مصطفى نصر - اللص والكلاب بين الحقيقة والخيال.. القصة الحقيقة للسفاح

ولد أمين سليمان – والد السفاح - في قرية الكعييات التابعة لمديرية سوهاج، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914 تقدم للعمل في فلسطين، ولما انتهت الحرب سافر إلى طرابلس بلبنان حيث التحق بقوات الشرطة هناك. وتزوج من " نتيجة " اللبنانية وانجب منها ثمانية أولاد: محمود وغادة وفاطمة ونادية وعلية وهدى وأحمد ومحمد. وكان الأب يغيب عن البيت في أغلب الأحيان طبقا لعمله.
التحق ابنه محمود بالتعليم ولم يستطع الاستمرار فيه؛ فألحقه والده بعدة أعمال حرفية، لكنه بدأ السرقة وهو طفل لا يزيد عمره على سبع سنوات، فهددته أمه بوالده، فهرب من البيت وسافر مع صديقه خير الدين صايغ إلى بيروت، وهناك سرق بنادق من معسكرات الفرنسيين وباعها بثمن بخس. وعاد إلى البيت وأدعى أن الفرنسيين أعجبوا به فأعطوه مالا، فقامت أمه ووضعت السكين على النار لتحرقه، لكن والده أنقذه، وضربها على ذلك.
ويسجن والده في إحدي القضايا، فلا تجد الأسرة نقودا لتنفق، فيشترك مع صديقه خير الدين صايغ في عصابة كبيرة، لسرقة الأغنياء، حتى اغتنى.
يتُهم في عام 1955 في قضية قتل أضاعت كل ما جمعه من السرقة، وأدت إلى طرده من لبنان كلها هو وأسرته، فسافروا إلى الإسكندرية في مصر، وعاش في منطقة الحضرة.
يتصل في الإسكندرية بقريب له يعمل في المحاماه، ويشكو له سوء حاله، فالأسرة مكونة من عشرة أفراد وهو المسئول عنها ولا دخل له، ويطلب منه عملا. ويقول له في أسى وخوف:
- خايف على البنات أخواتي .
فيبحث له قريبه عن عمل، يتصل بصحفي صديقه في مكتب جريدة الجمهورية، ويطلب منه مساعدته من أجل أسرته التي لا تجد قوت يومها. ثم يترك عنوانه.
وعندما يجد الصحقي له عملا، يتصل بقريبه المحامي، فيخبره بأنه لم يعد يقابله منذ مدة طويلة ولا يعرف أخباره.
كان محمود قد مارس عمله الذي لا يجيد غيره وهو السرقة، ثم أنشأ دارا للنشر تقوم بنشر الكتب الجامعية لطلبة جامعة الإسكندرية. ثم التقي بفتاة اسمها عواطف أحبها وتزوجها. وفي ليلة الزفاف اكتشف إنها ليست عذراء فطلقها؛ وكانت هذه أول صدمة يتلقاها من النساء.
يعلم في عام 1958 أن أحد الأجانب قد باع كل أملاكه بأكثر من خمسة عشر ألفاً من الجنيهات وينوي تهريبها خارج مصر استعداداً لترك البلاد نهائيا هو وزوجته، وأنه يسكن في عمارة ملاصقة للمتحف اليوناني الروماني، فيذهب محمود إليه وهو يرتدي ملابس ضابط شرطة برتبة نقيب ومعه عدد من رجال الشرطة في ملابس مدنية، يدقون الباب، فتفتح الزوجة، فيدفعونها ويدخلون الشقة، ويدعي محمود بأنهم يبحثون عن المخدرات التي يتاجران فيها.
ويخفون النقود في ملابسهم، ثم يعتذروا بأنهم لم يجدوا مخدرات. لكن الزوجين يكتشفان السرقة بعد خروجهم.
ثم خطط لسرقة فيللا أم كلثوم بعد أن عرف أنها ستحيي حفلتها في سينما الهمبرا بالإسكندرية، ويحاول فتح باب النافذة المغلق بحديدة معه، فيحس به أحد الحراس، ويقبضون عليه ويسلمونه للبوليس. وتحضر أم كلثوم التحقيق، وتحاول التنازل إلا أن رجال البوليس كانوا يبحثون عن لص اقتحم – بنفس الأسلوب – فيللا النحاس باشا وفيللا كرمة ابن هانئ التي كان يمتلكها أمير الشعراء أحمد شوقي بالجيزة وفيللا أحد كبار الضباط المصريين.
ويحكمون عليه بستة شهور سجن. لكنه يهرب من السجن بعد أربعة أشهر ويأخذ زوجته. ويتركان شقتهما ويستأجران شقة في شارع الأقصر بسبورتنج.
ويجيئ البوليس ويبحث عنه، فلا يجدونه، ويقبضون على زوجته نوال عبد الرءوف في قسم باب شرقي. وعندما يعلم بذلك يذهب إلى عديله جمال أبو العز لكي يساعده في الافراج عن زوجته.
فيقول له عديله:
- أعرف محامي شاطر اسمه بدر الدين أيوب.
ويأخذه إلي مكتبه بمحطة مصر. فيذهب المحامي إلى قسم الشرطة ويعود بالزوجة.
وتذهب الزوجة في اليوم التالي مع زوج أختها إلى المحامي في مكتبه، وتعطيه أتعابه، خمسة جنيهات.
يذهب محمود وأخته غادة وزوجته إلى مكتب المحامي، وبعد أن يخرجوا من عنده ويستقلون سيارة التاكسي، يفاجئهم البوليس ويقبض عليهم. فقد أرشد جمال أبو العز - زوج أخت زوجته - عليهم.
ويبدأ التحقيق معه، وكان من المحققين ضابط اسمه فاروق عبد الوهاب، عامله معاملة حسنة، طلب له طعام وشراب، وأخذه بسيارة الشرطة وأجلسه بجانبه بينما الجنود في الخلف، ووقفت السيارة في إشارة مرور أمام محل حلواني شهير، فقال محمود:
- كنت أنا وزوجتي نأتي إلى هنا أيام الخطوبة.
فيأخذه الضابط إلى المحل ويجلسان معا ويطلب له طبق بسبوسة.
رَّحلوا محمود إلى السجن، ثم أنجبت زوجته ابنتهما إيمان. وأصبح بدر الدين أيوب محاميه في كل القضايا.
لاحظ محمود أمين سليمان أن زوجته كلما زارته في السجن يأتي معها بدر الدين أيوب، ولاحظ أيضاً أن المحامي لا يقوم بأعباء الدفاع عنه كما يجب، رغم ما يتقاضاه من أتعاب وكأنه يريد له ألا يخرج من السجن.
تزوره شقيقته ذات يوم في السجن فتخبره بأن زوجته على علاقة بمحاميه، فيتأكد له ما كان يظنه فيقرر الهروب من السجن والانتقام من الزوجة والمحامي معا.
وتقول زوجته في تحقيقات النيابة تعليقا على اتهام أخت زوجها لها:
- إنها تغار مني، معتقدة إنني حصلت على أمواله الكثيرة التي سرقها. والحقيقة إنه لم يخلف مليما واحدا، فقد كان مبذرا
ثم يخرج من السجن لحضور أحد القضايا بمحكمة باب الشعرية، وبرفقته شرطي مسن. يطلب محمود منه أن يفك قيوده حتى يحتضن زوجته ويسلم عليها ويدخن سيجارته، فيفعل الشرطي، وبعد لحظات يصرخ الشرطي وهو يمسك بملابس الزوجة، فقد هرب محمود، ويحاول قتل كل من:
* نوال عبد الرءوف – زوجته –
* محاميه بدر الدين أيوب.
* عديله، جمال أبو العز لأنه أبلغ البوليس عنه.
* محمود سليمان ( موظف ) لاعتقاده بأنه على علاقة بأخته.
يطلق الرصاص أمام نقطة المنيل فيصيب شخصين، ويهرب وهو يرتدي بذلة ضابط.
بدأت الصحافة تهاجمه، خاصة مؤسسة أخبار اليوم، فقد نشر مصطفى أمين في صباح يوم 9 أبريل 1960 في أخبار اليوم وفي الصفحة الأولى مقالة يحرض الناس فيها إلى مؤازة الشرطة في القبض على السفاح. كتب:
- إنه قاتل وسفاح. ولكن أهميته انه رجل خارج عن القانون. والخارج عن القانون في الشعوب الحرة هو خارج علي الشعب نفسه. وهو عدو الشعب الي ان يتم القبض عليه. والمسدس الذي في يده ليس موجهاً ضد الشرطة وحدها. وانما موجه لكل واحد منا. موجه لي ولك. موجه لأبنائي وأبنائك.
وأضاف مصطفي أمين قائلا :لقد اثبت هذا اللص أنه يستهزيء بأرواح الناس. فهو يطلق الرصاص في الاسكندرية. ويطلق الرصاص في المنيل. ويطلق الرصاص في الخليفة ويطلق الرصاص في مقابر الامام. ويطلق الرصاص في البدرشين وطره.
وبدأت الإشاعت تطارده: فقد نشرت الصحف ان الفنانة تحية كاريوكا قدمت بلاغاً الي بوليس قصر النيل. قالت فيه ان السفاح الهارب. اتصل بها تليفونيا في الساعة الثالثة صباحا. وهددها بالقتل إن لم تدفع له 200 جنيه. تضعها في مظروف تتركه أمام شقتها. وقالت إنه قال لها: أنا محمود أمين سليمان. وأنا جاي آخد المبلغ بعد ساعة. وأسرع رجال المباحث يراقبون بيت تحية كاريوكا عن بعد. لكن السفاح لم يظهر. ¬وقالت تحية كاريوكا لرجال البوليس: لو كان هذا السفاح شجاعا أو بطلا كما يزعم. فليحضر الي بيتي. وأنا كفيلة بالقبض عليه وحدي!
وأن الممثلة مريم فخر الدين تلقت ثلاث مكالمات تليفونية من السفاح. يهددها أيضا فيها بالقتل. واستغاثت بزوجها الذي أسرع بإبلاغ البوليس.
كما نشرت الصحف أيضا ان الراقصة ثريا سالم قدمت بلاغا الي البوليس قالت فيه ان السفاح اقتحم شقتها. ¬وقال لها: أنا محمود أمين سليمان.. السفاح الذي تكتب عنه الصحف.. وعايز منك خمسين جنيه !وأسرع رجال الشرطة الي بيت الراقصة. لكنهم لم يجدوا السفاح.. وقالت الراقصة ثريا سالم انها تعرف أوصاف السفاح من الصحف. وانها أصيبت بالذعر عندما فوجئت به يدخل عليها الشقة. وفي حالة لا شعورية اسرعت تصرخ بعد ان هددها. فأسرع السفاح بالهرب عن طريق المواسير.
وحتي الممثل حسن فايق أبلغ بوليس مصر الجديدة ان السفاح اتصل به تليفونيا. وهدده بالقتل اذا لم يعطي البواب 30 جنيها ليتسلمها منه .وان السفاح طلبه في التليفون قائلا:
- انت زقزوق بتاع الاذاعة؟
ويفشل محمود أمين سليمان في قتل خصومه، وقد أصاب البعض لكنه لم يقتل أحدا.
وطاردته قوات الشرطة إلى أن قتلته في مغارة بحلوان كان مختبئا فيها. وارتاحت بقتله زوجته ومحاميه وعديله، والموظف المتهم عنده بإقامة علاقة مع أخته. واستكانت الصحافة لبعض الوقت إلى أن تجد شخصاً آخر تهاجمه لتزيد مبيعاتها.
**
هذه هي القصة الحقيقية لمحمود أمين سليمان السفاح الذي لم يقتل أحدا، فماذا كتب عنه نجيب محفوظ في روايته اللص والكلاب ؟ّ!
تبدأ الرواية بخروج سعيد مهران من السجن، فلا يجد أحدا في انتظاره، لقد خسر الكثير، حتى الأعوام الغالية خسر منها أربعة غدراً، إنه يفكر في " سناء" أبنته، ويريد أن ينتقم من نبوية زوجته الخائنة وعليش صدرة – مساعده – الذي خانه فأبلغ الشرطة عن المكان الذي يسرق فيه الآن. فقبضوا عليه وسجنوه أربع سنوات.
يذهب لأخذ أبنته من أمها التي خانته ومن زوجها الذي أواه سعيد وأنفق عليه وأمن له، لكن البنت نسيت أبيها ورفضت الذهاب إليه عندما أجتمع ببعض رجال الحي، فأحس بأن ما فعلته به أقسى من ضربات السوط فوق ظهره عندما جلدوه في السجن.
كان والده بوابا للعمارة التي بها شقة الطلبة، وعندما مات،عمل رءوف علوان – الطالب في كلية الحقوق – والذي يسكن في شقة الطلبة، على أن يحل سعيد وأمه مكان الوالد في خدمة العمارة كلها.
يسرق سعيد طالبا ريفيا وعندما يكتشف الطالب السرقة يضربه، لكن رءوف يخلصه منه، وعندما ينفرد به، يبرر رءوف له سبب السرقة فهي في رأيه عملا مشروعاً. " أليس عدلا أن ما يؤخذ بالسرقة فبالسرقة يجب أن يسترد ؟ " وترك سعيد العمل في شقة الطلبة، وبدأ عمله كلص، تجيئ نبوية لشراء المستلزمات من دكان مواجه للشقة، هي خادمة الست التركية العجوز التي تفرض على كل من يعمل عندها أن يكون جميلاً وأنيقاً ونظيفاً، فتبدت نبوية دائما ممشطة الشعر منسابة الضفيرة حتى العجز منتعلة شبشباً يطوق جلبابها حيوية جسد ثائر. وتزوجها سعيد، وكان عليش – مساعده – من سروره بدا كأنه صاحب الفرح ولعب دور الصديق الأمين. وساعدته نبوية، فما أن يختار الشقة التي يريد سرقتها؛ حتى تذهب إليها وتعمل غسالة أو خادمة لكي تكشف له عن المكان وما فيه، وترشده إلى مكان النقود والمصاغ.
**
يذهب لمقابلة شيخه ومريده، الذي كان يلجأ إليه هو ووالده وعمه؛ كلما ضاقت بهم الحياة، واحتاجوا للسكينة، يشكو له سوء الحال، وبأنه لا يجد مكانا يأويه، فيعطيه الشيخ مصحفاً ليقرأ فيه، فيقول:
- أبنتي أنكرتني، جفلت مني كأني شيطان، ومن قبلها خانتني أمها مع حقير من أتباعي، تلميذ كان يقف بين يديّ كالكلب، فطلبت الطلاق محتجة بسجني، ثم تزوجته بعد أن أخذ مالي وصار به معلماً، وجمع أنذال العطفة، أصبحوا رجاله، لم يقبض عليّ بتدبير البوليس، كنت كعادتي واثقا من النجاة، وشى بي الكلب بالاتفاق معها.
لم يجد سعيد السكينة لدى الشيخ، لكنه وجد حصيرا ينام فوقه آخر الليل.
لقد أمن سعيد للمبيت، لكنه لا يجد مالا لينفق، فتذكر صديقه القديم رءوف علوان، إنه يحبه وسيعطيه المال اللازم،.. هو الآن صحفيا في جريدة الزهرة، وله عامود يكتبه في كل عدد. لقد قابله سعيد كثيرا عندما كان يعمل محررا بمجلة النذير، مجلة منزوية بشارع محمد علي.
أبلغوه في الجريدة بأنه في لقاء مع رئيس التحرير ولن يعود قبل ساعتين. فيذهب إلى فيلته، يسرع إليه عندما رآه يدخل المبنى، فيصطحبه إلى الداخل. ويقدم الطعام والشراب إليه، ويطلب منه أن يترك اللصوصية. ويعطيه رءوف عشرة جنيهات.
لقد أكتشف حقيقة رءوف علوان، لقد خلقه ثم أرتد، دفعه للحقد على الأغنياء، وبرر له سبب سرقتهم، لكنه بعد أن صار منهم؛ غير مبادئه، رءوف لا يختلف عن عليش صدرة الذي أبلغ البوليس عنه، ولا يختلف عن نبوية التي فضلت عليش عليه وطلبت الطلاق بحجة السجن.
هجم سعيد على بيت رءوف لكي يسرقه، لكنه كان في انتظاره ومعه ثلاثة من الخدم، قال رءوف: من الغباء أن تجرب ألاعيبك معي، فأنا فاهمك وحافظك عن ظهر قلب.
وهدده بأنه لو حاول سرقته ثانية سيسلمه للسجن، بل يخذ منه النقود التي سبق أن أعطاها له.
يذهب سعيد إلى صديقه طرزان – صاحب القهوة – يطلب منه مسدسا.
يأخذ المسدس ويلتقي بنور هناك التي كانت تحبه، لكن قلبه أختار نبوية الخائنة.
نور صايدة ولد ابن صاحب مصنع حلوى، ينفق عليها، لكنها مازالت تحب سعيد، سوف يذهب بها الولد اللقطة عند مدفن الشهيد في الخلاء، فيهتم سعيد بالموضوع، فهو في حاجة إلى سيارة الولد.
يذهب إلى مدفن الشهيد ويأخذ السيارة، وتتظاهر نور بأنها لا تعرفه. فيخذ النقود ونور وينطلق بالسيارة، ويتفق معها على زيارتها في بيتها، ينصحها بأن تذهب إلى قسم الشرطة وتبلغ عما حدث، وتدلي بأوصاف بعيدة عنه.
ثلاثة لابد من قتلهم، عليش ونبوية ورءوف علوان.
يذهب إلى البيت، ويحطم زجاج شراعة الباب، فيأتي رجلا ويفتح الباب، فيضربه سعيد برصاصتين، ويسمع صوت زوجته تستغيث، ويهرب إلى مسكن الشيخ علي الجنيدي. ينام لما بعد العصر، ويكتشف من خلال جريدة أبو الهول أنه قتل شعبان حسين الذي سكن وزوجته الشقة التي تركها عليش ونبوية في نفس اليوم الذي زارهم فيه.
يذهب إلى بيت نور الذي يطل على المدافن، نور لم تكن تعلم أن زوجته طلبت الطلاق منه وهو في السجن.
تأتيه بجرائد الصباح الجديد، فإذ برءوف علوان يشن عليه حملة، ويسرد تاريخه اللصوصي وأشياء عنه لا يعرفها غيره. وصور لنبوية وعليش وسناء أبنته وهي تبتسم، فيقوم ويحضر المقص، ويقص صورتها بحرص شديد لكي يحتفظ بها.
يذهب إلى قهوة طرزان فيقابل مهرب سلاح يتعامل مع طرزان، فيقول له:
- كثيرون تحدثوا عنك أمامي بإعجاب.
فأجابه سعيد: الجرائد لسانها أطول من حبل المشنقة، وماذا ينفعك حب الناس إذا أبغضك البوليس؟!
تأتي نور له بقماش ليفصله بدلة ضابط، فقد تعلم الحياكة في السجن.وتقول:
- يتحدث عنك الناس وكأنك عنترة.
ويقول: هم بالفطرة يكرهون الكلاب. ( والكلاب في نظره هم من خانوه، والصحافة التي تهاجمه ممثلة في رءوف علوان )
يذهب إلى قهوة طرزان الذي ينبهه بأن الدنيا مقلوبة عليه من تأثير الصحافة، كل الجرائد كفت عن مهاجمته إلا رءوف علوان في جريدة الزهرة
ينتظر بياظة أحد أتباع عليش صدره، يأخذ ما معه من مال ويسأله عن مكان عليش صدرة، فيقسم له بأنه لا يعرف مكانه، فيصدقه سعيد، ويعيد له كيس نقوده بعد أن يأخذ منها عشرة جنيهات.
يرتدي بذلة الضابط ويتجه ناحية العباسية، يذهب إلى قصر رءوف ويطلق رصاص مسدسه نحوه حين يخرج من سيارته، لكن رصاصات أخرى هاجمته، فيهرب إلى القارب الذي جاء به، ويصل إلى بيت نور، فيكتشف إصابة ساقه بجرح ليس غائراً.
في الصباح تكشف الصحف عن فشل آخر لسعيد مهران، فالذي قتل هو الخادم وليس رءوف علوان. وعندما تسأله نور عن رءوف علوان: لماذا تريد قتله، أكانت له علاقة بزوجتك؟
فيجيب: إنه خائن أيضا، لكن من نوع آخر.
ينام طويلا، ولا تعود نور في موعدها، وتأتي صاحبة البيت مطالبة بالأجرة، تحدث آخر معها بأنها لن تسكت بعد ذلك، فلا يفتح لها، ويخاف من عودتها ثانية فيهرب من الشقة. يذهب لينام لدى الشيخ علي الجنيدي.وهو ذاهب إلى بيت نور، يحس بوجود البوليس في المدافن، فيشهر مسدسه ويختفي، لكنهم يصيحون به: سلم نفسك، لا فائدة من الهرب.يقترب الصوت منه أكثر، فيطلق رصاصة من مسدسه، فيتناثر الرصاص حوله. ويقتلونه في المدافن.
مقارنات
تطورت طريقة نجيب محفوظ في كتابة الرواية منذ أن كتب روايته اللص والكلاب، فاستخدم التقنيات الحديثة، وركز على المونولوجات الداخلية، كما أنه انحاز لمحمود أمين سليمان ووضَّح مدي تعلق الشعب وإعحابه به، وقد جعله نجيب محفوظ يقتل شعبان حسين الذي سكن في شقة عليش صدرة، ويقتل خادم رءوف علوان، والحقيقة أن محمود أمين سليمان لم يقتل أحدا؛ وإنما أصاب البعض في محاولات قتل أعداءه. وقد قرأتُ الرواية مرات كثيرة آخرها منذ أيام قلائل، فتذكرتُ أن أفلاماً مصرية كثيرة تأثرتْ بها. منها فيلم " دائرة الانتقام " 1976 من اخراج سمير سيف، الذي يدور حول لص يضحي به زملاؤه، وعندما يخرج من السجن ينتقم منهم بطريقة أنور وجدي في فيلم أمير الانتقام، وكنتُ أتصور أن الفيلم مأخوذ عن رواية الكسندر ديماس الكونت دي موت كريستو، لكن تفاصيل صغيرة في الفيلم تجعله أقرب للص والكلاب، مثل موقف العاهرة من البطل جابر عبد الواحد، فقد آوته في بيتها وساعدته في الانتقام من غرمائه،وهو نفس الذي فعلته نور في اللص والكلاب مع البطل سعيد مهران. وذلك ذكرني أيضاَ أن هناك تشابهاً كبيرًا بين الرواية ورواية الكونت دي مونت كريستو.وفيما يلي بياناً بالشخصيات الحقيقية؛ مقابل الشخصيات التي اختارها نجيب محفوظ بدلا منها.
الاسم الحقيقي الاسم في الرواية
إيمان ( اسم ابنته الحقيقية ) سناء
نوال عبد الرءوف ( اسم زوجته ) نبوية
بدر الدين أيوب ( اسم محاميه ) عليش صدرة
جمال أبو العز (زوج أخت زوجته) بياظة ( صديق ومعاون لعليش صدرة )
محمود سليمان ( موظف يعتقد أنه على علاقة بأخته ) باقي شلة عليش صدرة
رءوف علوان رجال الصحافة الذين هاجموه وصنعوا منه سفاحاً رغم أنه لم يقتل شخصا واحداً
جريدة الأهرام جريدة أبو الهول

مصطفى نصر


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى