هاني رضيو عبدالله - أنوحُ على بغداد

أنوحُ على بغدادَ والدمعُ يهملُ
على ما جرى فيها وما سوف يحصلُ

أنوحُ كما ناح الحمامُ وأشتكي
إلى كُلِّ غُصنٍ في البساتين يذبُلُ

على ما مضى منها قديماً وحاضراً
أليس على أطرافِها المجدُ يُحملُ

أليس هيَ الدنيا التي كان أهلُها
يُغنّون ما طاب اللقا والتجمُّلُ

وتحت سماها أنشد الدهرُ ضاحكاً
سعيداً وفي كلتا يديها يُطبِّلُ

لقد كان يشتاقُ المُحبون كُلُّهم
بأن يسكنوها. بعضُهم كان يُقبلُ

وبعضُ يُنادي ألفَ عامٍ لعلّهُ
ينالُ رضاها وهو صبٌّ مؤمّلُ

ومرّت بها الأيامُ عزّاً ورفعةً
وخيراً كثيراً كُلُّنا سوف نُسألُ

جراحاتُها الكُبرى تصاميمُ رحلةٍ
ومصباحُ تاريخٍ كريمٍ ومنهلُ

وصورةُ ربٍّ في المناديلِ يختفي
ويظهرُ أحياناً مداهُ المُزلزِلُ

أنوحُ على بغداد هل ذاك حالُها
ويلعبُ فيها المُشترى والمُغفّلُ

ويُبعدُ عنها خيرةُ الناسِ مَن لهم
مواقفُ أبطالٍ لديهم تبسُّلُ

يُريدون تدميرَ البُنى في فسادِهم
وكُلٌّ لهُ فعلٌ قبيحٌ ومُخجِلُ

سوى مَن أعاروا الموتَ أعلى رقابِهم
وعن أرضِها في كُلِّ حربٍ تسربلوا

أنا يا ابنةَ النهرين أُرسلتُ عبرةً
وعندي من الأوجاعِ ما لايؤجّلُ

أنا شاعرٌ يُوحى لهُ في زمانهِ
ولكنني للآن صوتٌ مُعطّلُ

معي من سجلّاتِ القُدامى مدائنٌ
يعيشُ بها مَن خان فيهِ التأمُّلُ

معي من مُعاناةِ الزهاوي صحيفةٌ
ومن أبجدياتِ الرصافي توغُّلُ


ولي منهما شيطانُ بوحٍ مؤيّدٍ
بقافيةٍ عصماء بالنصرِ تهطلُ

فلا تجهليني بعد هذا فإنني
أمامَ لياليكِ اليتامى مُجندلُ

وبي لوعةُ الشبليّ في يومِ موتهِ
وحرقةُ معروفٍ وزرعٌ ومنجلُ

ألا لعنةُ التاريخِ يا مَن تساقطتْ
بأنفاسِكم بغدادُ توبوا أوْ أرحلوا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى