محمد أبوالعزايم - أُغنيةٌ بيضاء..

(إلى محمد المسلمي)


تَكونُ المَحطَّاتُ سهرانةً،
والمسافاتُ غافيةً،
والمواعيدُ _هذي التي أجلَّتها الحياةُ_
مـُهيَّئةً للسُّرىٰ نحوَ أقدامنا المُتعَبة.
يكونُ على مِعطفٍ أبيضٍ
أن يَمُدَّ طريقًا إلى رِئتيهِ هواءُ الخِزانةِ
حتى تجرِّبَ فيهِ الأغاني الحبيساتُ
أنفاسها اللاهبة
يكونُ على مِشجَبٍ عاطلٍ
أن ينوب عن الكاهلَين _قليلًا_
لكي يلتقي صاحبٌ صاحبَهْ
ويسألَهُ : يا رفيقُ،
أكانتْ معاطفُنا البِيضُ صخرًا حمَلناهُ
أم سُلَّمًا نرتقيهِ إلى حيثُ تبدو الحقائقُ
أزياءَ رسميَّةً ترتديها السماواتُ،
والأرضُ
يُلبِسها الزيفُ أسمالها الكاذبة؟
وهل كان هذا الغناءُ الذي مازَجَ الروحَ
تسليةً للطريقِ،
أم الزَّادَ،
أم قدرًا نتَّقيهِ، وحين نفِرُّ
تُلاقيهِ في آخر الدرب خطْواتُنا الهاربة؟
لنا قمرٌ _ يا صديقي_ نُعَلِّمُ أحجارَهُ
أن تُضيءَ_ إذا ما سُئلنا_
ليصدعَ بالنور والأجوبة
ولنا شجَرٌ واثقٌ مثلَ وجهِ الربيعِ،
نَصُبُّ اخضرارَ الملامحِ فيهِ،
ونُشهِرُ أغصانَهُ حينَ يُخبرُنا الوقتُ
أنَّ خريفًا _بأوجُههِ الصُّفرِ_
يحشِدُ أيامَهُ الكامناتِ على مقرُبة
لنا أن نُجافيَ أشباهَ أسئلةٍ
يقتضيها فُضولُ الكلامِ،
ونمضَي إلى حيثُ نُطعمُ صَفوَتَهُ
خُبزَ أسئلةٍ واثبة.
هُناكَ، على رَبوةٍ في أعالي الغيابِ
نُربِّي الحضورَ نشيدًا يليقُ بصوت البلاد التي
_إذ تُغنِّي_ تُغني لكي تنْثُرَ الأُغنياتِ رجومًا
تَرُدُّ الخفافيشَ عن ليلِ ناسِ البلادِ،
وتَدرَأُ عن سمعِهم ما تُحاولهُ الأغرِبَة
لنا رِفقةٌ مِن طيورٍ حواصلُها مِن حريرٍ،
ونبعٌ تَمَخَّضَ
_في سالفِ العِطرِ_
عن ماءِ وردٍ،
وعَمَّدَ أرواحَنا مِنهُ؛ كي يعرفَ الوردُ أهليهِ
إنْ حاصرَ الزيفُ صوتَ الربيعِ،
ويعرِفَ أهلوهُ أشياعَهُم، والخليقةُ في
طَورِ طينَتِها اللازِبَهْ
وللصوتِ حظُّ الأغاريدِ مِنَّا
حمَلْناهُ يومَ تمايَزَت الطيرُ..والأنصِبة.

----------------
محمد أبوالعزايم

* فيما يخص الشعر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى