جدوى عبود - قراءة في قصة "حـــواء" للقاص عصام سعد حامد

النص:
حـــواء
..التقيت أشخاصاً باسم ( آدم), لم أقابل امرأة تسمى (حواء). ذلك يرجع لفلسفة ما.. أنا عن نفسي. لا أفهمها..!. تفكيري هذا تم استدعاءه.. من خلال أول فتاة أراها. تحمل هذا الاسم. في مدرستنا الثانوية, التي أدرس فيها مادة الفلسفة. لهذه الفتاة مقوماتها من جمال فائق, ذكاء حاد. يستدعيان الانتباه..
أصبحت بلباقتها, حدة تفكيرها, اتساعه, ثقب فكرها, نفاذه, كثرة إطلاعها, تنوعه.. مثار جدل بين أساتذتها, الذين تعثر حظهم بها, كانت لهم حجر عثرة.. يهابون حصتهم في فصلها, يتضاءل المعلم في نفسه, عندما يشعر بها. تريد أن تلقي سؤالاً. أو تشارك في مناقشة.. لأنها غالباً تسأل, تجيب, تناقش بمستوى.., أعلى مما نتوقعه. يحرج زملاءها, الأستاذ..
وامتلاكها لثلاث لغات, بنك معلومات, نواصي المناقشات, آداب الحوارات.. أهلها لقيادة إذاعتنا المدرسية, إدارتها ببراعة.., كان لحواء مقالها الخاص. تذيعه السبت من كل أسبوع. كنا ننتظره بشغف.. لجرأته, جديته, تطرقه لنقاط شائكة, أحياناً محظورة.., لا يجيد التحدث, التألق فيها. إلا قلة من ذوي العلم والرأي,..
ذات سبت.. ألهبت بشرارة فكرها, نير حديثها, عبر مقالها.. أذهان المستمعين.. طلاباً, طالبات, معلمين, معلمات.. والجميع. بموضوع قديم. إلا أن إبداعها في كتابته.. جعله بديعاً, أكثر من جديد. بعنوان (حريم الأسد) وخلاصة المقال.. إحتجاج على ظروف المرأة الإجتماعية, الطبيعية,.. غيرها. مقارنة بأشبال آدم.. وضعت فيه علامات تعجب, استفهام, مصطلحات فكرية, لغوية. ابتكرتها, لم تخطر بأذهاننا. خطفت إعجابنا, فغرت أفواهنا, سلبت ألبابنا, نالت تصفيقنا.., الذي لم ينله مقالاً من قبل..
اقتربت منها, مستأذناً إياها.., سألتها على الملأ:
ــ لمن ننسب هذا النص.. (.. بالألم تلدين أولاداً, إلى زوجك تنقاد أشواقك, هو يسود عليكِ..)؟
ــ .. لله.. آيات 13ـ 16. إصحاح 3 في سفر التكوين بالعهد القديم
ــ حسناً, لمن تنسبين.. ( الرجال قوامون على النساء, بما فضل الله بعضهم على بعض..)؟
ــ الله.. آية 34 سورة ( النساء) بالعهد الأخير. أقصد القرآن الحكيم
ــ.. لو أتاحت لك الظروف.. الإختيار, لتكوني رائدة فضاء.. أو أنثى بمعنى الكلمة. تحبلين, تلدين, ترضعين, تربين وليدك, تكملين صنعة الخالق.. فكيف يكون إختيارك؟
ــ طبعاً.. ريادة الفضاء.
,.. فاجأتني بسرعة ردها, حسمه.. صُدم الكثيرون, انخفضت شعبيتها.. منذ تلك اللحظة.., شكرتني على مشاركتي, على حد قولها. لم تستطع أن تثبتها بمقالتها, اعتبرتني شريكاً في مضمونها. بما أعنتها.., باستجوابي لها, أردت إنهاء مداخلتي:
ــ.. ليكن لك ذلك, حقاً. أنا مشفق عليك من اختيارك
ــ أكرر شكري وتقديري للأستاذ ( وعد الحق)، أرجوه أن يعفيني من الإشفاق, الذي أشار إليه.., أنا مسئولة عن اختياري..
ــ حقي فيه مباح, رده من جانبك متاح..
ولأني مدرسٌ للفلسفة.اعتادوا مني على عبارات قصيرة. لا تبصر مبصراً.. إلا من نفذت بصيرته لنواة كلماتي..
على هذا السبت.. مر تقريباً سبعمائة سبت. حققت الفتاة رغبتها, أصبحت من أعظم علماء الفضاء.. بدراساتها, أبحاثها الرائدة, تجاربها الجريئة, ضربت زمناً قياسياً في البقاء خارج الأرض.., تزوجت بمن يليق بمجدها, يعمل في مجالها.., اسمه الدكتور ( آدم), بمرور أربعين قمراً.. طالبها بحقه الطبيعي, ليكتمل ثالوثهما..
ذهبت لطبيب النساء, صارحته..
ــ زواجي.. لم يفض عليّ بدوار أو غثيان, أتمنى أن أشعر بهما..
فحص الطبيب رحمها, دقق في مبيضيها.., بشفقة..
ــ للأسف. تعرضت لأشعة فضائية..., لن تتقيئي كبقية النساء..
بقلمي
الكاتب/ عصام سعد حامد
مصر أسيوط ديروط
21 / 4 / 2020

قراءة في فضاء النص :
....................................

1681176910171.png











تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى