أحمد غانم عبد الجليل - الثوب الفضفاض ..

"سبحان مغيِّر الأحوال..."
تمتم أحد الطلبة لدى تعلق نظراتهم بما صارت ترتديه منذ فترة، الحجاب المحكم يخفي خصل شعر كانت تعتني بتصفيفه وصبغه باللون الأصفر المتدرج نحو سواد الأطراف المنسابة نحو القد الرشيق، الوجه مغسول تمامًا من أي ذرة مكياج كان يتوهج في حدقات العيون المتطفلة على جمال زهرة تتفتح بتثاؤب متمطي في وجه ضياء الصباح الباكر، ينسكب خمر أنوثتها الفواحة في القلوب والعقول، تنشيها ابتسامة وديعة تطل من شفتين ممتلئتين ترسلان وميض الشفق.
تتساءل الطالبات ماذا فعلت بثيابها الأنيقة ذات الماركات الغالية، "التنانير" المشدودة على تكور وركيها، "البلوزات" الملتصقة على لؤلؤتيها البارزتين، وقمصانها الحريرية الخفيفة، تلوح عبرها حدود حمالات الصدر، عطورها الباريسية التي تنعم على قاعة المحاضرات بنفحات تتقهقر أمامها روائح العرق والسجائر المنبعثة من ثياب زملائها، بهرجة مساغها الثمين اللمَّاع، وقبل كل هذا قصة حبها وذلك الشاب الانيق، صاحب العينين الوهاجتين ألقًا مميزا، الذي كان يأتيها باستمرار، تمضي برفقته ما يحلو لها من وقت، غير آبهة بثرثرة هذا وذاك.
لم تكن تجيب فضول صديقاتها، المتنازع بين التعجب والإعجاب، حول سر هذا التغيير المفاجئ، وجهها فقط كان يشي بتعبير محايد لا يُستدل منه على معنى محدد، رافعةً يدها نحو السماء بعينين غاص بريقهما في تلبد غيوم الدمع، شأن واعظ واتته رؤية ما ذات ليلةٍ مباركة.
أدركها الدوار والعثيان أكثر من مرة، انتحت جانبا ممتقعة الوجه، حيث لايرى انهيارها أحد، فكت أول زرارين من ثوبها الفضفاض، ثم حلت ربطة الرأس بعصبية، كما لو أنها تنزع الشوك عن شعرها، أنت بآهةٍ مكفهرة ويداها تخبطان بقسوة على بطنها الآخذة بالتضخم يومًا تلو الآخر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى