سمير بية - تحت المطر بيت شجريّ

وأنت تجلس تحت الشجرة
تحدّثها عن جرحك
تغرس أحلامك في أصص الوردات
تراقب صفّا من تسعة عصافير على نافذتها
قد ترغب أن تكون العصفور العاشر
تنتظر غيمتيْن بمساحة جناحيْك
إذا ما جرحهما البرق
تضمّهما إلى جرحك السّاخن
تفرّ العصافير التّسعة من دمائهما اللاّمعة
من ألمك العالق في سياج الحديقة
أنت الوحيد من يرتق جرح الغيمتيْن
بخيط من ظلّ الشّجرة
بإبرة الزّقزقات
يغسله بدمعه المالح
بدمه الأخضر
أنت الوحيد من يسيل وجهه من ألم الغيمتيْن
في مِغطس الشّجرة
بملامح معطّرة بثاني أكسيد الحزن
بجبين عضّه غبار مجعّدٌ
بعيْنيْن فارغتيْن من الماء
بأنف خال من الوردات
بشفتيْن جافّتيْن من القْبل
بذقن يابس
أنت من يمدّد الغيمتيْن على سرير من ريش في غرفة نومك
يطرد الكوابيس من أحلامهما
يدعو الأغصان لتقييم حرارتهما
تتعرّق أصابعها
والأوراق لتدفّئهما
يخضرّ السّرير
يقف البرق على شرفة الشّجرة المكتظّة بآلاف السيقان والمناقير
تُباغته ريشات هشّة تسقط من ألم الغيمتيْن
وزقزقات متأوّهة تحلّق من ألمك
يعتريه خجلٌ
يسحب وميضه الدّامي
يضيء الفراغ بين جرحك وجرح الغيمتيْن
يبكي
تعود العصافير التّسعة بوسائد محشوّة بالأحلام
بأغطية من نور
تُمدّدك بجانب الغيمتيْن
تخيط جرحك بالقشّ الذّهبيّ
تُضمّده بأعشاش دافئة
تُصفّق الأغصان بأجنحتها
تُزقزق الأوراق
ترقصُ الشّجرة على ساق واحدة
يضحك البرق مغمضا عيْنيْه
تضمُّك الشّجرة والعصافير والغيْمتان إليها
لتحلّقوا بيتا شجريّا بجرح ساخن
بألم يابس
بأحلام عطشى
تحت المطر

سمير بية/تونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى