محمد محمود غدية - المطر

على الرصيف المحاذى لحزنه،
ظل يعدو هربا من المطر المتساقط كالسيل، الذى غسل واجهات الفاترينات والشوارع،
تحت مظلة مقهى أغلق نصف أبوابه، إنضمت إليه فتاة فى نضارة الورد، تصغره ببضعة أعوام، تشكو البلل وإتلاف كتبها،
خلع معطفه ووضعه على كتفيها، بين
دهشتها التى ألجمتها، وهو يقبض على كفيها ويدعوها للدخول معه الى المقهى، مستسلمة لدعوته ودفء كفيه، رغم برودة الجو، طلب فنجاني شاى،
جمالها فالت، غير قابل للقبض،
المطر حال بينها وبين الذهاب الى كلية التربية التى تدرس بها فى سنواتها النهائية،
له خمس مجموعات قصصية،
من هنا تأتى حاجته الملحة للثرثرة، والتى لولاها ماكانت القصة ولا الكاتب،
تضحك وهو يخبرها : أن بعض قوانين الطبيعة، ستبقى ألغازا مستغلقة
على الفهم، مثلما المطر الذى جمعهما صدفة، والذى يعشقه ويعيده طفلا فى سن العاشرة، ويؤلمه حين يتساقط فوق سقف حجرة متهالكة، أصحابها يضعون الأوانى أسفل الثقوب، مخافة غرق الحجرة ومن فيها من شيوخ وأطفال، كما يؤلمه الصغار، وهم يرقصون رقصة الطيور الذبيحة فى الشوارع تحت زخات المطر، غير مبالين بأثوابهم المختصرة التى بللها المطر،
والجميل حين يروى الأرض العطشى التى تخرج لنا أطيب الثمر والنبات، ويطفيء ظمأ الإنسان والدواب،
ماهذه المشاعر التى تضربك فجأة، وتخفى وجودها فى وجودك، حتى تتمكن منك، وتدعوك للكتابة، إستأذن
أن يكتبها فى قصة، وافقته بعد أن خلعت عنها معطفه، شاكرة هذا الفيض من الكرم، تبادلا أرقام الهاتف، وإستأذنته فى الإنصراف، ليكتبها فى حكاية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى