جبّار الكوّاز - نكاية الإشراقات

الرجل الذي يتناسل نكاية بنساء الرمل / اشترى حدوة الوقت ودكة الموت / وقامر أن يترك ما بين الخلان وصايا أوراق التوت / فصار معتزلاً كالبومة ، غدّار كالضبع ، نهازاً كالضب / الرجل الذي فيه الظلمة شمعة / ومن الريح صراخ / ومن الماء صحارى / ناكد في النهر القاع / فلم يرسم ما بين يديه سوى خيط حصى / وصارع برقاً فلم يفجع بسوى حدقات بنيه / وحفر الآبار ليردم نهر الخلد فجفت دمعات الأطفال / الرجل الذي أتقن رسم الشوكة حين يفكر بالورد / ويوجع شتم الأحياء على مائدة البدو الرحل / ويبتر ظل الإبرة مختنقاً بضياء الروح / بنكاية آلهة ( الأولمب ) أنبتَ في كتفيه جناحين / وباض كديك حبشي وقلب الكرة الأرضية على قرنيه / الرجل الماسك من جمرة أسئلة الأموات / ثلوج أغاني الآخرة / ومن الشعر هواجس طلسم البدء / ومن الأمطار تواريخ دماء تتأرجح في إقليم القتل / ...
الرجل ...
ذو الأنياب الخشبية
ذو الساق المفلوجة
ذو الأنف المعقوف
ذو العين الزرقاء
ذو الكف اليابس
ذو الوجه الأمرد
ذو الرأس الجوزة
معوج ونحيف / منكسر كعوسجة في حقل الملح / تسامرها يرقات يهوذا / ...
الرجل ...
بنكاية أيم الأسبوع ألغى الأحد والجمعة والأثنين
صيّر ضحكته رمزاً لخميس الارزاء
(بنكاية قوس قزح ) علم هذي الناس /
نسيان الألوان
رسم الناس الحقل قفصاً
والقفص كوزاً
والكوز دقيقاً
جعلوا الدم على قارعة الجب حضناً لغيابت يوسف / .
الرجل ...
( وهو يحاور في آخرة العمر / جلاس أواخر قرن الموت /المتخومين بجوع لا يشبهه جوعاً /
فلسف للصم والبكم معاني مائدة الروح /
فتكلم بأصابعه /
واشار بفيه /
ولم يعجز /
بل أعجز بخطوط الشيب لهيب الرأس /
الرجل ...
المهموم الموهوم
الحالم الظالم
العاشقُ الباشقُ
العابث والحانث
الراكض والرابض
الواقف والخائف
الأسرُ والناصرُ
الميتُ والحي
ظل يتجدّد بشبيه وشبيه وشبيه ...
أشار إلى شرق المتوسط
حدد منطقة القتل الممزوج ببترول العار
أعاد الدرس مراراً
وتعلم خطة قتل الروح / .
الرجل ...
المهووس بقطع رؤوس البصل
أفلح أن يجتاز النهر بلا منة
ونكاية بحراس الضفة المجهولة
أوقد من ميسمة أترجة دم
ساق قطيع الغلمان الى مخدعه
طمأن أحلام القنفذ وهو يقارن رمش الخطوات ( ونكاية بالأيل والضفدع والخطاف )
اشر من غمزة عينيه فأنهار الضوء كظلام يقطف خزف الأيام /
من يرسم خارطة الكفين ؟!
يسرق بدلاً عنها خارطة الميتين
ومن يحفظ بنكاية ماء الجنة ؟!
قوارير الهم العذري
الرجل المتواصل برجولة صل الأرض / أومأ للغيم
فلم يحمل بسوى خطوات الخوف والأمطار /
( ونكاية ) بالخديعة صار ثعلباً
وبالقدر صار ذئباً
وبالشرف صار أسداً
والغفلة صار مصيدة
وبالحيلة صار صياداً
وبالفتنة صار إمرأة
فمشى حتى أخصى نفسه
وحين دعوه الى الذبح /
شلت قدماه
وجمدت كفاه
وجحظت عيناه
وظل بجبِّ الشرق الرجل الفرد .

بابل - 5 مايس 1998

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى