رأيتها على سور السفينة، أنا مبحر لأداء العمرة، راودني شك جدلي، بأنها يمامتنا. القاطنة شجرتنا..، عجبت لنظرتها:
ــ ألا تعرفني. أنا (محبوبة). يمامة ابنك أكرم، الذي يناوشني من الشباك..
ابتسمت للخيال..، الذي شرد بي، ذكرني بأصغر أبنائي..، هاتفني الشوق لأسرتي، منزلي، شجرتنا.. عجباً لها.. ستظل ثلاثة أيام بلياليها.. بلا مرفأ.. تستريح فيه. كما نفعل.. حينما نتعب من حركة السفينة، تقلبات الجو في البحر. فنلجأ لغرفنا ليلاً أو نهاراً...
وصلنا لمقصدنا.. استرحنا، ذهبنا للطواف، رأيتها بأم عيني. متعلقة بأستار الكعبة، ناظرة إليّ:
ــ ها أنا ذا. لا تغب عن ناظري. أتينا وسنعود معاً..
وحلقت في دائرة مركزها الكعبة.. عدة دورات. أتممت طوافي حول البيت العتيق، اتجهنا للصفا والمروة..، سبقتني في شعيرة السعي. ونظرت لي نظرة.. لم أفهمها..!
أتممت سعيي، ذهبت للفندق..، الحق أقوله لكم.. لم أنم ليلتها. فنظرتها لن أنساها..
تابعنا زياراتنا..، بعدها. تجمع رفقائي المعتمرون، اتجهنا صوب الميناء. للعودة إلى بلادنا، كنت شارداً باحثاً عنها.. هل ستعود معنا. أم ستبقى؟ أظنها تمتلك قرارها. أما نحن، برغم تعلقنا بالأراضي المقدسة. مجبرين على المغادرة..، تمنيت وقتها أن أكون يمامة..، ركبت الباخرة. أبحرت بنا..، لم يشغلني عنها. سوى الحنين. لأداء العمرة مرة أخرى. وصلنا بستر الله وفضله صباحاً.. كان أبنائي في مدارسهم. استقبلني أهلي بفرح.. أذهلني مبالغتهم فيه.. زغاريد، تكبير، صياح، دموع، تهليل.. كأنني عدت من الحرب أو الموت، سألت زوجتي.. ودموعها في عينيها:
ــ نذير الشؤم.
ــ أي نذير هذا؟
ــ اليمامة التي على شجرتنا.. اختفت يوم سفرك..
ــ أنسيت قول الحبيب ( بشروا ولا تنفروا. ويسروا ولا تعسروا ) صدق رسول الله..
ــ والله.. كنا في أيام سوداء..
ــ المهم. أخبار العيال إيه؟
ــ أكرم. مازال يبكي حتى صباح اليوم.
ــ لمَ؟
ــ كما ذكرت لك. بسبب اختفائها... فهو يحبها، متعلق بها..
تعجبت من حديثها، من عقل طفل بريء. وبكائه لغياب يمامة.. لا أحد يعلم. أين ذهبت؟ هل اصطادها طفل آخر..؟ أو هاجرت أو.. ماتت..؟ الله أعلم.
ــ اشتريت ألعابا يلهو بها أكرم؟ لعله ينساها!
ــ طبعاً. أحضرت له الكثير.. هيا نخرجها من الحقائب..
صوت أكرم على السلالم، كأننا في عيد!
ــ هااااااااه... يا ماما يا ماما. اليمامة يا ماما.. يا ماما تعالي يا ماما. اليمامة رجعت. والله رجعت يا ماما. ع الشجرة يا ماما..
بقلمي
الكاتب/ عصام سعد حامد
مصر أسيوط ديروط
25 / 12 / 2016
ــ ألا تعرفني. أنا (محبوبة). يمامة ابنك أكرم، الذي يناوشني من الشباك..
ابتسمت للخيال..، الذي شرد بي، ذكرني بأصغر أبنائي..، هاتفني الشوق لأسرتي، منزلي، شجرتنا.. عجباً لها.. ستظل ثلاثة أيام بلياليها.. بلا مرفأ.. تستريح فيه. كما نفعل.. حينما نتعب من حركة السفينة، تقلبات الجو في البحر. فنلجأ لغرفنا ليلاً أو نهاراً...
وصلنا لمقصدنا.. استرحنا، ذهبنا للطواف، رأيتها بأم عيني. متعلقة بأستار الكعبة، ناظرة إليّ:
ــ ها أنا ذا. لا تغب عن ناظري. أتينا وسنعود معاً..
وحلقت في دائرة مركزها الكعبة.. عدة دورات. أتممت طوافي حول البيت العتيق، اتجهنا للصفا والمروة..، سبقتني في شعيرة السعي. ونظرت لي نظرة.. لم أفهمها..!
أتممت سعيي، ذهبت للفندق..، الحق أقوله لكم.. لم أنم ليلتها. فنظرتها لن أنساها..
تابعنا زياراتنا..، بعدها. تجمع رفقائي المعتمرون، اتجهنا صوب الميناء. للعودة إلى بلادنا، كنت شارداً باحثاً عنها.. هل ستعود معنا. أم ستبقى؟ أظنها تمتلك قرارها. أما نحن، برغم تعلقنا بالأراضي المقدسة. مجبرين على المغادرة..، تمنيت وقتها أن أكون يمامة..، ركبت الباخرة. أبحرت بنا..، لم يشغلني عنها. سوى الحنين. لأداء العمرة مرة أخرى. وصلنا بستر الله وفضله صباحاً.. كان أبنائي في مدارسهم. استقبلني أهلي بفرح.. أذهلني مبالغتهم فيه.. زغاريد، تكبير، صياح، دموع، تهليل.. كأنني عدت من الحرب أو الموت، سألت زوجتي.. ودموعها في عينيها:
ــ نذير الشؤم.
ــ أي نذير هذا؟
ــ اليمامة التي على شجرتنا.. اختفت يوم سفرك..
ــ أنسيت قول الحبيب ( بشروا ولا تنفروا. ويسروا ولا تعسروا ) صدق رسول الله..
ــ والله.. كنا في أيام سوداء..
ــ المهم. أخبار العيال إيه؟
ــ أكرم. مازال يبكي حتى صباح اليوم.
ــ لمَ؟
ــ كما ذكرت لك. بسبب اختفائها... فهو يحبها، متعلق بها..
تعجبت من حديثها، من عقل طفل بريء. وبكائه لغياب يمامة.. لا أحد يعلم. أين ذهبت؟ هل اصطادها طفل آخر..؟ أو هاجرت أو.. ماتت..؟ الله أعلم.
ــ اشتريت ألعابا يلهو بها أكرم؟ لعله ينساها!
ــ طبعاً. أحضرت له الكثير.. هيا نخرجها من الحقائب..
صوت أكرم على السلالم، كأننا في عيد!
ــ هااااااااه... يا ماما يا ماما. اليمامة يا ماما.. يا ماما تعالي يا ماما. اليمامة رجعت. والله رجعت يا ماما. ع الشجرة يا ماما..
بقلمي
الكاتب/ عصام سعد حامد
مصر أسيوط ديروط
25 / 12 / 2016