إخلاص فرنسيس - قراءة في رواية “شوينغوم” لأمين الزاوي

قراءة في رواية “شوينغوم” لأمين الزاوي
بقلم الأديبة: إخلاص Francis Eklas (كاليفورنيا سان دياغو الولايات المتحدة الأمريكية)
الرابط: https://theroom19.com/?p=10070
رواية تاريخية بامتياز، سلّط فيها الكاتب الضوء على مرحلة لم يتطرّق إليها الكتّاب من قبل في تاريخ الجزائر، عملت على تشكيل الوعي السياسي الجزائري في فترة ما.
هل الحياة هي الشوينغوم؟ في البداية المذاق الحلو ثمّ تصبح قطعة مطاطية لا طعم ولا رائحة لها، نلوكها حتى الممات، أم أنّنا نحن الشوينغوم بين فكّي الحياة التي تطحننا برحاها التي لا ترحم، وليست الحياة بل من الآخر الذي يشاركنا هذا المسرح الكبير، ونتقاسم معه كلّ الأشياء ما عدا الإنسانية
لقد أسهب الكاتب في تطويع المفردات والمعاني لتخدم غرضًا ما في نفسه، مواربة فذّة، ولفيف من الشخصيات التي يحمل كلّ منها رسالة مميزة عن الأخرى
ليست هناك جملة واحدة في غير محلّها أو لا تحمل في طياتها شيئًا، أراد الكاتب أن يوصله للقارئ، لقد أمسك ذراع الماضي، ووضعها في كفّ المستقبل، كما مزج ما بين النصّ الديني والأسطورة، موظّفًا كليهما في حاضرنا.
رواية انعكاس حقيقي للنفس البشرية بما تحملها من صراعات داخلية وتناقضات، ويبدو أنّ البطل لم يكن متصالحًا معها، لأنّ فكرة القتل بدأت من البداية إلى النهاية، ولم يستطع التخلّص منها، وكانت كالخبز اليابس الذي عليه أن يزدرده بصمت ودون ماء كي يمرّ نهار آخر له على قيد التناقضات.
معالجة النقص العاطفي في المجتمع الشرقي، فالأب لا يدلّل، ولا يظهر الحبّ لأطفاله، ولا الطفل يستطيع أن يبادر، ففي ذلك ضعف، العواطف فقط للنساء؟
هذا هو عالم الضياع، المرأة هي العنصر الرئيسي في الرواية، منها تلك الأسطورة التي تتناقل بين المجتمعات، ومنها المرأة التي صورها التاريخ، ومنها المرأة المستسلمة، الكلّ يدور في فلكها، وكأنّها هي من تدير دفّة الحياة
إنّ واقع المرأة في هذه الرواية لا يختلف عن الواقع الحقيقي المعيش.
لقد استطاع الكاتب بمهارة امتصاص كلّ ما حوله وكأنّه إسفنجة، وأعاد تدويره وصياغته في قالب روائي سردي، يشدّ القارئ من بداية الرواية حتى النهاية، محافظًا على وحدة الموضوع ، ويمكن لكلّ قارئ أن يرى جزءًا من واقعه فيها.
ما هدف الأدب، ولماذا نكتب، أو نقرأ الرواية؟ هل نقرأ فقط للمتعة، أم هو كشف لواقع نعيشه، يسلّط الكاتب الضوء عليه محاولًا الكشف عن كّل ما يدور حولنا، ومن هنا يستطيع الكاتب أن يكشف كلّ العيوب المجتمعية كي يساعدنا على فهم ما يدور حولنا بأسلوب سلس مشوق، ويسهم في نقل الإنسان من خلال رسائل توعوية أخلاقية دينية وسياسية وغيرها، إضافة إلى التاريخ الذي يكون أصدق في الروايات منه من كتب التاريخ. كلّ رواية نقرأها تولّد فينا أسئلة، هل هو الكاتب المتخيّل فقط، أم هو جزء من هذا النصّ؟ وما مدى صلة النصّ بالآخرين والعالم من حولنا ؟
الكاتب عارف بكلّ ما يجري حوله، باحث وممحّص وملخّص للحاضر والماضي، المخرج الذي يحرّك الشخصيات، يرسم الأدوار، يقودهم كي يؤدّوا الدور الذي يريد أن يسلط الضوء عليه. سارتر وسيمون دي بوفوار وألبير كامو أيضًا من الشخصيات التي وظّفها الكاتب بمهارة كي يكشف لنا خبايا الإنسان ونفسيته المعقّدة، ارتكاب الجرائم وتبريرها فلسفيًّا وطبقيًّا وسياسيّاً، من هي مسيكة التي تتغنّج أمام الغرب الأوربي والأميركي والجزائري؟
رواية تاريخية بامتياز، سلّط فيها الكاتب الضوء على مرحلة لم يتطرّق إليها الكتّاب من قبل في تاريخ الجزائر، عملت على تشكيل الوعي السياسي الجزائري في فترة ما، واجتماعية بامتياز، تتجلّى فيها الأبعاد النفسية للإنسان، معاناته بين الموروث والمعيش، تمزّق الفرد في ازدواجية المجتمعات، العادات والتقاليد، الدين والأسطورة، ورفض الآخر، كلّ هذا يدور في عالم المرأة حولها وبها ومنها.
الرواية عبارة عن سير شخوصها داخل سيرة الخالة صفية، كلّ واحد من الشخصيات يسرد حكاياته، ولكن حكاية هامان هي الرابط بين كلّ الحكايات، وكلّ شخصية تمثّل شريحة من المجتمع الذي هو مسرح الرواية.
الرواية مليئة بأسماء ورموز وإشارات، نحن أمام كاتب مثقّف جدًّا، يطرح فكرة معيّنة، تاركًا لنا مهمّة التفكيك، كلّ حسب تصوره مثيرًا قضايا مجتمعية من الواقع الذي من خلق الكاتب نفسه.
لقد أبدع الكاتب في خلط الزمن بطريقة غريبة جدًّا، فترة الأربعينيات، وفجأة انتهت في تفجير المسرح في العصر الحديث، الكاتب يمكن أن ينهي هذا الصراع بتفجير نهائي، قد تكون هناك بداية أسلم من الحياة التي مرّت في الرواية
رواية "شوينغوم" انعكاس حقيقي للنفس البشرية بما تحملها من صراعات داخلية وتناقضات، ويبدو أنّ البطل لم يكن متصالحًا معها، لأنّ فكرة القتل بدأت من البداية إلى النهاية، ولم يستطع التخلّص منها، وكانت كالخبز اليابس الذي عليه أن يزدرده بصمت ودون ماء كي يمرّ نهار آخر له على قيد التناقضات

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى