سلوى محسن - تصرخ لتطفئ شهوتها..

قبل العزل بأيام قليلة
كانت مدينتنا تخاف من الوحدة
تصرخ أطرافها في الأسواق
السبت الأحد الاثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة
في الوكالات القديمة
على الأرصفة العشوائية
وعلى أعتاب البيوت النائمة
من فرط التعب.
في جوف البالات يطالع الآباء يأسًا صغيرًا
يليق بصباحات الأيام العادية.
تخرج الأمهات
شريط قياس من حمالات صدورهن
(مازورة) بطول الخصر والقامة،
ورقة بيضاء مطوية بعناية
بحجم أقدام الصغار،
لم يفلح العُسر والظلام في تكبيلها
فكبرت!
بفأل سيء
نعيش في حلم من ألف ليل وأربعمئة
منذ عشق الرحالة أزقتنا
نزحوا إليها في جوف عاصفة
يقودها غراب ذو قلنسوة بيضاء
تقي
كرجل دين لا نور له
يفر اليمام حاسر القلب تحت الأسرة
يريح عصفور جناحيه
في ثوبي المنسي على حبل الغسيل
حتى سالت خيوطه.
قبل أيام من هطول المطر
غنت قمرية وأرتقت الحزن
في حزمة المتاع البالية
يبغبغ الحمام السمين ويهدد
لا يترك رومانسيًّا يغرد
بأناقة.
يطارد قطة تؤلمها هرموناتها
تصرخ لتطفئ شهوتها
يقذف ذو القلنسوة السوداء، الورع
التقي كرجل دين لا نور له
قط الشوارع بحجر
تحتضن هرة الرصيف وتبكي
وفي فمها خيط من ذاكرة مدينة قديمة
كانت تقدس النور والقططة والنساء
تغمر الطيور رأسها في النهر
وعينا الغراب المظلمتان
تحرسان الطريق إلى حقول الضحايا
تحيط الأرض ومدارج الغلال
بقصائد الموت !
نعيش كالقمر فوق الجبانات
كالبحر، يغلق ضفتيه على كل شراع ينتصب
مثل ليل يضيق بعُري الحقول؛
لا تنفرج غيمة
تروي في الشقوق حشرة
قبل الفناء بيوم أكبر من العالم

——
يوم يولد قبل نهاية العالم، سلوى محسن، دار الأدهم للنشر والتوزيع،2023

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى