إبراهيم عبدالله "أبرار" - قمحٌ وبحرٌ وطريق

قمح

سهول القمح الذهبية تتراقص امامك بفعل النسيم ، تشخص ببصرك الى المدى البعيد ، كنتما أخوين هو البكر وانت ألأخير إلتقيتما تعنقتما وصنعتما شيئ أشبه ما يكون بالبندقية ، لم تكن موقنا من سيكون القادم الجديد.
علقتْ بذهنك المقولة التي طالما سمعتها - أن الجنوب هو مصدر الشقاء دوماً – انبعث من داخلك حنين عارم للقرية التي تنام بعد صلاة العشاء لتصحو بصياح الديكة ، قبل أن يرهقها العدو ، كانت (نعمات) هي محور القرية لديك فتاة بطعم القرنفل ، تحملك الذاكرة الى حافة المكان ، الارض منبسطة التكوين تلتقي في نهايتها بالسماء أو هكذا تبدو، لا أحد سواكما وحفيف الشجر ، تفترشان الارض العطنة بروائح الروث، تترنمان باغنية العشق الحاني ، تحمل كفيها الصغيرتين على راحتيك ، تقبلها وتفضل الغوص في العينين ثمة قبرة تشدو لتهفو روحك معها ، تجول بناظريك صوب العشب النامي حولك – قطار من الصبر انتم ايها الشعوب النامية ،تنمو على عرض الكلام احلامكم - يتجسد امامك غدك الذي بالامس كان ، يمضي صوب قرص الشمس بحثاً عن ضوء، سقط غدك سهواً عنك ،
(نعمات ) ايتها الحانية تعالي اليًّ
لنتلو نشيد الصباح ..
لنقطف ورداً ونزرع قمحاً...
بحر
تجوب شوارع المدينة الايطالية المعلم ، هذه المرة دون المرات الاخر يتصاعد لديك الشعور بالفخر فانت تتأبط البحر ، (نعمات) هي البحر في اضطراباتها ، في البدء كان الحب قالت ذلك وضغطتْ على كفك، إذن فالبحر في حالة مد ، ارخيت اصابعك للبحر ، ثمة موج يرتفع اسفل بطنك ، يجرفك احساس عارم بالسلوى .
ذات خريف على صوت نواح من أحدى الديار التي تربض خلف دارك أنها (ابرهت) هرعت اليها ، كانت في حالة الم عارم لاكت الناس قصص كثيرة تحكي مجيئها للقرية، بيد انك تعرف انها كانت تحيك من شرينها منديل تزيل بها دموع الكثيرين من أهل القرية التي كانت تعد التردد الى دارها شبهة، إلى أن جاء اسهامها قويا في بناء مسجد القرية ، حينها انقسمت القرية الى مؤيد ومعارض لإسهامها ، أجمعو بعدم قبوله في الاخير، ولكنهم قبلوا بها حينما ايقنوا أن حائط دارها مزدان بصورة شهيد.. وأن الشهيد وحيدها ، كانت ممسكة بصورة وحيدها .
نعمات يا ارومة الزمن الغابر
تعالي الىًّ ..
لنبحث عن صدف ومحار
تعثرالبحر في خطاه وكاد السقوط مددتَ له يدك كي تعينه ، دنوت منه حد القبلة باغتك بجزره المفاجئ ،اشحتَ بوجهك واعتراك الهلام ، تملاء ريئتاك بعبق البحر وتؤثر الصمت ، ساهماً تجوب شوارع المدينة ، في حلكة الطرقات تدنو منها اكثر يعكس لك الضوء الصادر من إحدى الحانات الزغب النامي على حافة شفتيها ، ترتجفْ كلسان اللهب بفعل رياحكَ...
الطريق
المراءة التي كانت تجلس في ناصية الطريق .. تبيع فول سوداني محمص و مناديل ورقية .. وتمنحك ابتسامة مجانية ، لم تعد تبتسم في البدء و لم تعد تبيع الفول السوداني المحمص ولا المناديل الورقية بل لم تعد تجلس هناك .. حتى ماسح الاحذية لم يعد هناك .. البنت التي يتطاير شعرها عن عمد .. وهي تقف لإشارة المرور ثم تسترسل خطواتها، لم يعد شعرها يتطاير، اللافتات المزدانة بالانوار .. الواجهات الاعمدة .. الرصيف .. صور المسيح ونجوم كرة القدم والنظارات الصينية المعروضة للبيع ، العجوز الذي يحني راسه للمارة مسلما لم يعد هناك.. كل ذلك لم يعد هناك وحدك نعمات كنت الحضور ..
نعمات..
مدي اليَّ يديك لنقطف ورداً ..
سقيناهُ من شرايين الفؤاد ..
لنحصد قمحا..
الى هنا لم تمد نعمات يداً و لم تجني انت قمحاً بينما ظل البحر مضطربا

الخرطوم ٢٠١٩

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى