أسامة إسبر - كان بياضاً..

كان أنقى بياضٍ رأيتهُ في حياتي،
لم يُحلْني إلى أكفان
لم يفتح باب الموتى في ذاكرتي.
كان منقّطاً بالضوء في أطرافه.
بياض غيمة نَسجَها الجوّ
وعلقّها كي تُلْبسها العين لمن تشاء
كي يمنح الصحو هدية.
تريثتْ عيناي لوهلة
قبل أن أديرهما إلى ظهيرةٍ
تستعرضُ فضّتها فوق وجه المحيط.
أَقْصَرَ من أنفاس موجة وليدةٍ
كان عُمر الغيمة
اختفتْ فجأة
كما لو أن الفراغ شربها صرفاً.
وعلى درب يقودُ إلى الشاطئ
لم أكن أملك إلا عينيّ
وقدميّ، هديتي من الولادة.
رأيت أرنباً رمادياً
عيناه صافيتان كمياه نبع
ثم نسراً يحوم في الأعالي
وطيوراً صغيرة تفر من فضائه.
كانت الأرض تُوقدُ نارها الخضراء في بداية الربيع
كي تعدّ الوليمة،
ووصلتْ رسائل من طيورٍ
تغريدها غزير كأمطار الشتاء
في أدغال تحاذي الشاطئ.
وكنتُ، أنا العابر شبه اليومي
على ذلك الدرب
أسمع إيقاع أحزاني
في حفيف ينبعثُ من شجرة صفصاف
ثم سرعان ما هبّ هواء مفاجئ
وسمعتُ لهاثي ولهاث الأشياء
كما لو أن كل شيء يجري هارباً من نفسه.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى