د. سيد شعبان - ذات الثوب الأرجواني!

تظهر اللوحة مشهدا لم يفطن إليه معظم الذين توافدوا على المعرض، كان حلمها أن يلتف حولها المعجبون، تمتلك موهبة مزج الألوان، تمسك بريشتها في مهارة، تسجل أدق التفاصيل، معلمة الفصل شجعتها، أثنت على الظلال التي تتماوج، ترسم بيد أما الأخرى فمختبئة خلف طيات ثيابها، لم تعجزها، يعابث الهواء خصلات شعرها، تتركه ينساب كما يشاء، يبدو أشبه بجواد نافر!
حاولت معابثها، هل تراها بلا قلب؟
مضت بها الأيام، لم تزدها إلا جمالا!
في معرضها صور تكاد تتحرك، ذات أسلوب متميز، سجلت أنماط الحياة في المحروسة، أسواق وباعة، نسوة يتدثرن بالشيلان الوردية، جمال يحتفي به الفنانون، تجري وراء المشاهد المركبة، في واجهة المعرض لوحة فتاة
يتناثر الورد بين يديها، دموع تتساقط من عينيها، قطة تجلس بجوارها، شمس تشرق، يمامة تفرد جناحيها، اقتربت من اللوحة، تكاد الفتاة تنطق، أتمعن في الخيوط، إنها تنسج ثوبها الأرجواني!
تتعدد اللوحات، طفلة تمسك بدمية تقطر دما، أوراق متناثرة، أي فكرة تكمن وراء تلك المشاهد؟
علب حليب ملقاة، ضفائر لفتيات، فرشاة ألوان بلا يد!
سنبلات قمح تناثرت حباتها، مأذنة منكسرة، أيقونة للعذراء مريم،!
هل تراها فرت من يوم الحشر؟
لم أجد في ذلك المعرض تلك اللوحات الفارغة، امتلأت بالمشاهد اليومية، ثمة نقاد يتابعون.
انتحيت جانبا، لدي حوار معها، كلفتني الصحيفة أن أقدمه للقراء، صحيفة الفنون تخصص العدد القادم لمتابعة المواهب الجديدة.
حاولت جاهدا أن أستخرج منها بضعة جمل، كانت تنظر بعيدا، توقفت عيناها عند لوحة معينة، أخبرتني :
تلك أمي، كنا معا، تحتفظ ذاكرتي بمشاهد ذلك اليوم، ساعتها شملتني أمي.
التفت حولي، لم أشعر إلا بأنني في المشفى، بلا ذراع عشت، انتبهت لمن يخبرني، إنها ارتحلت بعيدا!
من يومها، أمسكت بالريشة محاولة تسجيل رحلة الآلام!

د. سيد شعبان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى