منجيّة التومي - الزردة : بين التحليل القبلي والتحريم الديني

مقدمة:

الزردة ظاهرة إنسانية قديمة قدم الإنسان، عرفتها الشعوب العربيّة القديمة والحديثة، ومارستها بأشكال مختلفة، واتّفقت الدوافع إليها والمتمثّلة أساسا في التقرّب من المقدّس بمختلف أشكاله: موجودات وكائنات حيّة. وهي ظاهرة أنثربولوجيّة تمارس في شكل طقوس شعائرية منظّمة تنخرط فيها المجتمعات سواء الحديثة منها أو القديمة ،لتعيش بها وتبني من خلالها رموزها وصورها عن نفسها وعن الأشياء والعالم، وبواسطتها تحدّد أنظمة عيشها الجماعي ومعاييرها الخاصّة»(1).

وتتعدّد التصوّرات النظريّة المتعلّقة بالزردة وتختلف باختلاف الآراء حولها، حيث اتجه فريق من عامة الناس إلى تحليلها واعتبارها عادة السلف والأجداد التي لا مردّ من الاحتفاء بها، بينما اتّجه جمهور العلماء والفقهاء إلى تحريمها باعتبارها منافية للدين الإسلامي الذي يحثّ على ضرورة التخلّص من العادات القبلية المتوارثة بما في ذلك الزردة التي شبّهت الاحتفالات التي تقام حولها «بأعراس الشيطان».

عندما نقارب هذه المسألة تخامرنا العديد من الأسئلة منها: كيف يمكن أن ننظر إلى الزردة وكيف نعرّفها؟ ألا تعد هذه الأنشطة الطقوسية في مجتمعاتنا الحديثة التي طغت فيها العقلانية مجرّد ممارسات مفرغة من المعنى؟ بمعنى آخر هل مازالت هذه الممارسة الرمزية محافظة على ألقها مثلما كانت في المجتمعات القديمة أم أنّها فقدت بريقها ومعناها ؟ إن كانت الظاهرة نسقًا تواصليًّا يرجى منه التقرّب إلى المقدّس فلمَ يُناهضها الدين ويُحرّمها؟ ولمَ تمارسها الفئات الشعبيّة وتُحلّلها ؟.

في معنى الزردة:

بالعودة إلى متون اللغة العربية نتعرّف إلى معنى الزردة لغة واصطلاحا. وننطلق بكتاب «العين» لأحمد بن خليل الفراهيدي (ت 170هـ) الذي يعرّف الزردة بقوله: «زرد وازدرد الطعام بلعه بسرعة ونهم». ويتّفق معه ابن منظور (ت 711 هـ) في التعريف «زرِد الشيء واللقمة بالكسر زردا وزرده وازدرده زردا ابتلعه». زرِد فلان اللقمة: بلعها في سرعة»(2). بينما يذهب الزبيدي (ت 1205هـ) في تاج العروس إلى أنّ «الزَّرَد هو حيوان مخطّط يشبه الحمار، من فصيلة الخيليّات». وزَرُودُ: موضع، وقيل: زَرُودُ اسم رمل مؤنث قال الكَلْحَبَة الْيَرْبُوعِيّ: فقلت

لِكَأْس أَلْحميها فإنّما

حَلَلتُ الكثيب من زَرُودَ لأَفْزعا

ولعلّ التعريف الأقرب إلى المفهوم نظفر به في «مجمع اللغة العربية» الذي يقرّ بأنّ الزردة «اسم لنزهة برّية لا تنضبط بضابط ولا تراعي قانونا لا في نوم ولا في أكل ولا في شرب ولا في حديث،.. وهي اجتماع برّي يدوم يوما وليلة مبيتًا في الخلاء وتحت سقف الخيام»(4). ومنه اشتقّ المثل الليبي القائل «الزرّادة قبل العبادة» والذي يعني إذا كان الأكل جاهزًا والاحتفال قائمًا فيجوز تأجيل الصلاة إلى ما بعد الأكل.

أما في الاصطلاح فالزردة هي احتفال شعبيّ تقوم به مجموعة بشريّة في مكان محدّد، هو الساحة المحيطة بالضريح، وفي زمن محدّد، متّفق عليه بين المجموعة، ويدوم الاحتفال يومين أو ثلاثة أيام، وفيه يقام الطقس الاحتفالي حيث تسود فيه المآكل والمشارب وتقام فيه الاستعراضات كاللباس والرقص والفروسية ... وبمرور الزمن وبفعل التوارث أصبحت الزردة تمثّل احتفالًا عقائديًّا ممزوجًا بأنشطة اقتصادية واجتماعية تقوم به القبيلة أو العشيرة الواحدة التي تربطها قرابة الدم وتشترك مع بعضها في الانتساب إلى الجدّ الأوّل، وهو الولّي الصالح الذي تقام في حضرته به، وله كل الأنشطة والاحتفالات والطقوس.

إنّ هذه التعريفات على اختلاف مراجعها تجد في الزردة قاسمًا مشتركًا في الوضع اللغوي وفي الممارسة الإجرائية أيضا، ومفهوم الزردة هو مفهوم شائع في البلاد العربيّة بصفة عامّة وسكان الجمهوريّة التونسيّة بصفة خاصة ولاسيما في الجنوب وهذا المفهوم له بعدان: بعد اجتماعي لأنّها ترتبط بالطعام المجانّي /الوليمة التي تقوم بها الجماعة المحتفلة بالوليّ.وبعد عقائدي روحي لأنّ الزردة هي مجموعة طقوس تقوم بها المجموعة أفعالًا وأقوالًا وأحوالًا، وهي تعدّ شكلاً من أشكال التديّن في نظر مريديها، لذلك فالارتحال إلى مقام الوليّ والنحر عند ضريحه يعتبر حجًّا، لكنّه يختلف عن الحجّ في الإسلام لأنّه واجب مقدّس في مستطاع كل مريد القيام به. لأنّ هذا الوليّ الصالح يمثّل في المخيال الجمعي الجدّ الأوّل للقبيلة/العشيرة وهو الذي يخلف الله في الأرض، لذلك لا يجب العدول عن هذا الطقس أو نسيانه أو التغيّب عليه «لأنّه نشاط منه يطلّون على ذواتهم وعلى الآخر وعلى العالم».

ورغم هذا الولاء اللامتناهي للولّي، فإنّ النصّ الديني في الإسلام يمنع ارتياد أضرحة الأولياء وتقديم القرابين إليهم، ولا يقرّ بهذه الاحتفالات ولا بمقامات الأولياء لأنّه ينكر تقديس الأشخاص مهما علا شأنهم وتعدّدت كراماتهم.

في معنى الـتحـليل والتحريم:

التحريم أو الحرام مصطلح بالغ الالتباس يستحيل توضيح معناه في بضعة أسطر أو عبارات، ولكنّنا سنحاول تعريفه مهتدين بمتون اللغة العربية التي تعرّف التحريم انطلاقا من مادة (ح.ر.م) التي تعني المنع طوعًا أو قسرًا .نقول «حَرِم فلانًا الشيءَ: مَنعه إيّاه، وحُرِم الشيء:امتنع، وحَرُم عليه: لم يحلّ له ومُنع عنه. ومكانٌ حرامٌ :لا يُنتهك. وحَرَّم الحاجّ: دخل في الشهر الحرام. والأشهرُ الحرمُ هي الأشهر التي حُرِّم فيها القتال. وحَرَّم الشيء جعله حراما ضدّ حلّله. والتحريم: المنع. قال الشاعر الجاهلي الأعشى:

مهادي النهار لجاراتهم

وبالليل هنّ عليهم حُرُمْ

والحرام هو نوع من القوّة التي تكون في الأشياء المقدّسة أو النجسة، أما الحلال فهو ضد الحرام ولا يفهم معناه إلا بالإضافة إلى ضدّه. فالحلال ما كان غير مقدّس ولا نجس «لا يستطيع المرء أن يأتي به دون أدنى استعداد يؤهّله لذلك ودون أن يخشى عاقبة عمله»(6).

وقبل مجيء الإسلام كان الإنسان العربي يضفي القداسة على العديد من المظاهر التي ترتبط في نظره بقوى خفيّة (بعض الينابيع، بعض الأشجار المسكونة بأرواح خفيّة لا سيما الجنّ، الدم المراق الذي لا يطلب الثأر..) وللتعوّذ من هذه القوى يحيط الإنسان نفسه بشبكة من المحرّمات مثل منح البركة من خلال تقديم القرابين، وهذه الأضاحي المتنوّعة التي كان يقدّمها لهذه القوّة تدلّ على المكانة التي نحتها في حياته(7).

وتسود علاقة الإنسان العربي المسلم بالعالم الخارجي ثنائية الحلال والحرام أو المباح المسموح والمحظور الممنوع. ويطلق القرآن التحريم على عدّة أصناف من الكائنات والأشياء، الصنف الأوّل يرتبط بالكائنات والأشياء المدنّسة (لحم الحيوان، الدم، لحم الخنزير، الخمر..) بينما يرتبط الصنف الثاني بتحريم نكاح الأمهات والأخوات والبنات، وكذلك الأضاحي التي أهلّ بها لغير الله.

التحليل القبلي لـلــزردة:

يمــارس الإنـســـان العـربــي العديد من الطقوس من أجل التقرّب من المقدّس بمختلف أشكاله، وهذه الطقوس هي «مجموعة من الإجراءات والحركات التي تأتي استجابة للتجربة الدينيّة الداخلية وتهدف إلى عقد صلة مع العوالم القدسيّة». ويقسّم «فرس سوّاح» الممارسات الطقسيّة - في إطار الحديث عن ثقافة الشرق القديم - إلى ثلاثة أنواع رئيسيّة: هي الطقوس السحريّة، والطقوس الدينيّة الروتينيّة، والطقوس الدوريّة الكبرى. وتقوم الطقوس السحرية على الإيمان بوجود قوة خارقة في جميع مظاهر الكون، هذه القوة يستطيع السّاحر أو الكاهن المتمرّس بفنون السّحر أن يمتلكها، ومن خلالها يستطيع شفاء الأمراض المستعصية، ويطرد الأرواح الشريرة، ويتحكّم في عناصر الطبيعة(8). وتقام الطقوس الدورية من أجل تحقيق الخصب للأرض والزرع.

أمّا الطقوس الدينية فهي تلك التي تقام من أجل الإله المقدّس وتتّخذ الصلاة والقرابين في المعابد دور الصدارة في هذه الطقوس الدينية حيث تقدّم ذبائح الحيوانات قرابين تحرق على منصّات خاصّة ليصعد الدخن إلى مساكن الآلهة(9).

وتعدّ الزردة طقسًا من الطقوس الدينية الروتينيّة التي يمارسها الإنسان من أجل التقرّب إلى الأولياء الصالحين حيث يتمّ القيام بالصلاة وإعداد الطعام وتقديم الذبائح بما يشبه القرابين وإعداد المأكل والمشرب عند مزارات الأولياء والصالحين. وهو نشاط قدسيّ وشكل من أشكال التديّن الشعبي الذي تتشكّل في نطاقه معتقدات، ويحتضن ممارسات تعبّديّة واحتفاليّة يتجلّي فيها المقدّس، لذلك يعتبر إحياء هذا الطقس إحياءً للولّي في حدّ ذاته.

للزردة زمنان للاحتفال: أحدهما في فصل الخريف عند الاستعداد للحرث. والآخر في فصل الربيع قرب موسم الحصاد. والغرض منها التقرّب من الوليّ الصالح ليغيثهم بالأمطار تسهيلاً للحرث أو حفاظًا على الغلة (الصابة).. ويقام الاحتفال في فضاء لا متناه كالصحراء أو الخلاء أو على سفح جبل. ويشارك فيه الجميع بلا ضوابط جنسية أو عمرية أو طبقية. وهم جميعا يمارسون أنشطة مختلفة اجتماعية كالتزاور وإطعام الوفود والركض على الخيل، وأنشطة اقتصادية كالبيوعات والشراءات.

ومن الطقوس التي تقام عند الدخول إلى خلوة الوليّ: نزع الحذاء عند الدخول إلى المقام والطواف حول الضريح ومناجاته ليساعده على قضاء حوائجه كالنجاح والزواج والإنجاب وتسهيل الأرزاق.. ومنها التمسّح بالقماش الذي يغطي القبر وأحيانا تقبيله تبرّكا اعتقادا من المريد أنّ ملامسة أشياء الولي تتجاوز مجرد اللمس الجسدي لتصبح اتّصالا روحيا بينهما أشبه بالحلول عند المتصوّف، ومنها من يقطع قليلا من ذاك القماش ليجعله تميمة تصدّ عنه المكاره والنوازل..ومنها من يدفع ما تيسّر من المال أو الحليّ مساهمة في ترميم المقام أو إعماره.. وهي طقوس متنوّعة وأحيانا سرية عنوانها الرهبة الممزوجة بالطمأنينة ويتخلّلها الخشوع والتذلّل ويغلب عليها الرجاء والطلب(10).

ويعتبر الوليّ الصالح أرفع درجة من باقي الأفراد، فهو العارف بالله ،المالك للسرّ الإلهي، لذلك تتداول عبارات كثيرة أثناء الاستشهاد بأقواله، فيتبع قولهم بعد ذكر اسم الولي «نفعنا الله ببركته، أو «رضي الله عنه».. ويطلق المستشرقون على هذه الظاهرة «تقديس الأولياء «le culte des saints» وهي ظاهرة أفرزتها تجربة التصوّف التي كانت منتشرة في المغرب الإسلامي بكثرة، إلا أنّ تونس من أكثر البلدان العربيّة احتضانًا للأضرحة والمزارات إذ لا تكاد تخلو مدينة أو قرية أو دشرة من ضريح أو وليّ. حتى إنّه يصحّ القول: إذا كان المشرق الإسلامي أرض الأنبياء والرسل فإنّ المغرب الإسلامي أرض الأولياء»(12).

وأولياء الله عرّفهم النّبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بقوله «هم قوم تحابّوا في الله من غير أموال ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس(13). يقول الله عزّ وجلّ:أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(14).

ويؤكّد النبهاني (ت1932) في «جامع كرامات الأولياء» أنّ الولي هو من تولّى الله تعالى بالطاعة، وتولّاه الله بالكرامة والرعاية. والوليّ من توالت أفعاله على مواقفه من الشرع الشريف. ولتدعيم ما ذكره الباحث حول الوليّ نعود إلى مجامع اللغة لنجد أنّ الوليّ على وزن فعيل ولها وجهان الأوّل يكون فعيلاً صيغة مبالغة كعليم وقدير فيكون معناه من توالت طاعاته من غير تخلّل معصية، ويكون الثاني فعيلاً بمعنى مفعول كقتيل وجريح بمعنى مقتول ومجروح وهو الذي يتولّى الحقّ سبحانه حفظه وحراسته على التوالي عن كل أنواع المعاصي ويديم توفيقه على الطاعات(15).

وهذه المكانة التي يحظى بها الوليّ مأتاها تصوّر العامّة أنّ الإله يتجسّد بشكل ملموس عبر وسائط الصلحاء والأولياء «فكلّما أنسن الإنسان الإله كلّما شعر به أقرب إليه»(16). وعلى هذا الأساس آلت «التقوى الشعبيّة إلى إنزال القداسة على الأرض، وأقامت في كلّ مكان تقريبا مقامات ومزارات لأولياء السّماء على شكل رباط ،قبّة ،زاوية ومزار.»(17) سمّاها البعض بُنى المقدّس les structures du sacré.

وبتعدّد الأولياء الصالحين تتعدّد الاحتفالات المقامة لهم في مختلف جهات البلاد ولا سيما في الجنوب، حيث يحتفل كلّ عرش بوليّه مقيمًا له زردة فنجد على سبيل المثال زردة سيدي علي بن عون(19)، وزردة سيدي تليل(20)، زردة سيدي عبيد(21)، زردة سيدي عمر بن عبد الجواد(22).

وتمتدّ الاحتفالات عادة على مدى ثلاثة أيام يجتمع خلالها العرش الذي ينتمي إليه الوليّ الصالح بمختلف فروعه: ينصبون الخيام أسفل الجبل حيث مقام الوليّ، يستقبلون الضيوف، ويكرمون الزائرين، ويقدّمون الولائم والذبائح، ويطعمون الطعام، ويحتفلون باستعراض فولكلوري تشارك فيه النساء والرجال.

ويتبارى الشعراء لإبراز مواهبهم الفنيّة من ناحيّة، وتخليد هذا الاحتفال من ناحيّة أخرى، فينظم البعض منهم قصائد في مدح الوليّ يقع استهلالها بالصلاة على النبيّ محمد ومدحه من ذلك قولهم:

أوّل ما نبدَى نِتْكلّم نبدَا لفظي باسم الله

صلّى الله عليه وسلّم يا لمجد رسول الله

آ سيّد لَشْرَافْ زين الحِلَّه آ باهي لَوْصَاف بن عبد الله

آ سيّد لَشـْرَافْ نبنا آ باهي لَوْصَاف بن يمينه(23)

وينظم البعض الأخر قصائد يعدّدون فيها خصال الأنبياء والرسل والصلحاء ويذكّرون بمآثرهم وكراماتهم.

ففي زردة «سيدي عمر بن عبد الجواد» بالجنوب الغربي التونسي تصدح الأصوات بالقول:

يا ساكن في بيّـاش والعقل شُورك شاشْ

صلّـوا على الهـادي يا جملة من حضرْ

على الواعر بابا عمرْ

ويتمتّع هؤلاء الصلحاء بامتياز كبير وبركتهم ترتجى، ويتوجّب على كلّ مؤمن صالح أن «يحبّ السادة الأشراف، وأن يبجّلهم حتّى وإن ظلموه أو آذوه، مقابل علامات الودّ هذه، سيشفع النبيّ لهم يوم القيامة لقاء تكريمهم لآل بيته»(24). لأنّ بركة النبيّ محمد انتقلت إلى آل بيته، ونكاد نقول إلى كلّ عشيرته، لذلك نجد أنّ أغلب الأولياء الصالحين ينتمون إلى آل البيت.

ويعدّ الصلحاء والأولياء فئة من الأشخاص المقدّسين نسبيًا، الذين يجري تبجيلهم لأنّهم وعاء طاقة روحيّة: إنّهم المجذوبون، الأشخاص الذين يجتذبهم الالق الصوفي، والذين يعتقد بأنّهم مسكونون بالروح الإلهي إنّ هؤلاء الأولياء الشعبيين حسب عبارة «درمنغهم» هم الناس الفقراء البسطاء، الأتقياء القادرون على الإتيان بخوارق كما يحلو لهم، فهم يمشون على الماء ويحكون مع الطير ولا تؤذهم الوحوش.. هؤلاء البسطاء الذين لا يقام لهم أيّ طقس، يحاطون بهالة من الاحترام، فهم يملكون قوّة خفيّة تجعلهم يقومون بأشياء خارقة ذلك أنّ القدسي الموجود فيهم ينتمي إلى المنطقة الوسطى ذات التوتّر الطفيف نسبيًّا الذي لا يمكن الاقتراب منه دون إلحاق أذى بالدنيوي المدنّس(25).

إنّ لقب وليّ لا يمنح لهم إلا بعد حياة تقى وورع، عندما يقدّمون الدليل على ما يستمدّون من قوّة من الله، وعندئذ يغدون موضع عبادة واسعة نسبيًا بحسب براعتهم في تلبيّة أدعيّة وأمنيات أولئك الذين يطلبون شفاعتهم. يتعلّق الأمر بعباد متحمّسين للدين، أنعم الله عليهم بنعمة خاصّة، واصطفاهم بحريّة، فتجري إحاطتهم بهالة من الاحترام، ويجري توسّلهم والسعي وراء بركتهم»(26).

ولا نستثني في هذا الإطار النساء من الوليّات الصالحات ففي تونس نجد العديد من أضرحة الصالحات تتوزّع في كلّ التخوم «فللاّ القلعة» في القطار من مدينة قفصة تحرس أبناء الجنوب، «وللاّ عزيزة» بالقصرين، و«أمّ الزين الجماليّة» بالساحل، و«للاّ المنوبية» بالعاصمة.. لهنّ مواسم ومواقيت وتقام لهنّ الولائم والاحتفالات.

وتعتبر الوليمة التي تنذَر للأولياء من أهم وسائل التقرّب إلى الوليّ، الذي يقوم بدور الوساطة، أو الذي يخلف النبيّ في الدعاء لأتباعه. وعادة تقام الولائم في أضرحة الأولياء في طقوس احتفالية، تقدّم فيها العروض الفروسية، وتعزف الموسيقى الصوفية، وتسمع الأذكار والمدائح والتي يرقص فيها البعض إلى درجة الإغماء، وتندرج هذه المظاهر ضمن طقوس العبور من الذنب إلى المغفرة، ومن الضيق إلى الراحة.

وبالإضافة إلى الزردة نجد الوعدة وهي وليمة تقيمها بعض العائلات إثر نذر نذرته أو لطلب البركة أو لزيادة الخير والرزق. يعرّف فراس سواح بقوله: الوعدة هي مجموعة من الإجراءات والحركات التي تأتي استجابة للتجربة الدينية الداخلية وتهدف إلى عقد صلة مع العوالم المقدّسة»(27).

وكلتاهما أي الزردة والوعدة محرمتان في اعتقاد علماء الدين والفقهاء.

التحريم الديني لـلــزردة:

يعتقد العديد من العلماء الأنثروبولوجيين مثل «جيمس فريزر» و«إدوارد تايلور» أنّ طقوس الزردة الاحتفاليّة والممارسات الموسميّة المقدّسة التي تقوم بها العديد من العشائر والقبائل حول أضرحة الصلحاء والمرابطين هي امتداد لعادات وطقوس قديمة ترتبط بما يُعرف بـ«الطوطميّة» وهذه الاحتفالات والمواسم في شكلها الأوليّ تشبه أشكال التعامل الأسطوري مع الطبيعة الهادف إلى الحفاظ على الخصوبة التي تشكّل أساس التواجد والاستمرار الطبيعي والإنساني أكثر من ذلك، فالطبيعة كانت موضوعًا أولا للعبادات الطوطميّة والتقديس(28).

وقد حرّمت الزردة لعدّة أسباب منها أنّها تشبه عادات الجاهلية في المعاقرة على النصب والقبور وفي إحيائها إحياء لهذه العادات القديمة التي أقامها العرب القدامى زمن الوثنيّة مع هبل واللات والعزّى حيث تقام القرابين الذبائح التي تعدّ ممّا أهلّ به لغير الله وبالتالي فهي حرام في نظر العلماء والمشايخ، وهم يستندون في ذلك إلى قول الله تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ والدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ به والْمُنخَنقَةُ والْمَوقُوذةُ والْمُترَدِّيةُ والنَّطيحةُ وما أكل السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ»(29). وفي الحديث النبوي ورد قول لرسول الله ﷺ على لسان عليّ بن أبي طالب قال: قَالﷺ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ(30).

ولنا في القصّة التي رويت عن «عليّ بن أبي طالب» (ت 40 ه) بين «غالب بن صعصعة بن عقال التميميّ» والد الشاعر الأموي «الفرزدق» (ت 114ه) و«سُحيم بن وُثيل اليربوعي» (ت 60ه) مثالًا، فقد «أصاب أهل الكوفة مجاعة وكان والد الفرزدق فيها، فخرج أكثر الناس إلى البوادي، وكان هو رئيس قومه، وكان آخر يقال له سُحيم بن وثيل رئيس قومه أيضًا، فخرجوا إلى مكان على مسيرة يوم من الكوفة، فعقر غالب لأهله ناقة وصنع منها طعامًاً، وأهوى إلى قوم من بني تميم لهم جلالة جفانا من ثريد، ووجّه إلى سُحيم جفنة، فكفأها، وضرب الذي أتاه بها ،وقال:أنا مفتقر إلى طعام غالب؟ إذا نحر ناقة نحرت أنا أخرى، فعقر ناقة لأهله. فلمّا كان من الغد عقر لهم غالب ناقتين، فعقر سحيم لأهله ناقتين، فلمّا كان اليوم الثالث عقر غالب ثلاثة، فعقر سحيم ثلاثًا، فلما كان اليوم الرابع عقر غالب مائة ناقة، ولم يكن عند سُحيم هذا القدر فلم يعقر شيئا. وأسرّها في نفسه. فلمّا انقضت المجاعة ودخل الناس الكوفة، قال بنو رياح لسُحيم: جررت علينا عار الدهر هلاّ نحرت مثل ما نحروا كنّا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين، فاعتذر أنّ إبله كانت غائبة وعقر ثلاث مائة، وقال للناس: شأنكم ولا أكل كان ذلك على خلافة علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فاستفتى في حِلّ الأكل منها فقضى بحرمتها، وقال: هذي ذبحت لغير مأكلة ،ولم يكن المقصود منها إلا المفاخرة والمباهاة، فألقيت لحومها على كناسة الكوفة فأكلتها الكلاب والعقبان والرخم(31).

وكان العرب في الجاهلية يذبحون الإبل إكرامًا لأرواح أشخاص عرفوا في حياتهم بخصال محمودة كالكرم والجود. يروي الشاطبي (ت 790ه): «أنّ أهل الجاهلية كانوا يعقرون الإِبل على قبر الرجل الجواد، يقولون: نُجازيه على فعله، لأنّه كان يعقرها في حياته، فيطعمها الأضياف، فنحن نعقرها عند قبره لتأكلها السباع والطير، فيكون مُطعما بعد مماته كما كان مُطعما في حياته ... ومنهم من كان يذهب في ذلك إلى أنّه إذا عقرت راحلته عند قبره، حشر في القيامة راكبًا، ومن لم يعقر عنده، حشر راجلاً.» قال الشاعر:

عقرتُ على قبر النجاشي ناقتي

بأبيض غضب أخلصته صياقله

على قبرِ من لو أنّني متُّ قبله

لهَانت عليه عند قبري رواحــله

وكانت العرب في الجاهلية تذبح للأصنام والآلهة المزعومة التي يعبدونها، وبمجيء الإسلام أصبحت تذبح لله عزّ كشكل من أشكال التقرّب إلى الله، وقد ورد في سيرة النبيّ محمّد عليه السلام قصّة عن جدّه عبد المطلب الذي رأى في المنام رؤية كشفت له موضع بئر زمزم بعد أن كانت قبيلة (جُرهم) قد ردمته وأخفت معالمه بعد طردهم من الحرم، عندئذ نذر عبد المطلب نذره الشهير والذي قال فيه: «لئن رزقني الله بعشرة من الأبناء يمنعوه ويقاتلوا دونه ليذبحنّ أحدهم لله تبارك وتعالى»(33).

وكان الرسولﷺ ينهى الناس عن زيارة القبور احتفالًا أو تبرّكًا. عن أبي هريرة قال: قال النبيﷺ: لا تجعلوا بيوتكم قبورًا ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلّوا عليّا فإنّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم»(34). معنى ذلك أنّ من الناس من يتقرّب إلى الله بأنبيائه ورسله وبأئمتهم أو بأولياء الله وعباده الصالحين، أو بملائكة الله المقربين والاقتداء بهم وبأفعالهم والعمل بوصاياهم وسننهم. ومن ثمّة يُطلب منهم ما يطلب من الله، وتُتّخذ أضرحتهم عيدًا يُزار في مواقيت محدّدة تجتمع لها الناس في زينة وسرور وهذا الفعل يعدّ شكلا من أشكال الشرك بالله، يقول عزّ وجلّ {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ}(35).

وتبدأ العلاقة بتقديس الوليّ الصالح الذي أصبح رمزا للصلاح والتقوى والمنزلة الرفيعة عند الله، ومن ثمّ تُستحب زيارة ضريحه، ليس لتذكّر الموت والآخرة، بل لتذكّر الرمز والاعتبار به، ولأنّ هذه الأماكن مباركة، ولأنّ الملائكة والأرواح تنتشر حولها كما يزعمون، فإنّ الدعاء يحسن عندها، فهو أرجح منه في البيت والمسجد وأوقات السّحَر، كما أنّ البركة تفيض على القبر وما حوله، فمن أراد التزوّد منها فليلمس، ويقبّل، ويتمسّح، فإذا تقرّر ذلك هبط إلى دركة تالية: من دعاء الله عنده إلى الدعاء به والإقسام على الله به، أي: اتّخاذه واسطة ووسيلة للاستشفاع به عند الله؛ فصاحب الضريح طاهر مكرّم مقرّب، له جاه عند الله، بينما صاحب الذنب أو الحاجة يتلطّخ في أوحال خطيئته، غير مؤهّل لدعاء الله، فإذا تقرّر ذلك هبط إلى دركة أخرى : فما دام هذا المقبور مكرمًا فليس بممتنع أن يعطيه الله القدرة على التصرّف في بعض الأمور التي لا يقدر عليها طالب الحاجة، فيُدعى صاحب القبر، يُرجى ويُخشى، يستغاث به، ويطلب المدد منه، ولِمَ لا ؟! فهو صاحب السرّ الذي توجل منه النفوس، وترتجف له القلوب، وتتحيّر فيه العقول، فإذا تقرّر ذلك هبط دركة ليست أخيرة، حيث يتّخذ قبره وثنًا، يعكف عليه، ويوقد عليه القنديل، ويعلّق عليه الستور، ويبني عليه المسجد، ويعبده بالسجود له، والطواف به، وتقبيله، واستلامه، والحجّ إليه، والذبح عنده، ثم ينقله الشيطان درجة أخرى إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتّخاذه عيدًا ومنسكًا، وأنّ ذلك أنفع لهم في دنياهم وآخرتهم»(36).

هذا الرأي الذي يمثّله جمهور العلماء لا يستسيغه المخيال الشعبي الذي يعتبر هذه الاحتفالات شكلا من أشكال التعلّق بالمقدّس، هدفها التكفير عن الخطايا من خلال اتّخاذ الوليّ واسطة للتوسّل إلى الله، أو لطلب الشفاعة أو لرفع الظلم، أو لتحقيق الراحة النفسية، أو لجلب البركة والخير...

ويعتقد بأنّ عدم إقامة الزردة يؤدي إلى نقص البركة، وزوال الخير والنعمة، يتجلّى ذلك من خلال تأخّر نزول المطر وضعف المحاصيل الزراعية.

خاتمة:

رغم تحريم الإسلام للاحتفال بالزردة، فإنّ أغلب الشعوب العربية بمختلف أطيافها الفكرية والدينيّة تحلّل الزردة وتبارك الاحتفال بها، لأنّها مازلت تعتقد في الأولياء والصلحاء ولم تقطع حبّها لهؤلاء الذين حموا البلاد وباركوا العباد، وفي تونس مازلت الولائم تقام والاحتفالات تعدّ نشدانا لبركتهم وطلبا لرحمتهم...

ومهما غلا قطبا التحليل والتحريم في الالتباس(37) يبقيان حاملين شحنتين متعارضتين تخوّلان لأحدهما أن يجذب، وللآخر أن ينبذ، وتجعلان القطب الأول شريفا عفيفا طاهرا يبعث على الاحترام والتقدير، والقطب الثاني مثيرا للنفور والاشمئزاز يستوجب اجتنابه.

الهوامش

1. Ansart, Pierre, Idéologie, conflits et pouvoir, PUF, Paris ,1977, p. 21.

2. ابن منظور،جمال الدين، لسان العرب، مادة زرد، دار صادر، بيروت،2005، مج 7 ، ص142.

3. الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس،ط،2، مطبعة الكويت، 1987، مج 3 ،ص13.

4. روافي، عبد الرؤوف، الزردة رحلة في المفهوم، مجلة بويب الثقافية، سبتمبر 2016.

5. ابن منظور،جمال الدين، لسان العرب، مادة حرم، مج5. ص512.

6. الأصفهاني، أبو نعيم، كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، دار الكتب العلميّة،1988، مج10، ص24.

7. شلت، يوسف، نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني، ص54

8. نقدّم مثالا لمدى تأثير الكلمة السحريّة في تغيير الكون والموجودات من أسطورة التكوين البابليّة القديمة حيث تتجلّى كلمة الإله «مردوخ» السحريّة أقوى سلاح يتجهّز به للمواجهة الحاسمة التي دارت بينه وبين الإلهة «تعامة» :

«أتوا بثوب فوضعوه في الوسط،

وقالوا لبكرهم مردوخ:

«سلطانك، أيها الرب، هو الأقوى بين الآلهة.

ليفنَ الثوبُ بكلمة من فمك،

وليرجع سيرته الأولى بكلمة أخرى.»

فأمر بفناء الثوب، فزال،

ثم أمر به، فعاد سيرته الأولى.

فلما رأى آباؤه الآلهة قوة كلمته

ابتهجوا وأعطوه ولاءهم: مردوخ ملكا».

سوّاح، فراس، مغامرة العقل الأولى دراسة في الأسطورة ، دار علاء الدين، الطبعة الثالثة، دمشق،2002

أنظر أيضا:

- فريزر،جيمس، أدونيس أو تمّوز، دراسة في الأساطير والأديان الشرقية القديمة، ترجمة جبرا إبراهيم جبرا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الثانية ، بيروت، 1979.

9. نقدّم مثالا عن كيفية تقديم القرابين للإله مأخوذا من ملحمة جلجامش:

بعد أنّ حطّت السفينة ببطل الطوفان البابلي أوتنابشتم على قمة جبل نصير بعد تراجع الطوفان:

«أطلقت الجميع إلى الجهات الأربعة وقدّمت أضحية،

سكبت خمر القربان على قمة الجبل،

وضعت سبعة قدور وسبعًا أُخر

جمعت تحتها القصب الحلو وخشب الأرز والآس

كي تشمّ الآلهةُ الرائحةَ.

شمَّت الآلهةُ الرائحةَ الزكية

فتجمّعت على الأضحية كالذباب»...

سوّاح، فراس،الأسطورة والمعنى : دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية، دار علاء الدين للنشر، دمشق، سوريا ، 2001، ص 147.

10. روافي، عبد الرؤوف، الزردة رحلة في المفهوم، مجلة بويب الثقافية، سبتمبر 2016.

11. Dermeghem, Emile, le culte des saints dans l’eslam Maghrébien,Tel Gallimard,1982.

12. روافي، عبد الرؤوف، الزردة: رحلة في المفهوم، م.س.

13. النبهاني، الشيخ يوسف بن إسماعيل، جامع كرامات الأولياء، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، مركز أهل سنت بركات رضا، الهند،2001، مج 1،ص8.

14. القرآن الكريم، سورة يونس، الآيات 62 و64.

15. النبهاني، الشيخ يوسف بن إسماعيل ،جامع كرامات الأولياء، ص14.

16. جويرو، زهية ،الإسلام واحدا متعدّدا- الإسلام الشعبي، دار الطليعة بيروت، ط1 ،2007،ص32.

17. شلحت، يوسف، بنى المقدّس عند العرب قبل الإسلام وبعده، دار الطليعة، بيروت، ط،1961،1، ص129.

18. Chelhod,Joseph, Les Structures du sacré chez les Arabes,G.P. Maisonneuve,et Larose, Paris, 1986, p129..

voir aussi :

- Eliade, Mircea, Le sacré et le profane, Paris, Gallimard, 1965, pp. 174-181.

19. سيدي علي بن عون: علي بن عون بن عبد الله بن غنام بن بوعلي بن مسعود بن عبد الجواد بن جبار بن إدريس بن جاب الله بن محمد بن خيار بن محمد بن يوسف بن منصور بن لحيوش بن إدريس بن إبراهيم بن عيسى بن إسماعيل بن إبراهيم بن بشير بن رضوان بن هلال بن محمد بن عبد النبي بن همام بن مرداس بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

- بوذينة، محمد، مشاهير التونسيين، دار سراس للنشر، تونس، ط2، 1992.ص 25.

20. سيدي تليل: هو تليل بن نصر بن عبد الرحيم بن عبد الله بن مبارك بن القاسم بن نصر بن علي بن أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عمر بن إبراهيم بن صالح بن شبالة بن الحمير بن عبد الغفار بن أبي بكر بن زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان.

- التليلي، محسن، الشيخ أحمد التليلي، حياته وآثاره، شهادة الكفاءة في البحث، جامعة تونس، كلية الآداب منوبة، 1988، ص145.

21. سيدي عبيد: هو عبيد بن خذير بن عبد العزيز بن سليمان بن سالم بن إبراهيم بن عبد الحليم بن عبد الكريم بن عيسى بن موسى بن عبد السلام بن محمد بن عبد الجبار بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن مولاي إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن مولاي عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن الخطاب وفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد صلى الله عليه السلام.

- بشوات،الهادي، كتاب التعريف بالشيخ سيدي عبيد الشريف، مطبعة دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 1997،ص 7.

22. سيدي عمر بن عبد الجواد: هو عمر بن عبد الجواد بن علي بن عمر بن جلال بن أبي القاسم بن هلال بن غانم بن هلال بن عكرمة بن أحمد بن علي بن أحمد بن عكرمة بن خالد بن إبراهيم بن منصور بن علي بن حمد بن ثابت بن تيمان بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن سالم بن محمد بن عمر بن أحمد بن عبد المجيد بن يحيي بن محمد بن يوسف بن حيدور بن حيدرة بن علي بن خالد بن أحمد بن عبد الرحمان بن عبد الجواد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن فاطمة الزهراء.

- الهاني، التهامي، قمودة تاريخها وأعلامها، الطبعة الثانية، تونس،2005، ص 63.

23. العيساوي، يوسف، نماذج من الشعر الشعبي في الجنوب الغربي،رسالة ختم الدروس الجامعيّة،1987، ص34.

24. شلحت، يوسف، بنى المقدّس عند العرب قبل الإسلام وبعده، دار الطليعة، بيروت،ط،1961،1، ص129.

25. درمنغهم عن شلحت، يوسف،ن.م، ص129.

26. Goldziher, Ignác, Le dogme et la loi dans l’Islam. Histoire du développement dogmatique et juridique de la religion musulmane ,p222.

27. سواح، فراس، الأسطورة والمعنى.

28. أنظر: الزاهي، نور الدين، المقدّس الإسلامي،دار طوبقال الدار البيضاء ،المغرب، ط1،2005، ص51.

29. القرآن الكريم، سورة المائدة ،الآية 03.

30. الأصفهاني،أبو نعيم ،حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ،دار الكتب العلمية،1988،مج1، ص103.

أنظر أيضًا :

- ـابن الحجاج، أبو الحسن مسلم، صحيح مسلم، دار طيبة للنشر، ط،1 ،2006، مج3، ص1567

31. ابن أسعد اليافعي، عبد الله، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان .

- أنظر أيضا: الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، طبعة بيت الأفكار،مج1 ،ص415. .

32. الطهطاوي، علي أحمد عبد العال، بدع المقابر والجنائز والمآتم، دار الكتب العلميّة، بيروت،2000، ص36.

33. قال ابن إسحاق: وكان عبد المطلب فيما يزعمون نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم، لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه ليذبحنّ أحدهم لله عند الكعبة، فلمّا تكامل بنوه عشرة، وعرف أنّهم سيمنعونه: وهم الحارث، والزبير، وحجل، وضرار، والمقوم، وأبو لهب، والعباس، وحمزة، وأبو طالب، وعبد الله، جمعهم ثم أخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء لله عز وجل بذلك، فأطاعوه وقالوا: كيف نصنع؟ قال: ليأخذ كل رجل منكم قدحا، ثم يكتب فيه اسمه، ثم ائتوني ففعلوا، ثم أتوه فدخل بهم على هبل في جوف الكعبة، وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة، وكان عند هبل قداح سبعة، وهي الأزلام التي يتحاكمون إليها إذا أعضل عليهم أمر... فلمّا جاء يستقسم بالقداح عند هبل، خرج القدح على ابنه عبد الله وكان أصغر ولده وأحبهم إليه، فأخذ عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به إلى إساف ونائلة ليذبحه، فقامت إليه قريش من أنديتها فقالوا: والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه، لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يجيء بابنه حتى يذبحه، فما بقاء الناس على هذا. ثم أشارت قريش على عبد المطلب أن يذهب إلى الحجاز فإن بها عرافة لها تابع، فيسألها عن ذلك، فانطلقوا حتى أتوا المدينة فوجدوا العرافة «سجاح» فسألوها .فقالت: ارجعوا إلى بلادكم، ثم قربوا صاحبكم، وقربوا عشرا من الإبل، ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح، فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربكم، ونجا صاحبكم، فخرجوا حتى قدموا مكة، فلما أجمعوا على ذلك الأمر قام عبد المطلب يدعو الله، ثم قربوا عبد الله وعشرا من الإبل.ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا، ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا، فلم يزالوا يزيدون عشرا عشرا، ويخرج القدح على عبد الله حتى بلغت الإبل مائة، ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل، فقالت عند ذلك قريش لعبد المطلب وهو قائم عند هبل يدعو الله: قد رضي ربك يا عبد المطلب.

- الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب، أعلام النبوة، دار الكتاب العربي، بيروت،1987،ص121.

34. السيّد، وليد أحمد، صحيح وصايا الرسول في العقيدة والعبادات والآداب والمعاملات، دار الكتب العلميّة، بيروت لبنان،1971.

35. القرآن الكريم، سورة الزمر ،آية 43 ـ45

36. ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، دار المعرفة، بيروت، د.ت، ص 334.

أنظر أيضا:

- أبو الفتوح، خالد، دوافع تقديس القبور والأضرحة، مجلة البيان العدد 131 ،ص 72، 1998 .

37. في إطار الحديث عن الثنائيات المتعارضة أجرى روبرت هرتز دراسة معمّقة في الموضوع أكد فيها التعارض بين اليمين واليسار... فالمسلم مثلا يدخل إلى المكان المقدّس برجله اليمنى، وباليسرى يدخل إلى مكان مسحور أو مسكون بالشياطين، والأعسر تثبت عليه تلقائيا تهمة السحّر أو المسّ الشيطاني ... ثم إنّ الجهة اليمنى تدلّ على الطهارة والحظوة الإلهية فيما تدلّ الجهة اليسرى على الرجاسة والخطيئة...

- Hertz,Robert,Mélanges de Sociologie religieuse et Folklore,Paris,Félix ,Alcan,1928. P69.

المراجع العربية

- القرآن الكريم.

- الأصفهاني،أبو نعيم، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ،دار الكتب العلمية،1988.

- ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، دار المعرفة، بيروت، د.ت.

- ابن الحجاج، أبو الحسن مسلم، صحيح مسلم، دار طيبة للنشر، ط،1 ،2006 .

- ابن منظور،جمال الدين، لسان العرب، مادة زرد، دار صادر، بيروت،2005.

- أبو الفتوح، خالد، دوافع تقديس القبور والأضرحة، مجلة البيان العدد131،1998.

- بشوات،الهادي، كتاب التعريف بالشيخ سيدي عبيد الشريف، مطبعة دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، 1997.

- بوذينة، محمد، مشاهير التونسيين، دار سراس للنشر، تونس، ط2، 1992.

- التليلي، محسن، الشيخ أحمد التليلي، حياته وآثاره، شهادة الكفاءة في البحث، جامعة تونس، كلية الآداب منوبة ، 1988.

- جويرو، زهية ،الإسلام واحدا متعدّدا- الإسلام الشعبي، دار الطليعة بيروت، ط1 ،2007.

- الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس،ط،2، مطبعة الكويت، 1987.

- الزاهي، نور الدين، المقدّس الإسلامي، دار طوبقال الدار البيضاء ،المغرب، ط1،2005 .

- سواح، فراس، الأسطورة والمعنى : دراسات في الميثولوجيا والديانات المشرقية، دار علاء الدين للنشر، دمشق، سوريا ، 2001.

- سواح، فراس،مغامرة العقل الأولى،

- السيّد، وليد أحمد، صحيح وصايا الرسول في العقيدة والعبادات والآداب والمعاملات، دار الكتب العلميّة، بيروت لبنان،1971.

- شلحت، يوسف، بنى المقدّس عند العرب قبل الإسلام وبعده، دار الطليعة، بيروت، ط،1961،1 .

- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، طبعة بيت الأفكار.

- الطهطاوي، علي أحمد عبد العال، بدع المقابر والجنائز والمآتم، دار الكتب العلميّة، بيروت،2000.

- العيساوي، يوسف،نماذج من الشعر الشعبي في الجنوب الغربي،رسالة ختم الدروس الجامعيّة،1987.

- النبهاني، الشيخ يوسف بن إسماعيل ،جامع كرامات الأولياء،تحقيق إبراهيم عطوة عوض، مركز أهل سنت بركات رضا،الهند،2001.

- الهاني، التهامي، قمودة تاريخها وأعلامها، الطبعة الثانية، تونس،2005.

المراجع الأجنبية:

- Ansart, Pierre, Idéologie, conflits et pouvoir, PUF, Paris ,1977-

- Chelhod, Joseph, Les Structures du sacré chez les Arabes,G.P. Maisonneuve,et Larose, Paris 1986.

- Dermeghem, Emile, le culte des saints dans l’eslam Maghrébien,Tel Gallimard,1982.

- Eliade, Mircea, Le sacré et le profane, Edition Gallimard, Paris ,1965.

- Goldziher, Ignác, Le dogme et la loi dans l’Islam. Histoire du développement dogmatique et juridique de la religion musulmane ..

- Hertz,Robert,Mélanges de Sociologie religieuse et Folklore,Paris,Félix ,Alcan,1928. -



- من الكاتب.

1. https://alkhaleejonline.net/sites/defa ult/files/2018-08/%D8%B3%D9% 8A%D8%AF%D9%8A%20%D8%B9%D9%84%D9%8A%20%D8%A8%D9%86%20%D8% B9%D9%88%D9%86%205.jpg

2. https://ultratunisia.ultrasawt.com/sites/default/files/styles/medium/public /%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D 9%8A%20%D9%85%D 8%AD%D8%B 1%D8%B22.JPG?it ok=tZ8py0XE

3. https://ultratunisia.ultrasawt.com/...es/medium/public/unnamed_52.jpg?itok=fzGYlgLO

4. https://www.almanber-ettounsi.com/wp-content/uploads/2017/08/festival-sidi-ali-bou-oun05.jpg



منجيّة التومي
تونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى