أسامة إسبر - فضاء يقاس بثقب الرصاصة

المطرُ يتساقط وهذه عادته.
أغصانُ الأشجار تتشرّب الماء
يفيضُ عنها ويسيل إلى الجذور
لكن الظمأ يضيء الطريق.
محظوظ من يسافر إلى مكان آخر
ويشعر بالسعادة.
الشمس ليست هنا
لا تهتم النافذة بذلك.
قطع الأثاث في الغرف
تبدو في هذه اللحظة
كأنها مراكب غارقة.
الأشياء تنام وتستيقظ
إما مخمورة من الظلال
أو مخمورة من الضوء.
في المقبرة شواهد تنتصب
كأجساد تهمّ بحمل المظلات
نسيتْ أين أيديها.
رجل يفتح صندوق البريد
ويتملى وجه الفراغ في داخله.
في أعوام خلت اعتاد أن يخرج الجرائد
دون أن يفتحها ويرميها في القمامة.
صارت الكلمات
أسماكاً متجمدة في الشاشة
والباب الذي سيُفتح
قد يخرج منه طفل
أو قد يخرج تابوت
لا أحد يعرف على وجه اليقين.
طيلة هذا الشتاء
لم يكن البحر في إطاره
كان غاضباً يُرغي ويزبد
ويتقلب ويسعل بلا توقف
مخرجاً من منخريه الماء الأبيض
وتسوطه ريح لا تكف عن الهبوب
فيما كانت اليابسة
تنتظر خبراً ما
عن شمس ستشرق
وتجعل الحياة بسهولة تناول حبة فيتامين.
لكن الخبر لم يأت
ظل ضائعاً في ضباب أخبار كثيرة
وكلها عن أسلحة تعبر الحدود
ومحاصرين في المدن
وأسرى يتم تبادلهم
وشعوب تعيش في الظلام
تحت مطر يتساقط كعادته
فوق مدن لم يعد فيها الفرق كبيراً
بين الأحياء والموتى
وصار فيها الفضاء
يُقاس بثقب الرصاصة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى