د صلاح الدين أبوبكر عثمان - قراءة في قصيدة "نخب ضياعنا الأخير" .. للمبدعة أريج محمد احمد

نص أدبي ينتمي لجنس الشعر الحديث أو ما يطلق عليه القصيدة النثرية، وبغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا فهي أي القصيدة النثرية المتحررة من القوالب الكلاسيكية جرسا وموسيقة وايقاعا واخيلة وصورا ذهنية وانتقالات جماليات يتقرر القول بانها تمثل دفقة غاية في العذوبة والصفاء والتجلي كسحاب ثجاج وافر الانصباب يعبر عن مكنونات شعورية ومشاعر دفيئة وضيئة وافكار في كامل النضج والبلاغة والفصاحة واليسر.. فلكم سرحت وسافرت عبر مفردات النص الى عوالم من الدهشة والجمال
وسمت الشاعرة الأديبة منجزها الشعري بـ (نخب ضياعنا الأخير) والنَّخْبُ: الشَّربة من الخمر أو غيرها يشربها الرجل لصحة حبيب أَو عشير أَو محتفى به.. ومن ناحية يبدو أن هناك أكثر من ضياع باعتبار الأخير سبقه ضياع، والضياع قد يكون الفقر والعيلة وقد يكون الفقد. وبالخلاصة فاسم النص يوحي بدلالات متنوعة ومغايرة للسائد من العناوين من حيث الادهاش والغرائبية. فالعنوان بمثابة الريتاج للولوج في متن السرد او النظم الذي تتابع واتسق كحبات اللؤلؤ في جيد غادة انيسة تموج وتضج بالجمال. وبمقدرة استثنائية تواجه حزمة من التحديات. تحت عنوان الخيانة ب\اية من القدرة واللغة والكينونة الانثوية وقهر الحب الانهيار والضعف اما سطوة الحب فتشعر بليل الهزائم متكررا صباح مساء وفجأة يبرق سنا الامل فتنابها عافية الصحو فتنفض كما الكائنات الاسطورية من رماد رفاتها لتتبوأ مقعدها تظللها سحائب الظفر والانتصار بين منطقة وسطى بين المسافة والممكن بين الواقع والطموح... ولا تستسلم ولا تضع ادواتها المقاومة ارضا وتسقط في لجة الياس لا بل تحزم حقائب التسفار كمثل شجرة السنديان الدائمة الخضرة وكمعزوفة موسيقية تمضي تطارد وتلاحق كل تفاصيل الحلم المتواري خلف المستحيل فتلاحق دخان السجائر عبر ذرات الاثير متوقعة استنبات خارطة للطريق فترسم بوهج لحظة توفر الادوات والوسائل من بوصلة وسهم كيوبيد وبرغم ذلك تضطرب الاتجاهات وتختل المسارات اشبه بتقريرية الضياع والمتاهة... ثم من بعد ذلك تأخذنا القصيدة في رحلتها السردية الفارهة والفخيمة فتدهشنا مفردة ( صه )التي في مبحث تأصيلها هي عبارة عن (اسْمُ فِعْل للزَّجْر بمعنى اسْكُتْ. وهو بلفظ واحد للجميع في المذكَّر والمؤنَّث. وفاعلُه ضمير مُسْتتِر، نحو: «صَهْ يا غَبِيُّ!». ويُقال: «صَهٍ!» بالتَّنْوين أي اسْكُتْ سُكوتًا ما في وَقْتٍ ما.
ربما جاء الزجر كمفابل موضوعي للاندياح والانعتاق من تابوهات الخطوط الحمراء ليتدفق البوح نهرا من الابداع متنقلا بين حدائق الابداع واقتحام الممنوع واعادة ترتيب الاشياء وانتاج فكرة جديدة خطا ورسما ومعنى ودلالة
وهنا يرهف السمع وتدق الرؤية البصرية والسمعية فتتوالد الصور الاثيرة والجميلة وتتابع الاخيلة الخصيبة ..فتسمع همهمة الفؤاد ،والضمير (هو) الاخر الغائب العائد من اغوار الخواطر يترنح ربما ثملا او في غاية الرهق والارهاق ..ثم تكون السماء بشموخها سهلة المنال، وترقص الارض صنو السماء رقصة التانقو (رقصة التانغو (بالإنجليزية: Tango) هي واحدة من أكثر الرقصات الممتعة والتي تعتبر من الرقصات الحسية الرومانسية، وهي من أكثر الرقصات شهرة وانتشارًا في جميع أرجاء العالم، والمعروف أن رقصة التانغو لا تكتمل إلا من خلال رقص الرجل والمرأة معاً ليشكلا ثنائي واحد ليعبرا عن الرومانسية من خلال الحركات التي يجب أن تكون متناغمة مع الموسيقى الخاصة بهذه الرقصة بين ذراعي القمر بضيائه المترف، والنهر مورد الحياة وواهب الجرعات العذبة يشرب ويعب من نهد المساء ولعل في ذلك اشارة لقمة النشوة يرتشف نخب الظمأ الباحث عن الري والاشباع.. وفي وسط هذا وذاك التفاعل وعند الانحناءة الاخيرة ربما لتبادل القبلات تهش الانجم وتصفق، وكان الاولى والاليق ان ترسل جدائلا من فضة وفق السياق الطبيعي فالجديلة وهي الضفيرة من الشعر... وفي خضم ذلك التماهي والتفاعل ينفتح بابا ايذانا بالخروج... فيأتي النداء المحذوف الاداء للدعوة في الاختباء ليس هروبا من المواجهة ولكنها دعوة للتصالح والتأمل لمضاجعة الصحو والشمس تتغاشاها سنة النعاس فتغفو ويعتدل الطقس... سلسلة من الامنيات المضيئة والفائقة الجمال تسمق رافعة التوقعات وسقوفها والشمس في دارها تمارس نومها فتكون اللحظات مؤاتية لتعلن في شمم وفخر تجاوز العتمات وبقايا الظلام وعقبات المستحيل لحياكة ثياب الفرح وزفاف الامنيات تحت ظلال السنديانة التي تعني ارادة الحياة وادارة التغيير
شكرا اريح بنت محمد احمد فقد سكبتي فينا غيوما من الفرح والحبور والتماسك والاصرار باسلوب شائق شفيف صاغته اناملا مبدعة وهدهدته مشاعرا دافئة تنبض بالحياة والجمال .. وزانه بل حركه فكر ثاقب يمتح من مساحات التنوير والفعل الحضاري النبيل


* نص "نخب ضياعنا الأخير"

تخونني قُدرتي
لُغتي
رعشتي
أنا امرأة
يهزمها
حُبك
في الليلةِ عشرات المرات
لتصحو منتصرةً
على
قيدِ المسافةِ و الممكن .. !!

أحزمُ أمتعتي
سنديانةً و مقطع موسيقي
والآحِق دُخان سجائرك
عبر الأثير
علّهُ يرسِم لي خارطةَ طريق
فالبوصلة بيدي
وسهم كيوبيد يأبى مُفارقة قلبي
فتختلجُ الإتجاهات
أضيع

تتنهدُ المسافةُ
مابين يدك وكتفي الأيسر
أرتعش

صهٍ ...
اني أسمعُ بوضوحٍ همهمةَ قلبك
وهو عائدٌ مترنح
مِن عُمق خاطرتي
حيثُ السّماء في متناولِ اليد
والأرض ترقصُ التانغو
بين ذِراعي القمر
والنهر يشربُ من نهدِ المساء
نخب الظمأ
وعند الانحناءةِ الأخيرة
تُصفق نجمة
وتُرسل جدائلاً من ذهب
من يرغبُ في الخروج ...؟

دعنا نختبيء
ينامُ الصحو بيننا
وتغفو شمس
الواقع
عن خيالاتِنا
دعنا ننيرُ عتمةَ المستحيل
نُحيك ثوبَ زِفاف الأمنيات
ونشربُ نخبَ ضياعنا الأخير
أسفل السنديانة الوحيدة ...

أريج محمدأحمد


د/صلاح الدين أبوبكر عثمان
دكتوراة في الإدارة والتخطيط التربوي ..عنوان الرسالة ..(الشفافية الإدارية ودورها في الحد من الفساد في الجامعات السودانية)
ناقد وكاتب صحفي إلكتروني... دراسات نقدية منشورة في منصة انطولوجيا السرد.. ومجلة البعيد الإلكترونية... و منتدى الراوية السودانية
...وكتابات شعرية ونثرية في منتدى الراكوبة وعكس الريح ... مخطوط تحت الطبع بعنوان .. أنفاس السحر... ورواية بعنوان .... عصافير في قفص السجن... وغيرها من الاعمال

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى