هاني الغريب (هاني أبو مصطفى) - صوفيات.. قالوا كفرت

قالوا بكيتَ فقلتُ من أبكاني
لاعقلَ لي لا شيءَ تحت كياني
قالوا سكرتَ فقلتُ أسكرُ هكذا
من دونِ أن ألقاهُ أوْ يلقاني
قالوا كفرتَ فقلتُ أقبلُ هذهِ
منكم ولكن ترجموا كُفْراني
في داخلي شوقٌ إليهِ وحيرةٌ
تجتاحُني وتدورُ بي نيراني
سُلطانُ ذاك العشق كان يسوقُ لي
من شعرهِ بعضَ الكلامِ الفاني
ولقد شرحتُ لهُ مشاعرَهُ التي
فينا ولم أشرح لهُ وجداني
الفرقُ بين زمانهِ وزماني
والفرقُ بين لسانهِ ولساني
فرقٌ أعزُّ عليّ من إخواني
أو قل كفرقِ الوصلِ والهجرانِ
اليوم يختلفُ الإلهُ وليس في
أطيافهِ لونٌ من الألوانِ
اليوم يجعلُ عاصيًا في ساعةٍ
عبدًا مُحبًّا وهو في العصيانِ
اليوم لي ربٌّ جديدٌ شأنُهُ
وطريقةٌ أُخرى بلا شيطانِ
الآن أشعرُ فيهِ جاء يصيحُ يا
ظلّي ويا ديني ويا عُنواني
اخلع وجودَك كُلّهُ واسكُن معي
لمعيّتي حصنٌ من الإيمانِ
واقتُل مشاعرَك القديمةَ ثم خُذْ
صُوري المُثيرةَ بالغدِ الملآنِ
حاولتُ لكنّ الخطايا حاجبٌ
بيني وبينك يا أنا الرباني
أزل الخطايا حين تدخُلُ حضرتي
في الذكرِ لاتجعل بقلبِك ثاني
وحدي إذا أُدخلتَ وحديَ لن أرى
أحدًا سوايَ بعالمِ الإمكانِ
أنا فوق معنى العقلِ كيف سيفهمُ
العقلاءُ لُغزَ مظاهرِ الأكوانِ
وقد ابتعدتُ كما اقتربتُ فهذهِ
مني وتلك خطيئةُ الإنسانِ
لم يقرأوا الإبداعَ في اللوحِ الذي
عندي ولم يستوعبوا أكواني
قومٌ بأفضالي الكثيرةِ ألحدوا
والآخرون تجاوزوا قُرآني
مولاي لاتحزن عليهم إنهم
لا يعلمون بلذّةِ استيطاني
دع عنك مافعلوا وأحسن جورتي
إني أراك كعاشقٍ سكراني
أجبرتني أن أشتهيك وأكتفي
بهواك هذا الحُبُّ من برهاني
كم سوف تطحنُ لي رغيفًا ناعمًا
وتزيدُ من أجري ومن إحسانِ
قد أسعد الصُّوفيَّ أنك صُبحُهُ
في الليلِ بل مصباحُهُ النوراني
قالوا بأني كاذبٌ في دعوتي
وصبرتُ قلتُ الصبرُ مهدُ بياني
قالوا العنوا هذا الشقيَّ وحاولوا
قتلي فقلتُ عفوتُ عن جيراني
لم أكترث لكلامِهم وسُبابِهم
لايفهمون حقائقَ العرفانِ
إني خرجتُ من الضلالِ إلى الهُدى
والعشقُ يملأُ طيبتي وحناني
أمشي ومسباحي يُرافقُني كما
ثوبي وأكتمُ حسرتي وأُعاني
لا أرتضي تكفيرَ مَنْ خالفتُهُ
بالرأي لا أدعو على عُدواني
مولايَ كيف أراك
في الأشياءِ ثم
يُرادُ منّيَ أن أخونَ مكاني
يا قبلهُ يابعدَهُ يا فيهِ يا
يا مُطلقًا ما حُدّ في جُدرانِ
للآن أرتكبُ الذنوبَ فلا تقُل
غشّ المُحبُّ ولم يصُن ديواني
حُبّي إليك يفوقُ أهلَ سفينتي
ويفوقُ عنهم بالهوى قُبطاني
مازلتَ ترعاني بأحلى سفرةٍ
وتظلُّ ما أبقيتني ترعاني
وتظلُّ لامكرٌ ولم تخدع هوى
نفسي وبوحُ شذاك لاينساني
يا أيها الأعلى حنانًا هل لهم
هذا الحنانُ ليهدموا عُمراني
أنا لستُ مُحتارًا بأمرِك مثلَهم
يا واضحًا في الرّوحِ والريحانِ
بك أكتفي جهلًا ولستُ بعارفٍ
أوْ عالمٍ لكن هواك سقاني
أرسلتَ لي شيخًا فأوقفَ شهوتي
وإليك كالطفلِ الرضيعِ رماني
أنا فيلسوفُ الجهلِ علمي أنت لي
والعلمُ أكبرُ حاجبٍ ورهانِ
ما قادت الآثارُ ذهنيَ مرّةً
أفيُستدلُّ عليك بالأعيانِ
أنت الدليلُ عليك ليس سواك في
تلك المدينةِ من سبيلٍ آنِ
والشاردون عن اللقاءِ تحجّجوا
بقرائنٍ مردودةِ البُرهانِ
لم يشرحوا للناسِ معنى أينما
ولّوا فثمّةَ وجهُك الرباني
ياحارقًا قلبي
بنارِ قصائدِ الشعراءِ
إنّ الإنتظارَ كواني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى