أسامة إسبر - أدار ظهره حتى لنفسه..

-١-
”لا تدر ظهركَ للمحيط“،
هذا ما قيلَ له دوماً
على شواطئ المحيط الهادي.
-٢-
منذ أن تحدّث المتنبي
عن ما يتوقّعه المرء خلف ظهره
اتسع الفراغ،
وصار مكشوفاً ومبتذلاً.
-٣-
إذا أردتَ أن تسند ظهرك
هَيِّئ نفسك لسرعة السقوط
ثم الارتطام كنسرٍ منتحر.
-٤-
على شاطئ المحيط
تتقدم الموجة
كأن لا أحد غيرها
يحق له الوجود في العالم
تريد الطريق لها وحدها
وإذا كنت فيه ستُجرف
وتصير من أشياء الزبد.
-٥-
رأى آثار أقدام حافية
يلتهمها الماء
هي وطرقاتها،
وأجساداً ممددة
تستدرج أشعة الشمس
إلى أعشاش برونزية
تنام فيها طيور الرغبة في الليل.
رأى كلاباً تركض
وراء كرات مقذوفة
تتلقفها في فمها
وتعيدها إلى من رماها
في حياة دائرية محكمة الإغلاق
كما لو أن الكلاب حين تجري
ترسم سجن حياتها الدائري.
-٦-
”لا تدر ظهرك للمحيط“،
ترنّ الكلمات في ذهنه كجرسٍ،
هو الذي أدار ظهره حتى لنفسه
ومضى في طريق يعاكسها.
-٧-
ها هو على المفترق
تهبّ رياحٌ شرسة
وتندفع أمواج
من الصعب فهم
حركة مائها المسعورة
كما لو أنها وحش مائي مفلت
في غابة الفراغ.
-٨-
أيتها الموجة الجائعة
أيتها الموجة النهمة
تندفعين بجشعٍ فوق المياه
لا تأكلين في النهاية سوى صراخك
وأنت تتحطمين
تاركة أعشاباً
قطع أخشابٍ
أصدافاً متغضنة
أسماكاً نافقة
قناديل بحر تلمع كضوء محتضر
وكائنات مطروحة من القاع
وتسلمين الجميع
أسرى لجوع الشواطئ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى