نشأت في بيئة صحراوية حيث الصعاب و المسالك الوعرة فأكسبتني مراسا صعبا وقلبا صلباو عزيمة فولاذية وحكمة أشد بها شكيمة الجماح. رغم ما توفر لي من جاه وحسب ونسب إلا أنني مثابرة أقف على كل شؤوني وشؤون قبيلتي وقد حباني الله بمرتبة مرموقة بين ناظري والدي ،يرسم لي طريق المجد على عكس ماكانت تلاقيه النسوة في قبيلتي ربما لأنني كنت البنت الوحيدة بين إخوتي الذكور وربما قدر جميل ساقه ربي لعربية مثلي، وقد تمتعت بكل حريتي حتى في اختيار شريك الحياة على عكس عادات المجتمع القبلي أو البربر أو العرب، لكن لحسن تصرفي وشدة حبي لقبيلتي ٱثرت المصلحة العامة على المصلحة الخاصة فتركت حب شاب مولع بي للهيام والعشق واخترت الزواج بسيد من أسياد مكة وشريفا من شرفائها لأنجب سيدا من أسياد العرب يحمل بعض صفاتي .
كانت حياتنا مترفة لا تشوبها شائبة ، وسط بقية القبائل بيد أننا نعيش على تربية الإبل والماشية و تجارة الغنم في شبه الجزيرة حتى ذهب الكثير من الخير وحل الجفاف و الجوع للبشر والنعم و دخلنا مرحلة الحل والترحال والبحث عن الموقع المناسب ،وهذا لا يكون أمرا سهلاً لما ينشب من معارك للفوز بالموقع الأنسب و أصبحت القاعدة الجديدة البقاء الأقوى ... وهذا ما أقظ مضجعي و أربك حياتنا بعد الاستقرار.
أذكر أنني خضت مع قبيلتي سنوات الجفاف والقحط بنجد معارك حامية الوطيس تحتاج إلى الحنكة والدراية ،حيث استدرجت بعد رسم خطة مع أخي" أبو علي الهلالي " العدو إلى خندق كبير أهدرت على جانبيه القمح والشعير فسقط كل الأعداء و ردمناهم كي يكونوا عبرة لكل العرب وكل من يفكر في الإغارة على قبيلة الهلالية . سرى الخبر بين القبائل كالنار في الهشيم وفتحت أمامنا أبواب رزق لم تحسب.فجلبنا مجدا وعزا لا يضام وملأنا المؤن والمخازن لضمان سنوات من القرار.
منذ ذلك العهد أصبحت حكيمة وبعضهم يرونني صنديدة عتيدة يدعونني إلى المجالس من وراء الحجب كي أفصل في النزاعات و خصوصيات العرب وبعض العجم... و أفوز دائما بحسن المشورة ولا يغادر أحد مجلسنا إلا وقد حقق بعض الرضى و القناعة لأن الحكمة مهارة وصناعة .
ومرت الأشهر والاعوام لكن دوام الحال من المحال فدارت الأيام و نزحت القبائل بحثا عن مرعى وماء و اتقاء صولة بعض الشرساء ممن يسبون البنات ويسلبون كل ما يمكن حمله ولم يسعفنا الحظ في المقاومة فاضطررنا إلى الرحيل.
أين سيكون ؟ وهل عزنا سيدوم كما أوصانا الأباء والجدود ؟!!
هل نشرق أم نغرب أم نبعث رائدا يستكشف المكان ويقي أهل القبيلة العناء والشقاء؟!
اتفقنا على ارسال سيد الفرسان و مرت الأسابيع والكل ينتظر خبرا سعيد وميلادا للفرج قريبا حتى هل هلال ذياب رافعا راية الأمل أو السراب. .
جمعنا الأمتعة و غادرنا ليلا إلى ناحية الغرب كي لا يلحق بنا عدو ولا منافس والغرب دائما يحمل الغريب و يا للغرابة من هول ما لقينا من متاعب وأهوال أفقدتنا العجائز والأطفال . وطال الطريق الصحراوي الجاف ونحن في ضيق حتى انتهى المطاف. بعدسير شهر بروضة كأنها الجنة اخضرارا وإشراقا هواؤها نقي ندي ينعش الروح و يداوي الجروح والقروح.
أين الجازية لم نسمع لها حسيسا ولم نر لها بصيصا . صمتها قد يحمل هاجسا أو نبوءة زرقاء اليمامة .
تنهدت الجازية حتى كادت تقطع الأوصال ولم تصدق أنه سيحلو لها المقام بصدر مقبوض رغم جمال المكان اليانع وكثرة الينابيع .. وما إن بدأ الرجال يدقون الأوتاد وينصبون الخيام ويضعون الأثقال والأمتاع حتى تناهى إلى مسامعهم صهيل الجياد وقرقعة السيوف بين الأنداد. فنبهت صناديد القبيلة إلى الاستعداد وانطلقت حربا ضروسا طاحنة. اكتشفت بعد جهد جهيد أن عدوها جاء يطلب الثأر لما فعلوه بهم في غابر الأيام ، فلم تستسلم الجازية للهزيمة وهي تعرف أنها الحكيمة وأن رجال القبيلة قبل نسائها ينتظرون منها حيلة.
فأهدلت شعورها و تزينت بردائها الفاخر الذهبي واعتلت صهوة جوادها ثم ارتمت وسط حرب حامية الوطيس ،فأدهشت كل المحاربين حتى إبليس.
ذهلوا كيف لامرأة أن تحمل قلبا جسورا يخترق السيوف ؟!
كيف لها أن تتزين و تتأنق والأعناق تقطع في الوغي؟!
سحرتهم وفعلت فعلتها دون تعويذة. أو قوة خارقة وكأنها قد بركت عزائمهم وأطفأت نار ثأرهم بينما ثارت ثائرة رجال القبيلة وأهل البيت كيف للجازية أن تقتحم المعترك و تكشف حرمة و لا تخشى سبيا أو هزيمة. فأخذوا يعملون السيوف يمنة ويسرة دون خوف أو تفكير بينما تعالى صوتها مزمجرا
" تطلبون ثأرا من الليوث وما تسلحتم بخطة أو عبوس ، تضحكون قليلا و لا يحل ليلكم إلا وأنتم في القبور تحت أقدام أم الشعور بين يدي سحاب وذياب "
بعثت عزيمة خرقاء في رجالها فقضوا نحب ٱخر فارس عظيم كان ذاهلا ساخرا مما تفوهت به الجازية ولم يدر طعنة غدرت به فلحقتها طعنات درأت هزيمتهم ودفنتها في خندق كبير....
زغردت النسوة لنصر حققه الرجال يفضل جازية الخصال . أما الفرسان فلم يعرفوا تفسيرا لما حصل ولم يستطعموا نجاحا تحقق بطلة بهية وسط الدماء لسيدتهم الحسناء فقد اشتدت عزيمتهم لقتل كل الأعداء حتى لا يتذاكروا هذه الحادثة الأليمة التي تخدش لهم الحياء وتطعن مروءتهم بين الأعراب وربما تقضي على شرف كل الهلالية والأصحاب بل منعوا عن كل أفراد القبيلة الحديث في هذا الشأن حتى بين الخيام .
ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد يخشى صولة أحد غير صولات القائدة الحكيمة وسيدة القبيلة
كانت حياتنا مترفة لا تشوبها شائبة ، وسط بقية القبائل بيد أننا نعيش على تربية الإبل والماشية و تجارة الغنم في شبه الجزيرة حتى ذهب الكثير من الخير وحل الجفاف و الجوع للبشر والنعم و دخلنا مرحلة الحل والترحال والبحث عن الموقع المناسب ،وهذا لا يكون أمرا سهلاً لما ينشب من معارك للفوز بالموقع الأنسب و أصبحت القاعدة الجديدة البقاء الأقوى ... وهذا ما أقظ مضجعي و أربك حياتنا بعد الاستقرار.
أذكر أنني خضت مع قبيلتي سنوات الجفاف والقحط بنجد معارك حامية الوطيس تحتاج إلى الحنكة والدراية ،حيث استدرجت بعد رسم خطة مع أخي" أبو علي الهلالي " العدو إلى خندق كبير أهدرت على جانبيه القمح والشعير فسقط كل الأعداء و ردمناهم كي يكونوا عبرة لكل العرب وكل من يفكر في الإغارة على قبيلة الهلالية . سرى الخبر بين القبائل كالنار في الهشيم وفتحت أمامنا أبواب رزق لم تحسب.فجلبنا مجدا وعزا لا يضام وملأنا المؤن والمخازن لضمان سنوات من القرار.
منذ ذلك العهد أصبحت حكيمة وبعضهم يرونني صنديدة عتيدة يدعونني إلى المجالس من وراء الحجب كي أفصل في النزاعات و خصوصيات العرب وبعض العجم... و أفوز دائما بحسن المشورة ولا يغادر أحد مجلسنا إلا وقد حقق بعض الرضى و القناعة لأن الحكمة مهارة وصناعة .
ومرت الأشهر والاعوام لكن دوام الحال من المحال فدارت الأيام و نزحت القبائل بحثا عن مرعى وماء و اتقاء صولة بعض الشرساء ممن يسبون البنات ويسلبون كل ما يمكن حمله ولم يسعفنا الحظ في المقاومة فاضطررنا إلى الرحيل.
أين سيكون ؟ وهل عزنا سيدوم كما أوصانا الأباء والجدود ؟!!
هل نشرق أم نغرب أم نبعث رائدا يستكشف المكان ويقي أهل القبيلة العناء والشقاء؟!
اتفقنا على ارسال سيد الفرسان و مرت الأسابيع والكل ينتظر خبرا سعيد وميلادا للفرج قريبا حتى هل هلال ذياب رافعا راية الأمل أو السراب. .
جمعنا الأمتعة و غادرنا ليلا إلى ناحية الغرب كي لا يلحق بنا عدو ولا منافس والغرب دائما يحمل الغريب و يا للغرابة من هول ما لقينا من متاعب وأهوال أفقدتنا العجائز والأطفال . وطال الطريق الصحراوي الجاف ونحن في ضيق حتى انتهى المطاف. بعدسير شهر بروضة كأنها الجنة اخضرارا وإشراقا هواؤها نقي ندي ينعش الروح و يداوي الجروح والقروح.
أين الجازية لم نسمع لها حسيسا ولم نر لها بصيصا . صمتها قد يحمل هاجسا أو نبوءة زرقاء اليمامة .
تنهدت الجازية حتى كادت تقطع الأوصال ولم تصدق أنه سيحلو لها المقام بصدر مقبوض رغم جمال المكان اليانع وكثرة الينابيع .. وما إن بدأ الرجال يدقون الأوتاد وينصبون الخيام ويضعون الأثقال والأمتاع حتى تناهى إلى مسامعهم صهيل الجياد وقرقعة السيوف بين الأنداد. فنبهت صناديد القبيلة إلى الاستعداد وانطلقت حربا ضروسا طاحنة. اكتشفت بعد جهد جهيد أن عدوها جاء يطلب الثأر لما فعلوه بهم في غابر الأيام ، فلم تستسلم الجازية للهزيمة وهي تعرف أنها الحكيمة وأن رجال القبيلة قبل نسائها ينتظرون منها حيلة.
فأهدلت شعورها و تزينت بردائها الفاخر الذهبي واعتلت صهوة جوادها ثم ارتمت وسط حرب حامية الوطيس ،فأدهشت كل المحاربين حتى إبليس.
ذهلوا كيف لامرأة أن تحمل قلبا جسورا يخترق السيوف ؟!
كيف لها أن تتزين و تتأنق والأعناق تقطع في الوغي؟!
سحرتهم وفعلت فعلتها دون تعويذة. أو قوة خارقة وكأنها قد بركت عزائمهم وأطفأت نار ثأرهم بينما ثارت ثائرة رجال القبيلة وأهل البيت كيف للجازية أن تقتحم المعترك و تكشف حرمة و لا تخشى سبيا أو هزيمة. فأخذوا يعملون السيوف يمنة ويسرة دون خوف أو تفكير بينما تعالى صوتها مزمجرا
" تطلبون ثأرا من الليوث وما تسلحتم بخطة أو عبوس ، تضحكون قليلا و لا يحل ليلكم إلا وأنتم في القبور تحت أقدام أم الشعور بين يدي سحاب وذياب "
بعثت عزيمة خرقاء في رجالها فقضوا نحب ٱخر فارس عظيم كان ذاهلا ساخرا مما تفوهت به الجازية ولم يدر طعنة غدرت به فلحقتها طعنات درأت هزيمتهم ودفنتها في خندق كبير....
زغردت النسوة لنصر حققه الرجال يفضل جازية الخصال . أما الفرسان فلم يعرفوا تفسيرا لما حصل ولم يستطعموا نجاحا تحقق بطلة بهية وسط الدماء لسيدتهم الحسناء فقد اشتدت عزيمتهم لقتل كل الأعداء حتى لا يتذاكروا هذه الحادثة الأليمة التي تخدش لهم الحياء وتطعن مروءتهم بين الأعراب وربما تقضي على شرف كل الهلالية والأصحاب بل منعوا عن كل أفراد القبيلة الحديث في هذا الشأن حتى بين الخيام .
ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد يخشى صولة أحد غير صولات القائدة الحكيمة وسيدة القبيلة