مازن جميل المناف - حول الواقعية والمثالية في جوهر التنظير

لا شك ان الجوهر اهم ركائز الفكر النير الإنساني , فلا نبرر الوجود وواقعه تحت مسميات لربما تكون بعيدة كل البعد عنه في جوهر فلسفي خاطئ . لا يمكن ان يكون الواقع إلا ضمن فكر انساني بحت في مقاطعة ونظريات صحيحة ملتزمة نحو فلسفة متزنة لا تحدد بقاء أي شخص ضمن جدليات الفلسفة التنظيرية بقدر اداركه ماهية الواقع في تباين صحيح من دون اختلاف الأساسيات والثوابت التي شرعها العقل والمنطق والتي تمثل الحس التنفيذي في حل القضايا ومعالجتها , وان كانت باتجاهين لدى الانسان ذاته وهكذا ينبغي ان يتركز على العقل والحس في جملة من التساؤلات يجمعها مع بعضها فلا التاريخ وحده يستطيع ان يصنع مثالية الواقع ولا السياسة او الفلسفة او النقد يستطيع تجسيد المثاليات في الواقع انها ليست قضية مزاجية بقدر انها جوهر متكامل في نهاية كل فهم يتجلى ويدرس في عملية التقييم الحقيقي تحت صيرورة وديمومة ذات ظل جوهر الوجود في كوامن ونوازع صميم الوحدة النقية فلا مثالية او فلسفة من دون واقع يلامس تخوم الحس بجغرافية وطقوس ترصد التجربة وتحتل المكانة عبر محطات تاريخية ومراحل انتقائية متسلسلة في تحليق المدارس الفكرية ضمن جوهر العقل ليتمكن الصوت الممتد عبر التجارب التي تنطوي على دلالات تسطر واقعية القضايا في محاكاة مثالية وجدلية تخضع الى التأويل والمنافسة العقلية والذهنية ضمن المفارقات الأهم 0
ارجو كل من يطلع على هذه المقالة ان يأخذ كلامي على محمل الجد عندما أقول ان المثالية والواقعية ليستا قضيتين منفصلتين , فلكل واقع مثالي لابد ان يرسم حدود نهاية تبلغ الكمال تليق بهذا التنظير الفلسفي عندما يكون مردوده على ارضية الواقع ليزداد قيمة كل تنظير لدى اي مفكر او شخصية باحث رسوخا في الاعتراف في محبة حقيقية تدرج معالم واضحة لملابسات الواقع , لذا لا يمكن ان ننظر ونسمع مالم نطبق من الاشياء او نخرج عن مفاهيم ومنظور اطر التكوين الواقعي في روح حقيقية يترتب عليها وضع مبدا دقيق لكيفيات العمل ضمن مسار مجتمعي يمتلك القوة في مصادر القيم , ومن هنا نقول ان فلسفة الواقع شيء والمثالية شيء آخر , لذلك على الجميع ان يرتقي بمعطيات ديمومة الوجود لأنها منطلق حقيقي لا يقف عند ذاكرة الخيال فحسب والتي تقودنا في رقي بخطى راسخة من حيث المعاني والقيم الانسانية التي تفتح ابواب مشرعة للجهد الذي يثمن في المعارف والأفكار فليس كل من يكون محاضرا او فيلسوفا في منطلق عباراته او التنظير الكلامي ان لا يكون له الحق في المثاليات من دون التطبيق او يحصر في كلامه معاني دون ترجمة لان بناء الانسان لابد ان يكون ضمن هيكل العمل في الانتقال الى حركة الوجود شرطا ضروريا لان رسالة الفكر التنظيري هي عينها رسالة مستوحاة من عمل الواقع وكل المجتمعات لا تسهم في المثاليات مالم تسهم في نشاط الواقع الحتمي , وفعلاً ليس للفكر حدود فلا بد من انفتاح تام لمشروع ضمن فواصل الواقع وهكذا ستكون فلسفة الواقع مواكبة لكل نشاطات الحياة ومجالات الواقع وارتباطاتها الحسية التكوينية موضع راهن تحت حيز الوجود ان كل ما نراه حقيقة هزيل ضمن تنظير لا غير , لو اننا اردنا معرفة مضامين الحياة في واقع اشد تمرداً باحثين عن حقيقة ما يقال وممارسة الحق في صنع المصير لما احتجنا لكل هذه البهرجة من الهتافات الخطابية الرنانة , نحن بحاجة ملحة الى نتاجات تعيش ثمرات العقل على افق صحيح , فقد تاه الانسان بين المثاليات في خضم متلاطم الامواج مضطرب في منطق ديني وعلمي وفلسفي بين داع للدين واخر للسياسة وكأنما يمنح السيادة للعقل في مناداة غير عقلانية في احكامها , لن يستنفذ الفكر حاجاته وستبقى دوامة الانسان تدفعه الى مرارة واقع متمرد في مدار زماني يقفز عموديا وافقيا بمقدمات لا تغني ولا تسد رمق جائع تقودنا في مركب السرعة نحو المجهول واللانهاية . نحن وسط بحر هائج نحتاج ان نمد اجسادنا مع بعضها لنكون جسراً نعي به الازمة بدلا التهرب منها والاستماع في تنظير معروف الملامح في البدايات والنهايات , ان فهم الالم وادراك القضايا الواقعية هي مسؤولية بحد ذاتها لا تدعو الى تحويل الوهج المشع الى مناورات الخطابة من هؤلاء المنظرين بفلسفة فارغة المحتوى ضمن مضمون لا يطرح بمدلولاته في وعي مشترك على ارض الواقع الملموس وليس كما يدعي الاخرين للزعامة بلا كرسي .

مازن جميل المناف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى