محمد محمود غدية - رماد الحلم

يركب الباص يوميا أو علبة السردين كما يسميه، لاتراه وسط الزحام إلا وهو مدفوعا مسحوقا مضغوطا
لا يستطيع التنفس حتى نزوله للمصلحة التى يعمل بها،
أناقته ضاعت فى الزحام، لمعة الحذاء إنطفئت، بذلته الوحيدة إتكرمشت، يمسح حذائه فى رجل البنطلون أثناء صعوده سلم المصلحة، الأسانسير للمدير وكبار الزوار فقط،
زميلته فى المكتب سنجل مثله هى من عرفته معنى كلمة سنجل التى لم يسمعها من قبل،
والتى تعنى انه وحيد، تماثله فى السن والوظيفة، طلبها للزواج بعد أن صارحها بحبه لها،
رفضته لا لشئ إلا لأنه فقير، وفى جرأة حدثته أنها فقيرة مثله إذا تزوجا سينجبا شحات، وهى الطموح لزواج أرقى ينقلها إلى مستويات الحلم الشقة والسيارة، لا تنكر أنه شخص لطيف ومؤدب وطيب، وكلها مصوغات لا تصلح وزواج الحلم،
وتزوجت عجوز وإنتقلت للعيش معه فى شقة فاخرة، وأصبحت تقود سيارة فارهة،
أخذت أجازة سنة من المصلحة، شغل مكتبها السكرتير الثانى،لا ينكر أنه إفتقد إبتسامتها الصباحية ووجها النضر الحلو، أحبها ورفضته،
شقيقته اخبرته أن صديقتها معلمة مثلها فى المدرسة معجبة به، بعد أن شاهدتنا معا ذات يوم، وسألتنى عنك، وأضافت أنها إبنة ناس طيبين ومؤدبة، طلب رؤيتها وراقت له، حددا بعدها موعدا للخطوبة والزواج،
فى هذه الأثناء طلقت زميلته، وطردت من الشقة، وسحب العجوز السيارة منها، بعد أن إكتشفت زواجه بأخرى ورفضها الجمع بينهما،
عادت إلى المصلحة بعد قطعها للأجازة، تقاسمه المكتب بعد نقل السكرتير الثانى رئيسا للأرشيف، وبين دمعاتها حكت عن فشل زواجها وأنها من إختارت أن تدفن شبابها مع عجوز لم يقدرها، طارحة عليه سؤال : أمازلت راغب فى الزواج منى ؟
- قال : لا لقد وجدت اخرى تقاسمنى الهم .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى