محمود سلطان - عبد العزيز جويدة.. في حب رسول الله "أحبك يا رسول الله"..

سمعتها "يوتيوب" للشاعر عبد العزيز جويدة.. إذ ذاك.. همستْ لي نفسي: هذا " تَحْنَان " لا يصدر إلا من نفسٍ، نبتت على أطراف نبع من الحنان المصفي.
تأملت عيون الشاعر، فوجدت عينين تسترخيان، على وسائد الطمأنيبة والتُّؤَدَةُ والوقارمغلفة بسوليفان من الحب والخجل.. معا في آنٍ واحد.
أحبك يا رسول الله.. كتبها "جويدة" على بحر "الوافر".. والقصيدة من شعر التفعيلة.. وشعراؤه يفضلون الكتابة على البحر "أحادي التفعلية" ومن بينها "الوافر" : تفعيلة واحدة (مُفَاعَلَتُنْ) أو بديلها (مُفَاْعَلْتُنْ).. بدون تفعيلة القافية "فعُولُنْ" بخلاف "الوافر التام" بالشعر العمودي.
يعتقد البعض ـ ومنهم شعراء كُثر ـ أن بحور الشعر، محض "قوالب صماء" على طريقة عُمّال الخرسانة، لإرغام "الكلمة/اللفظ" على أن تتخذ شكل "القالب/البحر".. ولعل ذلك ما ورط شعراء حاليين، في صوغ قصائد بطعم "خيار الصوبات" لا خير فيه.
بحور الشعر ـ عندي ـ ليستْ على هذا النحو "الأسمنتي" و"الخرساني"، وإنما هي "نَفَسٌ وروح ومشاعر".. فاترينة من أشيك الأزياء، اختر منها ما يناسب "ذوق" المعنى وليس محض "خُرقة" لستر عورة شاعر قليل الوعي بحميمية "البحر" في علاقته بحمولة القصيدة ورسالتها.
عبد العزيز جويدة.. في مناجاته بين يدي النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ حمل لنا "قاروة عطر" من بحر "الوافر".. وهو أكثر بحور شعر حنانًا وطبطة. ليس فقط لأسباب "تقنية/فنية".. أحادية التفعيلة في البحر.. وإنما أيضا لأسباب تتعلق بـ"الوعي" : البحر"الوافر".. كان هو مطيته الأنسب، في بلوغ غايته بين سيدنا: " مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ"
ويبدو لي أن "جويدة".. مهموم باستعادة الجمهور إلى الشعر بعد أن هجره لعقود ليست قليلة.. بسبب "الكلكعة" والتراكيب البلاغية الفجة والطلاسم والغموض وزحمة الصور السمجة "اللي ملهاش لازمة".. فاستخدم لغة بسيطة.. لغة البسطاء في الشارع.. وصنع منها هذا المعمار الفني شديد الإبهار.. وإليكم بعض ما ورد في رائعته:

صحيحٌ ما رأيتُ النورَ من وجهِكْ
‎ولا يومًا سمعتُ العذبَ من صوتِكْ
‎ولا يومًا حملتُ السيفَ في رَكبِكْ
‎ولا يومًا تطايرَ من هنا غضبي
‎كجمرِ النارْ
‎ولا حاربتُ في أُحُدٍ
‎ولا قَتَّلتُ في بدرٍ
‎صناديدًا من الكفَّارْ
‎وما هاجرتُ في يومٍ
‎ولا كنتُ
‎من الأنصارْ
‎ولا يومًا حملتُ الزادَ والتقوى
‎لبابِ الغارْ
‎ولكنْ يا نبيَّ اللهْ
‎أنا واللهِ أحببتُكْ


‎فما كنتُ
‎أنا "أنسَ" الذي خدمَكْ
‎ولا "عُمرَ" الذي سندَكْ
‎وما كنتُ
‎"أبا بكرٍ" وقد صدَقَكْ
‎وما كنتُ
‎"عليًّا" عندما حَفِظَكْ
‎ولا "عثمانَ" حينَ نراهُ قد نصرَكْ
‎وما كنتُ
‎أنا "حمزةْ"
‎ولا عَمْرًا ولا "خالدْ"
‎وإسلامي
‎أنا قد نِلتُهُ شرفًا
‎من الوالِدْ
‎ولم أسمعْ "بلالاً" لحظةَ التكبيرْ
‎ولا جسمي انشوى حيًا
‎بصحراءٍ بكلِّ هجيرْ
‎وما حطَّمتُ أصنامًا
‎ولا قاتلْتُ في يومٍ
‎جنودَ الكفرِ والتكفيرْ
‎وما قُطِعَتْ يدي في الحربْ
‎ولم يدخلْ هنا رمحٌ
‎إلى صدري
‎يَشُقُّ القلبْ
‎ولم أُقدِمْ على شيءٍ
‎ولم أهربْ
‎ولا يومًا حَملْتُ لواءْ
‎ولا واجهتُ في شَممٍ
‎هنا الأعداءْ
‎ولا يومًا رفعتُ الرايَ خفَّاقةْ
‎أنا طفلٌ يُداري فيكَ إخفاقَهْ
‎ولكنْ يا رسولَ اللهْ
‎أنا نفسي
‎لحبِّكَ يا رسولَ اللهْ
‎وحبِّ اللهِ تَوَّاقَةْ"
انتهى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى