د. سيد شعبان - وصفة دقاز

بيضة ديك لمولانا ساكن القلعة؛ منذ سبع سنين عجاف وهو يتلوى كل ليلة في فراشه، الحمراء والصفراء بل حتى السوداء التي تضج نارا لم يفلحن في شفائه من دائه، تجمعت الشياه عند الماء، في بلادنا لا تنفرد واحدة وإلا كان الذئب، حدثني جدي عن ديك يخرج ساعة يؤذن لصلاة الجمعة؛ بين الخطبتين: الأولى والثانية؛ يزهو بعرفه؛ يلمع ريشه الذهبي؛ يطيل صوته فتسمعه القرية الغافية تحت سكون الفقر وسطوة من نهبوا أرضها؛ حتى النيل باعوه أمتارا مكعبة، ما عاد لهم غير آنية فارغة وعلب لبن جافة تأتيهم من بلاد العم السام، تفر الأغنام هاربة؛ تقطع الأبقار حبالها، تنبح كلاب الناحية، يقترب الذئب وللحم شهية الضواري.
إنها أرض الكوم؛ سر يختفي في باطن الأرض، يسمع به ساكن القلعة؛ عيون مبثوثة وآذان تتسمع دبيب النمال؛ لا ينشعل بجيش التتار يهدمون بغداد؛ يستبيحون بلاط الخليفة؛ لا هم له غير أن تدب في عضوه المشلول الحركة، جرب كل الحيل، ابتلع أزواج الحمام البري؛ شووا له ذكور البط، التقم أثداء نساء المدينة؛ كل بلادنا ملك يمينه؛ حتى أرحام نسوة الغجر يرتع فيها كيفما يشاء؛ يرسل جنده حيث يحملون إليه الجميلات في هودج أو في سفينة تدخل من فم الخليج، أو حتى في قطار الدلتا حيث باب الحديد؛ لا حيلة لكاعب ولا مفر لناهد؛ يعتصر منهن ما أحب، ولي النعم وما شاءت إرادته في بلاد تسكن بطونها الديدان، وتسرح فيها الخرافات، يسكتون الأفواه ويقلمون الأظافر؛ يدجنون البشر ويلاعبون الحجر.
عند ضفة النهر جاءت سفينته؛ معول هدم يتخفى وخمسة عشر رجلا يفسدون في أرضنا ولا يصلحون، تسللوا في سكون ليلة الجمعة وما أكثر ما تدبر المؤمرات في حلكة الليل، كان معهم سياف وحداد وخشاب ولحام؛ وآخر يبدو من شكله إمام كذاب!
شفاؤك يا مولاي والعفو من كلامي الذي تجاوز عتبة المقام؛ لكنه مسطور في الكتاب أمامي: ديك في بلدة عند ضفة النهر بها سر من اقتنص بيضة الديك؛ عاد أسدا يضاجع ألف امرأة في ليلة واحدة؛ يفوق داود يأتي بولد؛ لكنه سيكون نذير خراب، يعطيك الديك بيضته؛ إن أعطيت الرعية سبعة أيام طعاما شهيا، أصلحت بيوتهم، وزعت ما في خزانة القلعة من حب وسمن وجواهر؛ لو زرعت الأرض قمحا.
أن تكف خيلك عن الأسواق، تعطى العهد في شهر الله الحرام ألا تأخذ جباية وأن تدع نسوة المدينة يخرجن من باب القلعة في أمان.
أن تدع حملة المحابر يجوبون البلاد؛ يعلمون الناس آيات الكتاب، تعهد لطبيب التكية أن يصف الدواء؛ تطبخ لحما للمجاورين في الأزهر، تطعم الشياه ليالي الشتاء؛ تمد النهر حتى بوابة الحرم؛ غير معقول أن تنام على حرير والفقراء لا يجدون كسرة خبز.
سر في الكتاب المخفي؛ سيكون ولدك ك"شنجول" من بعده تتساقط أحجار القلعة؛ يلتهم التتار البلاط؛ تفر النسوة هاربات، عليك الاختيار؛ حياة لعضوك المشلول تختال به سبع ليال معدودات، تحبل واحدة من الألف؛ لا تدري من تكون منهن!
سول له شيطان قلعة الجبل- يأتيه بالحيل- غير معقول أن ينضب ماء مختزن في ظهر مولانا سبع سنين؛ ستلد تسع وتسعون امرأة في ليلة واحدة؛ محال تصدق نبوءة دقاز يسكن نجع "القوني"؛ إنه يكذب على الأعراب والبدو وهل يوم عادت بقرة أو شاة أو حتى امرأة فرت هاربة؛ إنها بلاد تسكن مغارة الجهل.
أخذ قراره؛ ليلة واحدة تشبع نهمه تروي عطشه ومن ثم بعد، يفرغ لملكه، طاف بهن كالمجنون استبدت به شهوته، يقبل الحمراء؛ يلاعب البيضاء؛ ولكنه فقط واقع السوداء؛ ثم بعد غاض ماء البئر، الديك هناك في المغارة ينوح على بيضته الوحيدة؛ سرقها جند المعظم، يتأوه في هم.
يهذي مولانا، سيكون شنجول؛ في كتاب العقد الفريد؛ على يديه نهايتي، الملك ضاع قبل أن يولد؛ باب القلعة محمول إلى القيصر، معاذ الله أن تكون الخيبة من ظهري.
يبكي يتألم، يقهقه شيطان تلة جبل المقطم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى