محمد محمود غدية - ثوب الزفاف

العيش معها أطيب، وفضاء الكون أرحب، والأشجار والأزهار أكثر نضارة، والماء أعذب،
جميلة جمالا لايخصها وحدها، إنه جزء من الهبة التى جلبتها إلى العالم، وتتقاسمه مع شريك حياتها، هى من إختارته،
اليوم زفافها، ستسافر معه إلى مدينة ساحلية حيث يعمل، يحبها ويحب من يدها طبق الحلوى أم على، هى من تختار ملابسه، لا يغادر المنزل
حتى يلقى منها إبتسامة الصباح، رزقهما الله بطفلة تشبهها، تحملت الأم آلام الولادة المتعثرة، بعدها غادرت الدنيا، أشاروا عليه بالزواج، رفض لا يستطيع تعويضها، وهى سكنى قلبه لم تغادره، لمن يشكو همومه ومن ستعد له الطعام ؟
أتى للطفلة بمربية، الطفلة كبرت واليوم زفافها، أضواء الكاميرات والفيديو تغشى عينيه، أدار ظهره للعروس، حتى لاترى دموعه التى إنسابت كشلال مطر، حين رأى فرحة أم العروس بزفاف إبنتها، إنه يوم لا تغيب فيه الأمهات، لكنها غابت،
يكافح كى يكبح حزنه المعتق، وهو يقبلها وتغادر، وسط موسيقات وأزهار تناثرت فوق فستان الزفاف، الشمس تتسرب من خصائص النافذة، فتتكسر خيوطها على جسده الواهن، يرتجف تزحف نحوه نيران الوحدة، ينكمش تحت الدثر، يهذى يسمع جلبة فى المطبخ، إنها القطة جوعى وهى التى إعتادت أن تأكل من يد إبنته العروس، الإنسان يولد ويموت وحيدا، لم يفلح فى إيجاد بديل للغياب، مستسلما لسطوة حضورها الجميل وروحها الآثرة، هبت رياح خفيفة حملت رائحة عطرها، التى إنتشرت فى المكان ورطبت خياله المتقد، أغمض عينيه وإبتسامة رضا تداعبه، بعد أن حقق السعادة لإبنته، والتى أسعدت الأم،
ابنته العروس ستأتى له بالأحفاد الذين سيتقافزون حوله فى حب، وهم يداعبونه ويسقطون عن وجهه نظارته، ويملأون البيت دفئا وصخبا وألقا، الحب يفرض الإشتياق، الذى يؤسس للبهجة والأنس، أخذ يلاعب القطة بعد أن أفرغ صندوق اللعب الخاص باإبنته العروس، إننا لا نتوقف عن اللعب لأننا كبرنا وإنما نكبر حين نتوقف عن اللعب، صورة إبنته فى ثوب زفافها الرائع ووجها التفاحى الناضج وهى تبادله الإبتسام لا تفارقه، وأيضا صورة الأم وسعادتها بزفاف إبنتها فى القلب لا تغيب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى