أبووردة السعدني - بين المماليك والعثمانيين

.... قامت دولة سلاطين المماليك 648 /1250 ، وحكمت مصر والشام والحجاز 274 عاما ، وأسدت إنجازات جليلة للعالم الإسلامي والحضارة الإسلامية ، فلقد رفع سلاطينها راية الجهاد الإسلامي ، وحققوا انتصارات سجلتها صفحات التاريخ بمداد من نور : أوقفوا زحف جحافل المغول بهزيمتهم - إياهم - في معركة عين جالوت 658/1260 ، وتصدوا لزحف الصليبيين في معارك عدة ، وألحقوا بهم هزائم موجعة ، توجوها بفتح مدينة عكا آخر معقل صليبي 690/1291. ..
...وعصر دولة سلاطين المماليك كان - بحق - العصر الذهبي للإبداع العلمي والازدهار الحضاري للحضارة الإسلامية في مختلف المجالات ، ولعل ما تزخر به المكتبات العالمية من مصادر مخطوطة ومطبوعة ، دونت في عصر المماليك ، يعد دليلا واضحا وقاطعا على ما قام به سلاطين تلك الدولة من توفير الأجواء الملائمة للإبداع العلمي والفكري في عصرهم ...
...ظلت دولة سلاطين المماليك قائمة حتى اعتورها ما اعتور غيرها من الدول التي سبقتها ، كالدولة الأموية التي زالت سنة 132 / 750 ، وقامت على أنقاضها الدولة العباسية التي انتهت - هي الأخري - بنكبة بغداد على أيدي المغول سنة 656/1258 ، حيث سقطت دولة سلاطين المماليك سنة 923 /1517 ، ودخل العالم الإسلامي في مرحلة أخرى من مراحله التاريخية ، تحت حكم الدولة العثمانية الإسلامية ، التي حكمت معظم أرجاء العالم الإسلامي قرونا طويلة. ...
... أسهمت الدولة العثمانية بقسط وافر في إثراء الحضارة الإسلامية سياسيا وحضاريا ، وتبوأت مكانا عليا في قلوب المسلمين وغير المسلمين ، حتى اعترف سفير البندقية في القرن السابع عشر الميلادي ب : أنها دولة لا تضاهيها دولة أخرى ....
لقد نعم رعايا الدولة العثمانية بنعمة التسامح التي أظلتهم جميعا دون تمييز ، وحسبنا الإشارة إلى أن عدد سكان العاصمة العثمانية - على مدار تاريخها - كان : 58% مسلمين ، و42% من غير المسلمين ، وكان بها في سنة1547 م 67 كنيسة أرثوذكسية ، وعشر كنائس - معظمها كاثوليكية - في حي غلطة الذي يقيم فيه الأوربيون ، وأن عدد الكنائس التي بنيت في إستانبول - في أواخرالقرن السابع عشر الميلادي - يفوق بكثير عدد الكنائس التي بنيت في عهد الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول ، الذي حكم الإمبراطورية البيزنطية خمسين عاما (ت565 م) .....

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى