سليمان جمعة - قراءة في نص (كرسي.. وعمامة) للاديب المصري عصام سعد

كرسي.. وعمامة
قصة قصيرة


لم يتبق على إفتتاح المعرض. سوى يومين..
تراودني أفكار وتخيلات..، كمبدع حقيقي. أمقت التقليد جذرياً. بحثت. فكرت. تخيلت. تأملت، عصفت بذهني عصفاً. لأبدع فكرة.. أترجمها بريشتي.. فأنا رسام بارع بلا شك، نابغة بلا جدال، أشعر بعبقريتي..، التي جعلتني وحيداً منعزلاً، لا أحد يعترف بي..، لندرة الإبداع الإبتكاري. كدت أصرخ:
ــ ( أريد أن أحقق ذاتي)..
ولأجذبها من لا وعيي. جلست على كرسي، مائلاً للخلف برأسي، أغمضت عيني، أسلمت للخيال ذهني. فقادني لغفوة، تراءت لي فيها.. أشعة الشمس متسللة لمرسمي، تتماوج على بعضها، رسمت إسمي باللغة العربية.. تارة بخط الرقعة، أخرى بالنسخ..، صغته بالإنجليزية والفرنسية ثم الإيطالية والألمانية فالإسبانية.. وغيرها. اختفت هذه التشكيلات، تحولت الأشعة لأمواج شمسية. تطفو عليها عمامة، يصدر منها ضوء ذهبيّ، استقرت على رأسي..
أفقت من غفوتي، اتجهت إلى الشباك، ناديت على أول شخص وقعت عليه عيناي. شيخاً تعدى السبعين منذ قليل.. استجاب لندائي، صعد للمرسم، اتجه لكرسي بجوار لوحة بيضاء. معدة للرسم:
ــ ( تفضل أرسم. حقق ذاتك ).
كانت عبارته. مفاجئة حالمة لذهني..، تساءلت في صمت:
ــ لمَّ اخترت هذا بالذات؟
الشيخ بنظراته:
ــ من قال إنك اخترتني؟ كل هذا في خيالك. أرسم..، انتبه لعمامتي.. فلها معك شأن..
تساءلت :
ــ يا ترى. من أين جاء هذا الرجل؟
الشيخ ما زال في صمته:
ــ دعك من هذه التهيؤات. فأنا لست هنا، لن أكون في اللوحة. أنا بداخلك، سأظل هكذا ما حييت.
قمت بتخطيط وهيكلة اللوحة، رسمت الكرسي، أيضاًً العمامة، تجاهلت الشيخ نفسه. اكتملت الصورة.. ( الكرسي والعمامة فقط ). كأن شبحاً يرتديها. يصدر منها ضوءٌ. لم أقصد إظهاره، العمامة بهذا الضوء. تريد أن تقول شيئاً.. الكرسي يشعر بحضوره.. كأنه يفرض نفسه. هذا أيضاً. لم أقصده في وعيي، لكنها أشياء فرضت نفسها..، كيفما اتفق. لاوعي الفنان بداخلي. أوحى بها لريشتي، من خلالها.. أثبت ذاتي، أبدعتها في غفلة من وعيي، انتهيت من إبداعي. استراحت سريرتي، اطمئن قلبي. هدأ عقلي، أسرعت لصالة العرض، سلمتها..
في اليوم التالي. ذهبت لأستكشف الأعمال المشاركة، لم أرَ أي عمل سوى رائعتي، ذوو الشأن أمام معجزتي. متأملين لأسطورتي..
من لحظتها. أعيش فى الضوء الأبيض بكافة مكوناته..

انتهت ،،

بقلمي/ عصام سعد حامد

مصر أسيوط ديروط



//القراءة//
بعض النصوص بعد قراءتها تدرك ان السبيل اليها العقل او القلب او الخيال..فالخيال هنا بلغته العقلية التاملية تتيح لك ان ترافق حركة الفكرة والحياة التي اقترحتها رؤية النص..وموقفه من الابداع .
يريد ان يظهر ابداعه الذي يؤمن انه جيد ويبتكر وبذلك يحقق ثقته بذاته ويحقق سلامه النفسي ..
البنى التي رسمت ملامح عيشه للحال
فكر تأمل ..حلم ..
واغمض عينيه يسافر في رؤياه ..الهمه ذلك رمزا العمامة ..والانوار تخرج منها...وكرسيا ..عاد الى وعيه فرأى شيخا بعمامته دعاه ..كان تجسيدا للرؤية ..استسلم لريشته ..رسم العماة والكرسي ..واختفى التجسد ..
الرسم بنية كالبحر ..الوان ومخيلة وتقنيات عوالم تاتي لتسكن في لحظة من الزمن ..وتخلد ..
التجسد للبصر طاقة من الذاكرة البصرية ..بنية المبدعيين كغيمة الشاعر ..وايكة الموسيقي بجوقة التغاريد والريح وموج البحر و رقصات الطيور ..كهذا التجسد الرمزي للرسام..
وبنية اخرى هي المعرض اي الذات امام المتذوقين ..هنا كما اخفت الذاكرة جسد الشيخ اخفت اللابداع من المعرض ..فلوحته لانها من الذات
تمثل رمز الامة وكرسيها .. بلا جسد الامة ..اي ان الامو غقدت ريادتها ..وما بقي الا رمز ذلك..
فبنية الاخفاء والتجسد عبرت الى ان الفن يستطيع ان يكون كتابا للروح يشع بكل نواياها ..فبنية الانوار ..حول العمامة تحيل الى مركز الاشعاع الروحي التي كانت لقوة وجود الامة الحضاري الروحي والمادي.
اذن النافذة كانت التامل ..التفكر التخييل ..بطاقة الذات ....فرسمت ذاتها الجمعية في حالها الحاضر والماضي.
وعندما رأى الجمهور قالت لهم ..ها انتم..اين جسد من يحمل الاشعاع..ويلبس العمامة ويجلس على كرسيها .؟
فالتقليد لا يسكن الذاكرة والتأمل ..والفن الذي يحقق ذاته لا يغرف من خارجها ..بل يسبح فيها فيمتاح ما يغنيه ويمنحه سلامه النفسي ..او يجيب عن اسىلته ويمحو حيرته ويهديه الصواب وبوصلته.

سليمان جمعة


342387161_153035854405053_5663666528007028292_n.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى