محمد مصطفى العمراني - الوهم الجميل !

منذ إرسال مشاركتي إلى مسابقة الملتقى للقصة القصيرة بالكويت وأنا أتخيل أنني قد فزت بالجائزة الأولى ال 100 الف دولار .
مشاريع وخطط وأفكار عديدة بنيتها على هذه الجائزة.
قلت للزوجة :
- اذا فزت بالجائزة سأشتري أرضية في ضواحي المدينة وأبني عليها منزلا يريحني من كابوس الإيجار .
وأضفت :
من المؤكد سيبقى لي عدة ملايين خاصة اذا سلمنا من طلبات الأهل والأقارب ، حينها سأسافر إلى أوروبا ، سأذهب إلى البوسنة في رحلة سياحية أغير لي جو عدة أسابيع ..
قاطعتني :
- ستسافر لوحدك وتتركنا هنا ؟!
- نعم لوحدي ، أريد أن أكون خفيفا منطلقا ..
قاطعتني ثانية :
- قسما بالله رجلي على رجلك .
تماسكت أعصابي وقلت لها :
- هي أسابيع فقط وسأعود بعدها إليكم محملا بالهدايا .. قاطعتني مجددا:
- ستعود إلينا محملا بزوجة بوسنية شقراء من أخواتك في الإسلام هناك ، ستهديني طبينة ، هذا هو جزاء صبري معك يا خاين يا ناكر العشرة ، أول ما ربي فتح عليك تزوجت .
وانهارت باكية وسط دهشتي واستغراب الأطفال ، وأسرعت أقسم لها أنني لن أتزوج عليها ولا أفكر بالزواج أبدا فهدأت قليلا ثم قالت :
- تأخذني معك رجلي على رجلك .
- خلاص ستسافرين معي وأمري لله .
- والعيال لن اطمئن عليهم وهم هنا ، لا أركن على أحد .
- والعيال سيسافرون معنا .
- البيت أهم من كل شيء .
وتخيلت نفسي وقد بنيت لي فيلا صغيرة بحوش وفي الحوش مسبح ، وبجوار المسبح كراسي ومظلات ، وبعض الألعاب للأطفال في ركن الحوش ، سأغرس بعض الورود ، الخزامى أعشق الخزامى ، رائحته ومنظره شيء خرافي ، لكن هل توجد هنا شتلات خزامى ؟
ليست مشكلة ؛ النقود ستأتي بها حتى من هولندا .
الحمام ، سأفصل لي حمام خاص ، أهم شيء البانيو لابد أن يكون كبيرا ، أكبر من البانيو الذي في حمامنا بكثير ، سأكون في المساء أملأه بالماء الساخن ، مش ساخن زيادة ، وسط ، وسأضيف إليه الزيوت العطرية ، وأستحم بمزاج ، سآخذ وقتي ، لن يزعجني أحد في حمامي الخاص ، سأدلل نفسي ، سأعيش .
وتساءلت في نفسي :
- هل أعيش أنا الان ؟
- الحمد لله على كل حال .
- في الحقيقة أنا الان لا أعيش الحياة التي أحلم بها ، بل لا أعيش دون هموم ، أظل في صراع قاسي لتوفير أساسيات الحياة ، في الكثير من الأحيان أبقى دون علاج للسكري .
وبدأت أرى الشقة التي نسكنها كئيبة مظلمة وجدرانها كالحة لم ندهنها منذ سنوات ، والطفل يشخبط بالأقلام على الجدران ، ويلصق رسومات وصور تزيد الجدران قبحا ، الفرش قديم يحتاج إلى تغيير عاجل ، غرفة النوم هذه مكانها الطبيعي مكب النفايات لكن ماذا أصنع هذا هو الواقع ؟!
في الفيلا الوضع سيختلف ، سيختلف تماما ، اذا مللت من الفيلا ، طبعا لن أمل من الفيلا لكن سبحان الله كل شيء جائز ، اذا مللت من الفيلا سأذهب للحوش ، نسيت أن أقيم في الحوش ملعبا صغيرا ، الرياضة ضرورية ، سنزرعه كملاعب الجولف بحشائش خضراء صغيرة لكننا سنحتاج إلى عامل ليهتم بالحوش ، لا مشكلة ، الأهم أن يقوم بعمله ، لابد أن يكون عجوزا وعلى خلق ودين .
على خلق ودين .. هل سأزوجه بنتي أم سيعمل بالحوش ؟!
لا داعي لهذا العجوز وجوده في غيابي سيقلقني .
المسبح الذي في الحوش لابد أن أجهزه بطريقه تسمح بتسخين المياه فيه حتى اذا أردت السباحة فيه أسبح في ماء دافئ .
قلت للزوجة :
- ضروري نجهز المسبح بطريقة .. قاطعتني :
- أي مسبح ؟
- المسبح الذي في الحوش .
- أي حوش ؟
- حوش الفيلا التي سنبنيها لما أحصل الجائزة .
- مش ضروري المسبح ..
- أهم حاجة في الحوش المسبح .
- لو عملنا المسبح الطفل ممكن يغرق فيه ، سأظل قلقة عليه اذا خرج للحوش .
- لا أنا مصمم على المسبح .
- والله ما تعمل مسبح وتقلقني على ابني .
- والله لأعمل مسبح غصبا عنك .
لقد ركبت رأسها وعاندت ، انها تتحداني .!
وأشتد النقاش بيننا وتحول إلى مشادة ارتفعت فيها الأصوات وكادت تتطور إلى اشتباك فتركت لها الفيلا قصدي الشقة وغادرت وأنا أقسم يمين لأعمل المسبح فهو أهم شيء في الحوش .!

***

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى