف الذي ضرب أخضر عمرها، مضت سنوات لم تعد تذكرها، لقد سئمت الانتظار، العمر يتسرب مثل قطرات الماء، أمسكت عن هذا الخاطر، في مثل هذه الأيام نحتاج حرفوشا يعتلي كنبة الحارة ويصد الفتوات بعصاه يلمع الشعر في صدره.